محلي
حتيتة: الدول الغربية وقطر قتلت القذافي لأنه كان صداعًا في رأسها

أوج – القاهرة
قال الكاتب الصحفي المصري، عبد الستار حتيتة، إن السنوات التي مرت على اغتيال القائد الشهيد معمر القذافي، كشفت عن كونه شخصية عظيمة، يجمع بين التواضع والعقلية الاستراتيجية الجبارة، ويتمتع أيضا بالقدرة على المواجهة، وليس من شيمه تأجيل القضايا الكبيرة والابتعاد عنها.
وفند حتيتة، في تصريحات خاصة لـ”أوج”، تفاصيل هذه السمة “المواجهة”، التي يتفرد بها القائد الشهيد، فيقول إن أكبر مواجهة كانت في شهر التمور/أكتوبر عام 2010م، عندما أرادت فرنسا ممثلة في شركة توتال والنظام القطري، الاستثمار في مجالي الغاز والنفط الليبي، وبالفعل تم عرض هذه المشروعات الاقتصادية الكبيرة على الشهيد، لكنه رفضها لأنها كانت تصب في مصلحة الدولتين لا في مصلحة الدولة الليبية.
وأردف أن سلاح المواجهة، الذي اختاره القائد، عارض “التفاهمات” التي عقدت بين الطرفين الفرنسي والقطري، ما أدى إلى الاتفاق على “عقاب القذافي”، مشيرا إلى أن هناك رسائل مباشرة أرسلت إلى الدكتور سيف الإسلام عبر رئيس قناة الجزيرة القطرية، وقت اندلاع الأحداث في تونس الشقيق، مفادها إذا لم يوافق الشهيد على هذه الصفقات سيتم تأليب الرأي العام عليه، أي أنه “سيدفع ثمن معارضته لهذه المشروعات وأن الدور جاء عليه”، وهو بالفعل ما حدث واستخدم ضده كل شيء كان في الإمكان.
واستطرد الكاتب المتخصص في الشأن الليبي، أن القائد اختار منذ بداية ثورة الفاتح مواجهة الدور الفرنسي الأوروبي في أفريقيا، حيث كانت سياسته تسير وفق منهج “الهيمنة العربية” على القارة الأفريقية ومنع التغلغل الفرنسي الأوروبي فيها، مبرزا دوره مع القبائل في مالي وبروكينا فاسو وجيبوتي، مبينا أنه عندما سافر إلى الأخيرة استمع بنفسه لبعض هذه القبائل التي مازالت تدين بالولاء للشهيد لمعرفتها أنه كان يقدم المصالح الأفريقية على المصالح الاستعمارية وهو ما سبب له عداء غربي جعله في مرمى نيرانها.
واستكمل في متابعة خطوات اهتمام القائد بالبعد الأفريقي، موضحا أنه عمل منفردا لإنجاز مجموعة من الأمور المتعلقة بتكوين جيش أفريقي وعملة موحدة، وهي كلها أمور مقلقة بالنسبة للدول الاستعمارية، مشيرا إلى أن الدول العربية الكبرى التي كانت من المفترض أن تكون داعمة ومؤيدة لمواقف القائد لم تكن كذلك بل عمد إعلامها للتقليل من هذا الدور العربي في أفريقيا و”السخرية منه”.
ولفت النظر إلى أن السخرية التي كانت تعتمدها بعض وسائل الإعلام العربية، من ألقاب الشهيد مثل ملك ملوك أفريقيا تنم ربما عن جهل بطبيعة التركيبة الاجتماعية التي تتكون منها القارة الأفريقية لأنها عبارة عن قبائل واختيار أي رئيس يعتمد على هذه القبائل، وهذه الأخيرة منحت القائد لقب يماثل شيخ شيوخ القبيلة أو سلطان السلاطين.
وأضاف أن هناك بعدا آخرا أدى إلى اغتيال الشهيد، يمكن عنونته تحت مسمى “الحرب على النفط والغاز”، فهناك دول في “منطقة الخليج العربي”، تنافس الدولة الليبية على النفط والغاز، لمعرفتها بأن القدرة الإنتاجية لليبيا، إذا ما وصلت إلى كامل طاقتها ستغطي الاحتياجات العالمية، لذا فهي تتحالف مع بعض الدول الغربية من أجل الاستحواذ على المشاريع الاقتصادية المتعلقة بهذين الملفين.
