محلي

21 مليار دينار غير معلومة أوجه صرفهم.. المدعي العام العسكري السابق يكشف التجاوزات والتزوير بدفاع الوفاق

أوج – بنغازي
كشف المستشار بالمحكمة العليا والمدعي العام العسكري السابق في طرابلس فتحي عبد السلام سعد عن وجود فساد متفشي في وزارة الدفاع، مؤكدًا أن منها أموال أُنفقت دون معرفة أوجه الإنفاق وتزوير في شهادات تخرج وإهمال لقطاع القضاء العسكري.

وذكر عبد السلام في مقطع مرئي، يعود لتاريخ 28الطير/أبريل الماضي، تابعته “أوج”: “هناك ناس تموت وناس جائعة ونجد شخص ينهب في مال الدولة.. لا يوجد شيء اسمه ليس وقته.. الجريمة عندنا جريمة بغض النظر عن من ارتكبها.. وتحدثنا في كل القضايا، منها الأراضي الخاصة بالمؤسسات العسكرية وأملاك الجيش وعقود التموين وفي كل الأجهزة التي تتبع وزارة الدفاع، فاتحين فيه ملفات.. وكلها قضايا مفتوحة وموثقة وتم أرشفتها إلكترونيًا وموجودة كلها”.

وأكد على أن كل تلك القضايا لم يتم إنجاز شيء فيها، رغم تحويل الملفات للمحكمة الدائمة للفصل فيها، موضحًا أن مهمته تنتهي عند حد إجراء التحقيق في القضية وحلها.

وشدد عبد السلام على مجهوداته في محاربة الفساد وذكر في ذلك الصدد مواجهته لقرارات الإيفاد المزورة لأشخاص ليس لهم علاقة بوزارة الدفاع، كما تطرق لواقعة تزوير في الشهادات قائلاً: “شخص ابنه في ثالثة إعدادي ومزور له قرار يقول فيه أنه يحضر ماجستير، وهذا موجود.. فكيف نسكت على ذلك”، موضحًا أن هناك من عرض عليه الحصول على فرص عمل لأبنائه باتباع تلك المخالفات.

وأوضح أنه ليس لديه أي امتيازات تجعله متمسك بمنصبه، مُطالبًا بتشكيل لجان مالية للتأكد من صحة الكلام الذي يقوله وإذا لم يكن موجود فهو جاهز للمساءلة، وأنه لن يصمت على ما يحدث، مُضيفًا: “لابد أن يعرف الناس إذا كان هذا الكرسي مهم لي أو أحقق منه مكاسب.. فسياستي في العمل لن تحافظ لي على الكرسي لأن المطلوب أن أُطبطب على هذا وأجامل هذا، وأعضاء النيابة يعرفونني.. وكل شخص استدعوه للتحقيق في مكتب المدعي كنت أرفض مقابلته ولا أتدخل في عمل وكلاء النيابة.. إلا إذا تجاوز أحدهم حدود سلطته.. هنا أحقق في الموضوع”.

وروى عبد السلام تفاصيل موقف تعرض له بخصوص لجنة الإفراج الصحي، رغم أنها ليست ضمن مسؤولياته وأنها مسؤولية وزارة الدفاع، لكنه تدخل في الموضوع وتواصل مع أطباء وطلب منهم أن يُشكلوا اللجنة الطبية للإفراج الصحي، مُشيرا إلى أنه مثّل المحكمة العليا كما ينبغي أن يكون، وكذلك مكتب المدعي والنيابات وأنه مثلهم تمثيل مشرف، مُشددًا على أن المنصب لا يعني له شيء، وأنه لو كان حريصًا عليه لكان اهتم بجانب المجاملات والعلاقات، وأن كل قراراته كان دفاعًا عن المكتب وأعضاء النيابة والقضايا والتحقيق في الجرائم التي حدثت.

