محلي

“لا ريبوبليكا”: باشاغا رجل طرابلس القوي وصراعه مع السراج يقوّض الدور التركي في ليبيا

أوج – روما
تناولت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق غير الشرعية، أمس الجمعة، بإيقاف وزير الداخلية المفوض فتحي باشاغا، احتياطيًا عن العمل، ومثوله للتحقيق الإداري أمام المجلس الرئاسي، واعتبرت أنه يقوض الدور التركي في ليبيا.

وذكرت الصحيفة، في تقرير لها، طالعته وترجمته “أوج”، أنه بعد أيام من التوترات، تعرض فتحي باشاغا، للمساءلة من قبل المجلس الرئاسي، بينما كان في طريقه للسفر إلى تركيا، موضحة أن الاشتباكات انفجرت داخل حكومة الوفاق، بين باشاغا والسراج، بشكل مثير، بعد قرار إيقاف الأول عن العمل، الذي صدر بعد التشاور مع أعضاء المجلس الرئاسي، بمن فيهم أحمد معيتيق.

وبيّنت أن القرار جاء بتهمة عدم منع بعض المليشيات في طرابلس من إطلاق النار على الاحتجاجات السلمية، خلال الفترة الماضية، ضد الفساد وانقطاع الكهرباء، مُعتبرة أن الوزن السياسي لباشاغا يزداد، ناقلة عن مصادر مقربة من المجلس الرئاسي بأن باشاغا أثار بعض الاحتجاجات الشعبية.

وأضافت الصحيفة، أن باشاغا أصبح الرجل الأقوى في طرابلس على مدار 14 شهرًا، بحكم الأمر الواقع، وشن خليفة حفتر، عملياته العسكرية على طرابلس، موضحة أنه كان قادرًا على دعم جهود التنسيق بين القادة العسكريين في طرابلس، في ظل غياب وزير الدفاع.

وأوضحت أن باشاغا كان صاحب علاقة قوية مع تركيا وقطر؛ حيث يزور أنقرة حاليًا بصحبة رئيس المجلس الأعلى للإخوان “الدولة الاستشاري” خالد المشري، وفي الوقت نفسه، اعتمدت عليه الولايات المتحدة بشدة لقدرته خلال معركة تحرير سرت من داعش عام 2016م، لعلاقته القوية مع الجيش الأمريكي، ووكالة المخابرات المركزية والاستخبارات البريطانية.

وأشارت إلى احتفالات المليشيات المعادية لباشاغا بقرار إيقافه عن العمل؛ حيث أطلقت الألعاب النارية، لاسيما أنه أعلن منذ شهور عن خططه لتقليص تلك المليشيات نفسها التي تخنق طرابلس، وإعادتها تدريجيا إلى “الجيش والشرطة”، إلا أنه كان يعتمد على أقوى المليشيات وهي “الردع” بقيادة عبد الرؤوف كارة، الأمر الذي نسف مصداقيته في تفكيك المليشيات بصفة عامة

وتطرقت الصحيفة إلى بيان “قوة حماية طرابلس”، التي تضم مليشيات “النواصي – مكتب الأمن العام أبو سليم – ثوار طرابلس – باب تاجوراء”، والتابعة لحكومة الوفاق، الذي جددت فيه التزامها بتعليمات وقرارات المجلس الرئاسي، مُعتبرة أنه الجهة الشرعية الوحيدة في البلاد.

وذكرت القوة في بيان مُقتضب لها، طالعته “أوج”، أن قرارت المجلس الرئاسي التي وصفتها بـ”الجريئة”، تؤكد قوة السلطة الشرعية، وأنه لا أحد فوق القانون، في إشارة إلى قرار إيقاف وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، عن العمل.

وأعلنت القوة التزامها التام بتعليمات وقرارات المجلس الرئاسي، خاصة فيما يخص ضبط الأمن وحماية الوطن والمواطن، مُتابعة: “نؤكد على تمسكنا بثوابتنا الوطنية وبوحدة التراب الليبي، وأن ليبيا لن تكون إلا دولة مدنية واحدة عاصمتها طرابلس”.

واختتمت الصحيفة تقريرها بأن الصراع بين السراج وباشاغا سيكون له أثر فوري يتمثل في إضعاف حكومة الوفاق وإبطاء جهود تهدئة البلاد بشكل أكبر، بالإضافة إلى تعقيد عمل تركيا بشكل خاص، في الحفاظ على دورها الحاسم في طرابلس.

وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، أصدر مساء أمس الجمعة، قرارًا بإيقاف باشاغا، احتياطيًا عن العمل، ومثوله للتحقيق الإداري أمام المجلس الرئاسي، وكلف وكيل الداخلية عميد خالد أحمد التيجاني مازن، بتسيير مهام الوزارة، وممارسة كافة الصلاحيات والاختصاصات السيادية والإدارية الموكلة للوزير.

وتضمن القرار، التحقيق مع باشاغا، خلال أجل أقصاه 72 ساعة، بشأن التصاريح والأذونات وتوفير الحماية اللازمة للمتظاهرين، والبيانات الصادرة عنه حيال المظاهرات والأحداث الناجمة عنها، التي شهدتها مدينة طرابلس وبعض المدن الأخرى خلال أيام الأسبوع الماضي، والتحقيق في أي تجاوزات ارتكبت في حق المتظاهرين.

ويأتي إعلان قرار إيقاف باشاغا، عشية إعلان داخلية الوفاق، ضبط أحد المتهمين في واقعة إطلاق نار على المتظاهرين بالساحة الخضراء، الخميس الماضي، موضحة أنها باشرت الاستدلالات معه بعد أن تم تحديد هويته والجهة التابع لها، على أن يتم إحالته للنيابة العامة بعد انتهاء الاستدلالات اللازمة وفي المواعيد المقررة وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية.

ويرجح توقيف السراج لباشاغا، لعدة أسباب منها حديث باشاغا، في الفترة الأخيرة، عن الفساد في حكومة الوفاق، حيث قال، خلال مؤتمر صحفي تابعته “أوج”: “لدينا مشكلة كبيرة هي منظومة الفساد الذي استشرى في كل مكان وأصبح موجودًا في كل المؤسسات وله عصابات، وهناك فساد قهري وفساد طوعي، وتحاول الوزارة ملاحقته والحد منه، وتسعى مع مكتب النائب العام والمؤسسات المالية لفتح الملفات خاصة التي تطال موظفين كبارا في الدولة”.

وفضلا عما سبق، أعلن باشاغا، دعمه للمظاهرات ضد المجلس الرئاسي، ورفضه استخدام العنف ضد المتظاهرين، حيث أقرت وزارة الداخلية، قبل يومين، بإطلاق النار من قبل القوات الموالية للحكومة على المتظاهرين المدنيين العزل في طرابلس، ضد الأوضاع المعيشية السيئة في البلاد، بما في ذلك انقطاع الكهرباء والمياه بشكل متكرر وطويل على مر السنين، والوقود وغاز الطهي ونقص السيولة، وسوء الخدمات والأمن، وارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا.

واعترفت داخلية الوفاق في بيان لها، بحق المواطنين في التظاهر السلمي، وزعمت أنها وفرت الأمن للتظاهرة، كما كشفت عن تحديد هوية منفذي إطلاق النار الذين وصفتهم بـ”المندسين” داخل المتظاهرين السلميين، وادعت أنهم لم يكونوا جزءًا من وزارة الداخلية، لكنها لم تنكر اعتراف حكومة الوفاق بهم.

كما يعتقد أن من أسباب التوقيف، وعود باشاغا للولايات المتحدة بتفكيك المليشيات، حيث بحث مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الشهر الماضي، سبل التعاون في تطوير وتحديث الإجهزة الأمنية وبرامج نزع السلاح وتطوير وإصلاح القطاع الأمني بشكل عام.

