
أوج – القاهرة
التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في المقر الصيفي بقصر فورت دي بريجانكون الفرنسي، وذلك لتنسيق الجهود المشتركة بشأن الأوضاع في ليبيا، ما فتح الباب للتساؤل حول إمكانية التعاون بين فرنسا وروسيا بشأن ليبيا، أم أنها قد تكون “لعبة سياسية”؟
التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في المقر الصيفي بقصر فورت دي بريجانكون الفرنسي، وذلك لتنسيق الجهود المشتركة بشأن الأوضاع في ليبيا، ما فتح الباب للتساؤل حول إمكانية التعاون بين فرنسا وروسيا بشأن ليبيا، أم أنها قد تكون “لعبة سياسية”؟
وكالة “سبوتنيك”، أجابت في تقرير لها، طالعته وترجمته “أوج”، عن هذا التساؤل، مشيرة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعرب عن رغبته في تنسيق الجهود التي تبذلها موسكو وباريس بشأن تهدئة الأوضاع في ليبيا، لافتة إلى أن بوتين قبيل اجتماعه بماكرون قال: “لدينا موضوع مهم، هو ليبيا، فنحن بحاجة إلى السعي لتحقيق المصالحة بين الأطراف المتحاربة في ليبيا، وأود أن أعرف موقف فرنسا من هذه القضية من أجل تنسيق جهودنا”.
وأوضحت الوكالة الروسية، أن روسيا وفرنسا لهما اتصالات قوية في طرابلس وبنغازي، متسائلة: هل يمكن للتعاون بين باريس وموسكو أن يسفر عن نتائج فعالة؟
ووفق التقرير، قال منصف الجزيري، الباحث بمعهد الدراسات السياسية والدولية بجامعة لوزان، إن الإجماع على إيجاد حل للأزمة الليبية، ينمو بين البلدين، ونظرًا لعدم وجود تصريحات نهائية صادرة عن الرئيسين، فلا يمكن طرح فرضيات، لكنه يمكن افتراض أن هذا التوافق لن يتجاهله مجلس الأمن، وسيتم أخذه في الاعتبار.
وأضاف الباحث: “يبدو لى أن الجانبين الفرنسي والروسي يريدان العمل على تنسيق الجهود للوصول بالأطراف المتحاربة للموافقة على وقف إطلاق النار بشروط معينة”، مؤكدًا أن هذا يمكن أن يقود إلى قمة ثلاثية أو رباعية.
وفي سياق متصل، أشار الباحث في المعهد الهولندي للعلاقات الدولية كلينجينديل والمتخصص في الشأن الليبي، جليل حروشي، إلى أن إثارة بوتين للقضية الليبية قبل لقائه مع ماكرون ما هي إلا “لعبة دبلوماسية”، قائلاً: “لا يجب أن تأخذ كل ما قيل حرفيًا، فلا يوجد موقف يتطلب التنسيق، وهذا ليس اجتماع عمل حقيقي، لكنها محاولة من ماكرون لإظهار أنه سيد الموقف وبادئ الاجتماع مع روسيا، عشية قمة مجموعة السبع التي استُبعدت منها روسيا”.
وكشف حروشي، أن تصريح الرئيس الروسي بأنه يرغب في معرفة موقف فرنسا من القضية الليبية، كان بمثابة “تلميح ساخر” لتذكير الجمهور بأن فرنسا مشوشة إلى حد ما، بين موقفها الرسمي والفعلي بشأن ليبيا، مشيرًا إلى أن فرنسا تواصل إعلان دعمها لحكومة الوفاق المعترف بها دوليًا في طرابلس، لكنها في الواقع توجه كل دعمها العسكري والسياسي والإيديولوجي والدبلوماسي إلى قوات الكرامة بقيادة خليفة حفتر.
ووفق الباحث، فقد فقدت فرنسا فرصتها للتحدث إلى الفصيلين الرئيسيين في ليبيا، قائلاً: “ليس لدى فرنسا مجال للمناورة لأنها متورطة أكثر من مرة في دعم حفتر، وعلى سبيل المثال صواريخ جافلين الأخيرة، المضادة للدبابات، والتي اشتراها الجيش الفرنسي من الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من المقرر تدميرها، ولكن تم اكتشافها في مدينة غريان بعد تخلي قوات حفتر عنها بشكل عاجل”.
ووفق الباحث، فقد فقدت فرنسا فرصتها للتحدث إلى الفصيلين الرئيسيين في ليبيا، قائلاً: “ليس لدى فرنسا مجال للمناورة لأنها متورطة أكثر من مرة في دعم حفتر، وعلى سبيل المثال صواريخ جافلين الأخيرة، المضادة للدبابات، والتي اشتراها الجيش الفرنسي من الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من المقرر تدميرها، ولكن تم اكتشافها في مدينة غريان بعد تخلي قوات حفتر عنها بشكل عاجل”.