وعاود مطالبته مرة أخرى بتشكيل لجان متخصصة مالية بمراجعين ماليين من العاملين في القطاع الخاص للتحقيق فيما يذكره والتأكد من صحته، مضيفًا: “عندما يحدث أن 21 مليار تُصرف دون معرفة أوجه صرفهم فكيف أسكت على ذلك”، موجهًا انتقادًا “لمن يقول هذا ليس وقته”، وذلك في إشارة إلى وقت الحرب على العاصمة طرابلس التي كانت لازالت مستمرة في ذلك الوقت.

وأوضح أنه لم يظهر في أي قناة ولم يذكر ذلك الكلام رغم أنه تم عرض ذلك عليه، وأنه خشي أن يُحسب على جهات أخرى ويتم تحميل كلامه معانٍ أخرى، وقال: لو وجدت قناة توجهها مع المنطقة ويتحملوا كلامي ومقابلتي كنت طلعت معهم، لكن أي جهات أخرى لا أذهب لها، لذلك لجأت لصفحة الرسمية للمدعي لأنه لابد أن أتحدث ويتم التحقيق”.

وشدد أن من تم التحقيق معهم ليس لهم علاقة بالحرب ليقال أن التحقيق معهم سيؤثر على نفسيتهم سلبًا وبالتالي على عملهم الحربي وأنهم أفراد يسافرون وينفقون في الفنادق والأمور مرتبة عندهم وليس عندهم مشاكل، وأن هناك تحقيقات لم تستغرق سوى ساعة أو اثنين وتُرك صاحبها بعدها، مُذكرًا بواقعة الكلية العسكرية وأنه تم استدعاء الجميع لأن هناك ٢٦ طالب تقدم أهاليهم بشكاوى، متسائلاً: “ماذا نقول لهم؟ لازم نحقق في الموضوع ومن يطوله التحقيق لابد أن يأتي.. لأنه مسؤول ومن عليه شيء لابد أن يمثل أمام القضاء للتحقيق في هذه المواضيع”، مؤكدًا أن ذلك جرى رغم مراسلات من جهات معينة، قال: “لا داعي لذكرها”.

وضرب مثلاً، ساخرًا: “تطلبوا من القضاء التحقيق في القضايا وعندما يقوم بذلك تعترضوا، مثل الشيخ الذي كان يدعوا على منبر للتصدق والتبرع وعندما أعطت أبنته غدائها لرجل فقير اعترض وقال لها أن هذا الكلام يقوله للناس ولا يفعله.. وأنا لا استطيع السكوت على هذه الأمور”، موضحًا أنه خلال السنتين الماضيتين هناك ملفات كثيرة فُتحت وأن إن كان مستفيدًا من منصبه لما فُتحت هذه الملفات.

وتابع حديثه عن قرارات المهمات التي يقوم بعملها لأعضاء النيابة، مؤكدًا أنه ليس له بينها أي قرار، وأنه لم يتم تنفيذ تلك القرارات رغم أنهم يقومون بمراجعة الملحقات العسكرية في السفارات، مُبينًا أنه تم إيقاف تلك القرارات الصادرة من سنة ونصف وأكثر وذلك تحت مسمى الظروف المالية، مُضيفًا: “كيف ظروف مالية.. وانتم كل يوم من طائرة لأخرى، الظروف المالية تظهر في التحقيق لأن التحقيق يسبب لهم مشاكل”.

وأردف عبد السلام: “أردت أن أؤسس لقضاء عسكري، فخاطبناهم أن هناك قطعة أرض أعطوها لجهاز تطوير وتنمية المباني الإدارية، ونريد أن نبني عليها مجمع خاص بمكتب المدعي، والنيابة الكلية والنيابة العسكرية وإدارة التفتيش مستمرين في مخاطبة بعضهم لليوم ولم يتم شيء، ورغم أن الأمر مُتاح كنت أريد أن أقوم بتلك البصمة، وكنت أطلب من وزارة الدفاع أن تهتم بهذه المؤسسة لأنها تفصل في أشياء كثيرة وسيكون لها سمعة جيدة إذا تم الاهتمام بها، لكن لا أحد اهتم، لأنك كجهة قضائية عندها تحقيق وحبس فقط ولا شيء آخر تعطيه، فالاهتمام بك لن يكون بالقدر الكافي”.