وعرج حتيتة، على أن قطر بعدما فشلت في الدخول إلى الاستثمارات في ليبيا مع فرنسا، حاولت مع شركات أمريكية وبريطانية، خوفا من “استقلال القرار الليبي” تحت عباءة أفريقية تكون مظلة حماية ودعم للنظام الليبي، نظرا لمتانة العلاقات الليبية الأفريقية، وأيضا استقلال القارة السمراء بعيد عن الدول الاستعمارية التقليدية، التي مازالت تتكالب عليه للحصول على موارده، والتي رأت أن أي هيمنة عربية ستؤثر بالسلب على هذه الطموحات والتطلعات العالمية في أفريقيا.
وأثار الكاتب الصحفي، ما وصفه بـ”التخوف الأوروبي”، من تنامي العلاقات القوية المتشعبة للقائد الشهيد واتصالاته الكبيرة بمختلف القوى والرؤساء والزعماء حول العالم، فأصبح لزاما على هذا العالم الغربي التخلص من عناء ما يقوم به، مؤكدا أن هذه الدول ماتزال تصر على عدم عودة الدولة الليبية إلى سابق عهدها خاصة فيما يتعلق بالاهتمام الأفريقي لفهمها العميق لهذا الدور الليبي في القارة السمراء على مر التاريخ.
وذكر أن فرنسا لديها أطماع في التواجد في الدول الأفريقية للحصول على الثروات المعدنية مثل اليورانيوم وفي سبيله تبذل مساعيها في دول الحزام الأفريقي لجعل القرار السياسي للدول الأفريقية ذا توجه فرنسي، وتابع “القذافي كان بمثابة الصداع في رأس فرنسا منذ الحرب الليبية التشادية”.
وانتقل الكاتب، إلى نقطة أخرى تبرز تفاصيل “الضرورة” التي رآها الغرب في التخلص من الصداع الذي أحدثه القائد بخيارات المواجهة التي أوردها حتيتة سالفا، مشيرا إلى أن السياسة الأمريكية كانت تتوافق مع دويلة قطر، التي كانت تهدف إلى الهيمنة على تيارات الإسلام السياسي بحيث يستطيع الأمير القطري الإشراف على كل المفاوضات بين الغرب والمتطرفين، ويصبح متحدثا رسميا باسمها.
وقال إن هذا الفكر وجد “رضا أوروبي”، وتكشف مع المفاوضات التي أبرمتها مع سجناء أبو غريب، وقيادات الإسلام السياسي الذي أفرج عنهم بعد 2005م، من سجن أبو سليم، لتستغلها الدول الغربية وقطر وتركيا للانقلاب على الشهيد، ويأتي على رأسهم أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، عبد الحكيم بلحاج، وعضو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يتزعمه يوسف القرضاوي، علي الصلابي.
وختم بأن الكثير لم يتم كشفه حتى الآن بشأن هذه التفاصيل المهمة التي توضح العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والتنظيمات الإرهابية ومتحدثها الرسمي: قطر وداعمها الأساسي: تركيا، مؤكدا أن حادث مقتل السفير الأمريكي لدى ليبيا، كريستوفر ستيفنز، عام 2012م، في بنغازي، ربما يكشف “علاقات تحت الطاولة”، بين هيلاري كلينتون وبين هذه الجماعات المتطرفة وبين قطر.
وقبل ثماني سنوات نفذت فرنسا مخططها مع دويلة قطر، للتخلص من القائد الشهيد، وأظهرت الأدلة والوثائق تورط تنظيم الحمدين في تمويل ودعم المليشيات الإرهابية وجماعة الإسلام السياسي، لنشر الفوضى في البلاد.
وقبل ثماني سنوات نفذت فرنسا مخططها مع دويلة قطر، للتخلص من القائد الشهيد، وأظهرت الأدلة والوثائق تورط تنظيم الحمدين في تمويل ودعم المليشيات الإرهابية وجماعة الإسلام السياسي، لنشر الفوضى في البلاد.
وبدأ سيناريو التدخل القطري الفرنسي لتدمير ليبيا، ليس فقط بإثارة الفتن في البلاد، بل أيضا بدعم التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، وصولا إلى القصف العنيف والعشوائي على سرت واغتيال القائد في الـ20 من شهر التمور/ أكتوبر 2011م.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق المدعومة دوليًا، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، حكومة شرق ليبيا المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.