ولفت حروشي، إلى أن هناك قوة أخرى محسوسة في المنطقة، وفي هذا الصراع تحديدًا، مشيرًا إلى أن التدخل التركي في الشؤون الداخلية لليبيا لا يمكن إنكاره ولا إنكار قوته، قائلاً: “تركيا تنتهك حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة وتزود طرابلس بالأسلحة والطائرات بدون طيار والعربات المدرعة”، مؤكدًا أن سياسات روسيا في هذا السياق تسمح لها بالدخول في حوار مع تركيا، حيث تربطها بتركيا علاقات وثيقة، في حين أن فرنسا لا تستطيع أن تفعل الشيء نفسه.
من جانبه، قال الباحث المتخصص في الشأن الليبي بجامعة منوبة في تونس، رافع طبيب، إن موسكو وباريس لا توافقان على سياسة تركيا التدخلية الواضحة، وإمدادات الأسلحة، وإرسال الإرهابيين من بعض المناطق في شمال سوريا إلى ليبيا، مشيرًا إلى أن روسيا وفرنسا لديهما نظرة سلبية للغاية للتدخل التركي.
ووفقًا للباحث التونسي، فإن البلدين “لديهما ما يكفي من الحلفاء في المجالات الاجتماعية والسياسية والعسكرية في ليبيا لجعل البلاد تتوصل إلى سلام عادل نتيجة للمفاوضات”، مؤكدًا أن الوضع في ليبيا يتطلب تعاملاً خاصًا، لافتًا إلى أنه لفترة طويلة رفضت حكومة السراج أي شكل من أشكال تقاسم السلطة، تحت ادعاء الاعتراف بها دوليًا، قائلاً: “في الوقت الحالي، ينقسم المجتمع الدولي إلى حد كبير بشأن الاعتراف بهذه الحكومة”، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة مستعدة الآن للمضي قدماً في المزيد من الإجراءات الاستباقية”.
وأضاف الباحث التونسي: “أولاً، لدينا قوى مثل روسيا تسعى للتوصل إلى حل سياسي، وثانياً، الأمم المتحدة غير راضية تماماً عن السياسة التركية المتمثلة في التدخل في شؤون الدول الأخرى، وعلى وجه الخصوص، بسبب شحنات الأسلحة إلى ليبيا والتي تحظرها الأمم المتحدة “.
من جهة أخرى، رأى العضو السابق في البرلمان الأوروبي ورئيس مجلس موليتور الدولي للأبحاث، ميشيل سكاربونشي، استبعاد فرنسا من قائمة “المؤثرين” في المنطقة، قائلاً: “اليوم، الدولة الوحيدة التي يمكنها التأثير على تركيا هي روسيا، دعونا نثق في الرئيس الروسي، لقد أثبت خبرته في سوريا، وكان قادرًا باستخدام العديد من الحجج من الضغط على أردوغان، إنها لعبة خفية، لكنه يعرف كيف يلعبها”.
ووفق التقرير، شكك عضو البرلمان الأوروبي السابق في دور الأمم المتحدة في ليبيا، قائلاً: “لمدة أربع سنوات، ظهرت جميع أشكال التجارة غير القانونية الموجودة في ليبيا، من تهريب المهاجرين، وتجارة الرقيق، وكل هذا كان يحدث تحت نظر السراج، الذي في رأيي أن منصبه هو رئيس وزراء الأمم المتحدة، والذي وُجد في هذا المنصب ليس بإرادة الشعب الليبي، ولكن فقط بسبب إرادة الأمم المتحدة”.
وقبل أسبوع من اجتماع بوتين وماكرون، دعت وزارة الخارجية الروسية، من خلال المتحدثة باسمها، ماريا زاخاروفا، أطراف النزاع في ليبيا إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات وبدء عملية سياسية ووضع حد للقتال، قائلة: “بالنسبة لنا، لا يوجد بديل للتسوية السياسية للأزمة الليبية”.
يذكر أن خليفة حفتر، أعلن يوم 4 الطير/أبريل الماضي، إطلاق عملية لـ”تحرير” العاصمة طرابلس من قبضة “الميليشيات والجماعات المسلحة”، بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي في ليبيا، عن عقد الملتقى الوطني الجامع، بين 14- 16 الطير/أبريل الماضي بمدينة غدامس.
وكان الأمين العام للجامعة العربية دعا جميع الأطراف الليبية لضبط النفس وخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد، والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا، والعودة إلى الحوار الهادف للتوصل لتسوية وطنية خالصة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق المدعومة دوليًا، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، حكومة شرق ليبيا المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.