«فاينانشيال تايمز»: أردوغان وراء تعنت السراج في المفاوضات

أوج – القاهرة
تناولت صحيفة ” فاينانشال تايمز” البريطانية، الحرب بالوكالة الدائرة في ليبيا بين دول إقليمية تشعل الصراع الليبي، بحثا عن مصالحها الشخصية وطمعا في الثروات الليبية، موضحة أن دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحكومة الوفاق غير الشرعية سبب تعنت رئيسها فائز السراج في المفاوضات.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها، طالعته وترجمته “أوج”، أن دول الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا تدعم خليفة حفتر، الذي يسيطر على المناطق الشرقية والوسطى والجنوبية من البلاد، وعلى الجانب الآخر، عززت تركيا دعمها العسكري لحكومة الوفاق غير الشرعية المسيطرة على طرابلس وتدعمها الأمم المتحدة.
وأضافت أن الكثير من الليبيين يعتقدون أن هذه القوى الخارجية المسؤولة عن تحديد ما إذا كان القتال سينتهي، وسط تحذيرات من الدبلوماسيين بأن جميع الخصوم يخاطرون بدخول أعمق في حرب بالوكالة طويلة الأمد، تهدد بالانتقام من الساحل عبر شمال أفريقيا إلى البحر المتوسط.
وأكدت الصحيفة أن التطورات الإقليمية أثارت بالفعل التوترات بين مؤيدي حفتر وتركيا، التي ينظر إليها بشكل متزايد من قبل أبو ظبي والقاهرة والرياض باعتبارها قوة مزعزعة للاستقرار في العالم العربي وداعمة للحركات الإسلامية التي يرون أنها تشكل تهديدًا للمنطقة، وأصبحت ليبيا المسرح، حيث تلعب هذه المنافسات تأثيرًا مميتًا على ساحة المعركة.
ولفتت إلى اعتقاد الليبيين بأن التدخل الخارجي في بلادهم، يرجع لرغبة القوى الأجنبية في السيطرة أو الوصول إلى موارد ليبيا الوفيرة وموانئ البحر المتوسط، كما أوردت الصحيفة تصريحا سابقا لوزير الداخلية بحكومة الوفاق غير الشرعية، فتحي باشاغا الذي قال: “المشكلة ليست فقط في ليبيا، بل بنسبة 20% داخلية، و80% بسبب التدخل الخارجي”.
وتابعت أن السنوات التي أعقبت سقوط النظام الجماهيري في 2011م، اتسمت بالعنف الذي خلق أرضا خصبة للعصابات الإجرامية والمتطرفين والمتاجرين بالبشر الذين يستغلون المهاجرين، مؤكدة مقتل 2000 ليبي على الأقل، كما أجبر أكثر من 150 ألفا على الفرار من ديارهم في مناطق مثل عين زارة منذ بدء العمليات على طرابلس في شهر الطير/ أبريل الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى تحول في ديناميات الحرب خلال شهر آي النار/ يناير الماضي بعدما نشرت تركيا قواتها في ليبيا، استجابة لطلب حكومة الوفاق المحاصرة، حيث أرسلت أنقرة إليها المستشارين العسكريين والمدفعية والذخيرة وغيرها من المعدات، ليتم زعزعة تفوق قوات حفتر.
ولفتت إلى دعم تركيا الوفاق بأنظمة دفاع جوي أمريكية الصنع من أجل تغطية مساحة من الأراضي الخاضعة لسيطرتها من الزاوية إلى مصراتة، والتي يبدو أنها عطلت تهديد الطائرات بدون طيار، مؤكدة أن أنقرة أرسلت مليشيات تركمانية سورية إلى ليبيا، حيث يقدر أن هناك حوالي 3000 مقاتل سوري في ليبيا.
وذكرت أن رسالة أنقرة إلى حفتر ومؤيديه بدت واضحة بأنها لن تسمح بسقوط طرابلس، كما أثار تدخلها القوي في ليبيا موجة من الدبلوماسية؛ ففي آي النار/ يناير الماضي، تم إطلاق مبادرة روسية تركية للتوسط في هدنة بين طرفي الصراع الليبي، لكنها تعثرت عندما غادر حفتر موسكو دون التوقيع عليها.
واستطردت: “لكن يبدو أن رؤية موسكو وأنقرة للمبادرة أدت إلى تأجيج القوى الغربية؛ فبعد أيام، استضافت ألمانيا مؤتمرا في برلين حضره زعماء أوروبيون والقوى الأجنبية المشاركة في الصراع، دعا إلى وقف الأعمال العدائية ووضع حد للتدخل الأجنبي، وبدلاً من ذلك، تم ضخ المزيد من الأسلحة في ليبيا، مع تسليح اللاعبين الأجانب لوكلائهم للحد من نفوذ منافسيهم الإقليميين”.
وتناولت الصحيفة البريطانية، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال الشهر الجاري، بأن ما يحدث في ليبيا “فضيحة”، كما قال مبعوثه غسان سلامة إن طرفي النزاع الليبي استفادوا من وصول أنواع جديدة من الأسلحة والذخيرة، وأيضًا من وصول مجندين جدد أو مقاتلين أجانب جدد”.
وأشارت إلى اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في العاصمة السويسرية جنيف هذا الشهر، لكن بالنظر إلى فشل المبادرات السابقة وتراكم الأسلحة وعدم الثقة بين الجانبين، فإن القليل في طرابلس يراهنون على قرار سريع، موضحة أن الدعم التركي لحكومة الوفاق شجع الفصائل الموالية لها، مما يعني أنها تبدو الآن أقل استعدادًا للتفاوض.
كما تناولت الصحيفة تصريحات رئيس المجلس الأعلى للإخوان “مجلس الدولة” خالد المشري التي قال فيها: “حفتر لا يتحكم الآن في الهواء (الطيران)، أعتقد أننا نتحرك قريبًا من مرحلة دفاعية إلى مرحلة هجوم”، وأضاف: “نحن نصر على حل سياسي لا يشمل حفتر”.
وقال المسؤولون والدبلوماسيون في طرابلس، بحسب الصحيفة، إن حكومة الوفاق لم تطلب من أنقرة المزيد من الدعم العسكري، إلا بعد فشلها في حشد الدعم من القوى الأوروبية والولايات المتحدة، حيث وافقت تركيا على تقديم الدعم بعد توقيع اتفاقية بحرية معها لمنحها إمكانية الوصول إلى موارد النفط والغاز في البحر المتوسط.
ولفتت إلى تصاعد التكاليف والمخاطر بالنسبة لأنقرة؛ حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي، إن بلاده فقدت “شهيدين” في ليبيا، دون تقديم مزيد من التفاصيل، كما تناولت تصريحات الناطق باسم قوات الكرامة، أحمد المسماري، الأحد الماضي بأنهم قتلوا 16 جنديا تركيا في الأسابيع الماضية.
وتشهد المنطقة حالة من التوتر المتصاعد، بسبب الأزمة الليبية، لاسيما بعد موافقة البرلمان التركي، على تفويض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإسال قوات عسكرية تركية إلى العاصمة الليبية طرابلس، لدعم حكومة الوفاق غير الشرعية.
يذكر أن خليفة حفتر، أعلن يوم 4 الطير/أبريل الماضي، إطلاق عملية لـ”تحرير” العاصمة طرابلس من قبضة “الميليشيات والجماعات المسلحة”، بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي في ليبيا، عن عقد الملتقى الوطني الجامع، بين 14- 16 الطير/أبريل الماضي بمدينة غدامس.
وكان الأمين العام للجامعة العربية دعا جميع الأطراف الليبية لضبط النفس وخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد، والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا، والعودة إلى الحوار الهادف للتوصل لتسوية وطنية خالصة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق غير الشرعية، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، الحكومة المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.
Exit mobile version