ووجه حواره لأي مُدعي يأتي للمنصب، قائلاً: “أقول لأي مُدعي عام يأتي، إن أعضاء النيابة لن يُفرض عليهم شيء، فهم يستمدون سلطانهم من القانون، وليس من شخص المدعي، بالعكس المدعي الذي لن يساعدهم في العمل القانوني سيصطدم بهم ولن يقوم بشيء”.

وعاود إلقاء الضوء على وقائع التزوير والإهمال في العمل، قائلاً: “هناك مراجعات لازم يعرفوها، نحن لدينا شخصيات مُشتركة في قرارات تزوير، مثل الشخص الذي زور لابنه وهو في إعدادي أن معه ماجستير، ويريده أن يعمل في مكان مسؤولية، فكيف سيحترموه وهو مزور، هذا من البداية شخصيته مهزوزه، ولن يسمع له أحد ولا ينفذ له قرار”، موجهًا الشكر لأعضاء النيابة الذين عمل معهم في مكتب المدعي، قائلاً: “للأسف الشديد أقول بمرارة هناك ٢٣ عضو في مكتب المدعي لا يعمل منهم غير أربعة أو خمسة أشخاص والباقي لا يريدون حمل المسؤولية، هذه مصارحة لكي يعرف الناس ما يحدث في النيابات”.

وتناول عبدالسلام، مشكلات الترقيات، قائلاً: “ليس لي علاقة بالأمور المالية ولا لي سلطة على وزارة المالية ولا على وزارة الدفاع.. في تلك الأمور نكتفي بمراسلة وزارة الدفاع بشكاوي الأعضاء ممن يعانون مشاكل في الترقيات وغيره لتذكرهم فقط، وقمنا بعمل لجان وخلافة حتى وصلنا للمرحلة التي وصلنا إليها وليس لي سلطة أخرى ولن أستطيع كل يوم أن أفتش وراء وزارة المالية، أنا جئت مستشار من جهة المحكمة العليا ولابد أن أحافظ على كرامة هذه الجهة، والمفروض أن الجمعية العمومية للمحكمة العليا عندما تسمع أن هناك أمور أعترض عليها تستدعيني لاجتماع وتحاسبني والجمعية العمومية، من المفروض أن تناقش القرار الذي صدر باستبعاد مدعي والإتيان بآخر، والمفروض أن الجمعية العمومية هي التي تبحث في المبررات إذا كان لم ينجح كمدعي وقام بأشياء غير سليمة من باب أولى لا يستمر في المحكمة العليا، لكن أنا في رحلة الـ35 سنة في السلك القضائي حافظنا على مكانتنا”.

وأكد على أهمية الملفات التي تم فتحها، وأنه لابد من عدم غلقها وكذلك الملفات التي تحولت إلى المحكمة الدائمة، قائلاً: “حتى الآن لم يتم الفصل فيما يخص تزوير قرارات الإيفاد وغيرها والتجاوزات المالية والتجاوزات التي بلا حدود، ولابد أن تستمر التحقيقات فيها”، مؤكدًا أنه لا مصلحة في حبس أحد، ومن يريد صُلح يرد التجاوزات وتنتهي قصته، وأنه تم ذلك في بعض الأحيان، موضحًا أن هناك شخص أعطى لشخص في مجلس النواب قرار إيفاد لدراسة أبنائه على حساب وزارة الدفاع، وقام برد 26 ألف يورو وتم التصالح، وبالتالي من المفروض ألا يوقف أحد عمل مكتب المدعي إلا بالقانون.

جدير بالذكر أن ما ورد في تلك المكاشفة من وقائع هي سبب إقالة المستشار بالمحكمة العليا والمدعي العام العسكري السابق في طرابلس فتحي عبد السلام، من منصبه، كما تم حذف ذلك الفيديو من الصفحة الرسمية للمدعي بعد نشره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى