قال رئيس المجلس الأعلى للإخوان المسلمين، خالد المشري، إن “ثورة السابع عشر من النوار/فبراير كانت لها العديد من الأهداف، وكانت أهم أهدافها على الإطلاق الحرية والديمقراطية”، – حسب قوله.
وأضاف في مقابلة له، مع قناة ” TRT” التركية، طالعتها “أوج”: “الشعب الليبي عاش أكثر من 42 سنة في ظل نظام ديكتاتوري وشمولي وقمعي، والآن تنفس نسائم الحرية، وهذه أكبر الإنجازات، ومما لا شك أنه واجهتنا مشاكل أخرى، لكن هذا هو الهدف الرئيسي، وتحقق بقوة للشعب الليبي”.
وتابع المشري: “أجريت أول انتخابات حرة نزيهة، وشارك فيها نحو 70% من الليبيين، وأنتجت أجسام ديمقراطية، إلا أن ثورة 17 النوار/فبراير، تعرضت إلى ثورة مضادة تقودها دول بعينها، وبعد الثورة كانت التجربة الديمقراطية في ليبيا واضحة، وهذه التجربة لم يكن مرغوب فيها لدى بعض الدول، خاصة مصر وبعض الدول الخليجية”.
وواصل: “الثورة المضادة أفشلت عمل المؤتمر الوطني، واستطاعت أن يكون لها وسائل إعلام قوية، وقدمت رسائل سلبية، واستطاعت التأثير في الرأي العام، وأدخلتنا في العديد من المشاكل التي نعاني منها، ومن بينها الانقسام المؤسسي، ووأد المسار الديمقراطي والسياسي، وهذه الأمور ناتجة عن التدخلات السلبية الأجنبية، التي تُعد عاملاً رئيسيًا فيما وصلنا إليه الآن”.
وأردف المشري: “هناك أيضًا عوامل داخلية ساهمت فيما وصلنا إليه الآن، من أهمها التركة الثقافية التي تركها معمر القذافي، فكان الشعب الليبي لديه شعورًا كبيرًا بأنه هناك تهميش كبير في تقديم الخدمات والبنية التحتية، وفرص العمل والدراسة، فكل هذه الأمور جعلت هناك شعورًا عند مختلف المناطق في ليبيا أنه هناك غبن وتهميش،
وأكمل: “الجزء الثقافي مهم جدًا بالنسبة إلى الليبيين في الوصول إلى ما وصل إليه، والآن الأمور أكثر وعيًا بالإضافة الأطماع الداخلية، وعدم الرضا بنتائج المؤتمر الوطني، والتي أدت إلى الضغط عليه ومحاولة إخراجه من المشهد، هناك عدة عوامل داخلية أيضًا تم استغلالها بشكل أو بآخر، لأنه لولاها ما كان يمكن أن تُستغل بهذا الشكل، لأن الخلاف في البداية كان على أيادي ليبية، ونرى الآن أن التدخلات الأجنبية خاصة منذ عام 2014م، ازدادت حدة وأكثر انتشارًا”.
واستفاض المشري: “كان هناك انقسامًا في صف الثورة، مازال متواجدًا حتى الآن، إلا أنه ليس بنفس الحدة التي كانت في بدايات الثورة، وتيار الثورة كان مقنع لكثير من الدول في المسار الديمقراطي، إلا أن الرغبة في التغيير التي كانت عند الطرف الآخر، كانت مدعومة، وصرفت المليارات في سبيل إجهاض ثورات الربيع العربي، وعلى رأسها ثورة 17 النوار/فبراير”.
وروى: “كنا نقاوم في تيار مهم جدًا، وللأسف كل حلفائنا حتى من كانوا مقتنعين بصدق مشروعنا وحقنا، كان الدعم في مجمله سياسي وإعلامي ومعنوي، ولم يكن هناك دعم مادي حقيقي ولا عسكري، باستثناء الفترة الفترة الأخيرة، عندما تم توقيع الاتفاقية البحرية واتفاقية التعاون الأمني مع تركيا، فهذه الأشياء هي التي أعادت الأمور إلى توازنها على الأرض بعد حملة استمرت 9 أشهر على العاصمة طرابلس، وحملة أيضًا استمرت أكثر من 5 سنوات على مختلف تيارات الثورة، فقدا استطاعوا القضاء على جزء كبير من تيار الثورة في المناطق الشرقية والجنوبية، لكن المنطقة الغربية التي تضم نحو 70% من السكان، هي من استطاعت الصمود وتقود صد الهجوم والانتقال إلى مرحلة تحرير الوطن من الثورة المضادة”.
واستطرد المشري: “موافقة الاتحاد الأوروبي على إرسال بعثة مراقبة لعملية حظر أو توريد السلاح إلى ليبيا، بمثابة تصرفات مريبة، ونعتقد أنها تصب في صف الطرف الآخر، ودعم غير مباشر له، فأي منع للسلاح سيكون بشكل قوي فيما يتعلق بالحظر البحري، فنحن نعلم جيدًا أن معظم السلاح الذي يأتي لحفتر، يأتي من مصرعبر الحدود البرية، أو بشكل طيران جوي مباشر، كما أنه توجد قواعد عسكرية مصرية على الحدود البرية، واستطاعت ضرب عدة مناطق في ليبيا بما في ذلك طرابلس، عندما تم استهداف مقر إيواء المهاجرين غير الشرعيين”.
واختتم: “هذه الأشياء المقصود بها التعاون الليبي التركي، أكثر من كون المقصود بها إيجاد حل سلمي إلى ليبيا، فعندما علموا بحدوث توازن، يتم الحديث عن منع دخول السلاح، والأسلحة التي حصل عليها حفتر خلال الأسابيع الأخيرة، أكثر من التي تحصل عليها في 9 اشهر، وتقارير الأمم المتحدة كانت واضحة في خرق للحظر القائم على ليبيا، وحكومة الوفاق طبقًا للاتفاق السياسي يصح لها، استيراد أسلحة بشكل قانوني وسليم، وهذا غير مخالف لقرارات مجلس الأمن، وبالتالي هذه التصرفات مريبة والمُستهدف منها منعنا من امتلاك القوة للاستمرار في صد العدوان وتحرير باقي تراب الوطن”.
وتعيش ليبيا هذه الأيام ذكرى أليمة سببتها أحداث النوار/ فبراير 2011م، التي أدخلت بلادهم في مستنقع من الفوضى والتدمير والخراب وإسالة الدماء، بعدما تدخل حلف الناتو بمساعدة بعض الليبيين على إسقاط النظام الجماهيري، ضمن مخطط قذر يهدف إلى السيطرة على ثروات ليبيا ومقدرات شعبها.
وقبل تسع سنوات نفذت فرنسا مخططها مع دويلة قطر، للتخلص من القائد الشهيد معمر القذافي، وأظهرت الأدلة والوثائق تورط تنظيم الحمدين في تمويل ودعم المليشيات الإرهابية وجماعة الإسلام السياسي، لنشر الفوضى في البلاد.
وبدأ سيناريو التدخل القطري الفرنسي لتدمير ليبيا، ليس فقط بإثارة الفتن في البلاد، بل أيضا بدعم التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، وصولا إلى القصف العنيف والعشوائي على سرت واغتيال القائد في الـ20 من شهر التمور/ أكتوبر 2011م.