وأوضح المكتب الإعلامي لداخلية الوفاق، في بيان، طالعته “أوج”، أن الاجتماع الذي عقد عبر الفيديو، حضره مدير إدارة الشرطة العربية والدولية العميد عبدالحميد الغزالي، والعميد جمال صفر مدير إدارة الشؤون المالية، والعميد فتحي عون مدير إدارة التدريب.

ومثّل البعثة الأممية في الاجتماع، بحسب البيان، ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة بالإنابة، بالإضافة إلى كبير المستشارين السياسيين لدى البعثة ومسؤولي مكتب تطوير السياسات الأمنية.

ويأتي اجتماع قيادات داخلية الوفاق مع البعثة الأممية ضمن خطوات تنفيذ التعليمات الأمريكية، حيث أكد مصدر دبلوماسي رفيع، أنه بعد التدخل الأمريكي لحسم الصراع علي الكعكة الليبية أملت أمريكا تعليماتها علي من أسماهم “البيادق” في شرق وغرب ليبيا، بفتح الحقول والموانئ النفطية بآلية وترتيبات جديدة بحيث يتم فتح حساب جديد تودع فيه إيرادات النفط ويقسم بالتساوي بين حكومتي الشرق “المؤقتة” والغرب “الوفاق”.

وأكد على صدور الأوامر الأمريكية الصارمة بخروج جميع المرتزقة من ليبيا سواء مع حكومة الشرق أو مع حكومة الغرب.

وكانت تسريبات تحصلت عليها “أوج”، أكدت عزم الوفاق التخلص من المليشيات المتحالفة معها، حيث أكد مصدر أمني مُطلع، أن فتحي باشاغا، سلم الأتراك قائمة أولية بأسماء عناصر المليشيات المراد التخلص منهم.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، في تصريح خاص لـ”أوج”، أن القائمة تضم 34 اسمًا من عناصر المليشيات في مدن طرابلس والزاوية وصبراتة.

وفي السياق ذاته، طالب باشاغا، قبل أيام، وزير مواصلات الوفاق بعدم إصدار أذونات هبوط وإقلاع وعبور للطيران الخاص، وكذلك الرحلات المُنظمة المؤقتة؛ إلا بعد أخذ الإذن منه، مُشددًا على ضرورة تقديم قائمة بأسماء الركاب، ومطار الإقلاع والهبوط لكي يتم منح الإذن.

وأرجع باشاغا ذلك، إلى معلومات واردة إليه من قبل الأجهزة الأمنية مفادها بأن هناك عناصر إرهابية تنوى الخروج من ليبيا عن طريق طائرات ورحلات خاصة، وكذلك وصول أشخاص مطلوبين على ذمة قضايا وجرائم جنائية على متن تلك الرحلات الخاصة، مشيرًا إلى أن ذلك أيضًا لضبط ومُتابعة حركة مُغادرة ووصول رحلات الطيران الخاص والإسعاف الطائر.

وبهذا القرار، فإن باشاغا أصبح هو مسؤول منح أذونات السفر لكل الوزراء والمسؤولين في المؤسسات والهيئات التابعة لحكومة الوفاق وقيادات المليشيات وحتى القيادات العسكرية، كما لم يستثن باشاغا رئيس المجلس الأعلى للإخوان المسلمين “الدولة الاستشاري” خالد المشري، ولا نوابه أو أعضاء مجلسه.

ويأتي هذا القرار، بعد تضييق الخناق على قادة التهريب، حيث كشفت رسالة مسربة من مكتب وزير داخلية الوفاق، موجهة إلى مكتب محافظ المصرف المركزي بطرابلس الصديق الكبير، بتاريخ 20 الماء/مايو الماضي؛ المطالبة بوقف التعامل وتجميد حسابات بعض قادة مليشيات الوفاق الذين يمتهنون التهريب بأنواعه بعد صدور نشرة خاصة من “الإنتربول” في حقهم، وهم أبو قرين، والقصب، والعمو، والبيدجا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى