محلي

ويليامز: اتفاق الصخيرات به فجوات أبرزها إغفال أنصار النظام السابق أصحاب الوجود الملحوظ على الأرض

أوج – القاهرة
أكدت مبعوثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، أن الحل السياسي والحوار يجب أن يكون ليبيًا – ليبيًا، إلا أن إطار العملية السياسية الحالية يتبلور في اتفاق الصخيرات الموقع عام 2015م، والذي يوجد به فجوات.

وأوضحت ويليامز في حوار مع صحيفة “اليوم السابع” المصرية، على هامش زيارتها الأخيرة للقاهرة، طالعته “أوج”، أن أبرز فجوات اتفاق الصخيرات ترك بعض الفئات المهمة جدًا في ليبيا خارج الخيمة السياسية؛ منها مثلا ترك أنصار النظام الجماهيري خارج الإطار السياسي، مؤكدة أنها مجموعة لديها وجود ملحوظ على الأرض ولديهم رغبة في الانضمام للعملية السياسية تؤدي في نهاية المطاف لانتخابات.

وحول تطورات الأوضاع في ليبيا، قالت إن البعثة الأممية قلقة للغاية من مواصلة إرسال المرتزقة والقوات الأجنبية والأسلحة المتطورة جدا إلى ليبيا، مؤكدة اجتماعات اللجنة العسكرية “5+5” تناقش إيجاد منطقة منزوعة السلاح في سرت والجفرة، كما أضافت أن ما يجرى فى طرابلس يؤكد الحاجة إلى العودة الحوار السياسى بأسرع وقت ممكن وضرورة محاسبة الطبقة السياسية، لاسيما أن الأزمة الليبية وصلت إلى مرحلة حساسة جدا، بحسب تعبيرها.

وحول أبرز الملفات التي تم مناقشتها في القاهرة مع المسؤولين المصريين، قالت إنها أجرت مشاورات مهمة جدا مع عدد من المسئولين المصريين والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، خصوصا أن مصر باعتبارها دولة جوار لليبيا تحظى بثقل كبير في المنطقة ككل؛ فهي ترتبط بعلاقات تاريخية مع ليبيا ولها علاقات مستمرة مع الليبيين، حيث يتواجد في القاهرة جالية ليبية كبيرة.

وفيما يخص رؤية البعثة الأممية للبناء على اجتماعات القاهرة لتوحيد المؤسسة العسكرية باعتبارها قاطرة للحل السياسي، ذكرت أنه خلال التحضيرات والمناقشات لمؤتمر برلين وورقة العمل التي قدمتها البعثة للمؤتمر لاحظوا نتائج الجهود المصرية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، حيث كانت هناك ستة اجتماعات تحضيرية لمؤتمر برلين، وحظى موضوع توحيد المؤسسة العسكرية الليبية بمحور نقاش فى الاجتماع.

وأوضحت أن وفدا حكومة الوفاق غير الشرعية و”الجيش الليبي”، توصلا في مسار اللجنة العسكرية بصيغة “5+5” خلال مباحثاتهم إلى عدد من نقاط الاتفاق المهمة ومنها الحاجة لاحترام السيادة الليبية والتأكيد على وحدة ليبيا ككيان دائم، وبعد اتمام اتفاق وقف إطلاق النار يجب إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة المتواجدين فى ليبيا، والتوافق على الحاجة لآلية لمراقبة وقف القتال تكون تحت مظلة الأمم المتحدة.

ولفتت إلى التوافق على مواصلة العمل لإجراءات بناء الثقة بين الجانبين؛ منها إطلاق سراح الأسرى والسجناء وتسليم الجثامين فهذه الخطوات مهمة لبناء الثقة وتسهل تفعيل العملية السياسية، بالإضافة إلى التوافق أيضا على البحث في موضوعات أخرى لتفعيل الترتيبات الأمنية وتحسين أداء الأجهزة الأمنية وسحب الأسلحة من المليشيات المسلحة وإعادة دمج بعضها فى القوات العسكرية والأمنية.

وأكدت أن الهدف الأساسى من العملية السياسية هو إيجاد حل جذرى للأزمة يمكن اختصاره فى مبدأ توحيد المؤسسات الليبية، خاصة أن الوقت الحالي يشهد في ليبيا انقسام المصرف المركزى، وكذلك السلطة التنفيذية، فضلا عن القوات المسلحة والقوات الأمنية غير الموحدة، قائلة: “نحن بحاجة لقوات نظامية مهنية على الصعيدين العسكري والأمني وحراسة الحدود في ليبيا، ويجب أن تكون وزارة الداخلية موحدة وقادرة على العمل الأمني داخل البلاد”.

وتابعت أن العمل الذى تم إنجازه في القاهرة في محاولة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية مهم وأساسي ويوفر قاعدة قوية يمكن العودة إليها حال التوصل لاتفاق سياسي، مستطردة: “الليبيون مطلعون على هذه الاجتماعات التى يمكن الاعتماد عليها لاستكمال توحيد المؤسسة العسكرية بعد التوصل لاتفاق سياسي”.

وحول موعد استئناف المسارين السياسي والعسكري، قالت إن المسارات الثلاثة “السياسي، والعسكري، والاقتصادي” لم تتوقف أبدا، فالمسار العسكري مستمر وتم عقد الجولة الثالثة من اجتماعات العسكريين الليبيين في شهر الصيف/ يونيو الماضي، وستجرى الأسبوع الجاري اجتماعات موازية مع الوفدين.

وذكرت أن الحوار السياسي مستمر أيضا والبعثة تتواصل مع جميع الأطراف، إلا أن البيانات الصادرة عن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، ورئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق عقيلة صالح، حول وقف إطلاق النار أعطت جرعة أمل كبيرة جدا للعودة المبكرة للحوار السياسي الشامل في جنيف، بحسب تأكيدها.

وبيّنت أن البعثة الأممية تدفع نحو العودة للمسار السياسي في جنيف بدعم من دول مهمة منها مصر ودول الجوار الليبي لتفعيل الحوار في جنيف، موضحة أنها تتواصل مع جهات ليبية كثيرة وفاعليات سياسية وفرقاء ليبيين، وأنها تلقت رسائل تشجيعية من مختلف الفرقاء بعد بياني السراج وصالح مفادها بأن الوقت حان لاستئناف العملية السياسية.

وأكدت أن الأزمات تتراكم في ليبيا؛ فهناك أزمة اقتصادية حادة تعيشها البلاد منذ عام 2011م، قائلة إن الأفق الاقتصادى فى العالم سيئ، لكن فى ليبيا يزداد سوءا بسبب الصراع المسلح المستمر منذ تسع سنوات، والانهيار شبه الكامل للبنى التحتية، وخاصة في المياه والكهرباء والخدمات وقطاع النفط.

وأشارت إلى وجود أزمة مالية حادة؛ حيث ارتفع سعر الدينار بالسوق السوداء، في ظل أزمة اقتصادية وأزمة حوكمة، وهو وضع عام في كل الأراضي الليبية، لافتة إلى عدم القدرة على توفير الخدمات في الأراضى الليبية كافة، خصوصا مع انقطاع الكهرباء لمدد تصل إلى 20 يوميا، بالإضافة إلى عدم توافر مياه وسط انتشار وباء قاتل في البلاد، فالمستشفيات ليس لديها القدرة للقيام بعملها بالشكل الواجب.

وأكدت وجود فيروس آخر قاتل في ليبيا وهو الفساد الذي يضرب كل الإدارات ما دفع الناس للخروج إلى الشارع في كل أنحاء ليبيا، وهناك استياء من الوضع الراهن، مضيفة أن الوضع الأمني متأزم رغم وجود هدوء في الجبهات، إلا أنها قلقة من مواصلة إرسال المرتزقة والقوات الأجنبية والأسلحة المتطورة جدا ما يخالف قرارات الأمم المتحدة في هذا الصدد وينتهك السيادة الليبية بشكل يومي وواضح.

وأردفت: “لدينا الآن عدة أطر منها مخرجات برلين وخارطة طريق المبعوث السابق غسان سلامة واقتراح المستشار عقيلة صالح الذي تمت بلورته في إعلان القاهرة الذي يعكس مقترحا ليبيًا، ولدينا مقترح السراج بالذهاب للانتخابات سريعا قد يكون الربيع/ مارس المقبل”.

وأوضحت أن المعادلة الليبية للحل السياسي يجب أن يتوصل إليها الليبيون أنفسهم عبر طاولة الحوار في جنيف بحيث تضم أيضا مجلسي “الدولة والنواب” وأيضا ممثلين عن فئات ليبية كثيرة كانت خارج خيمة الصخيرات، فيتم معالجة الفجوات الموجودة في الاتفاق السياسي، ويجب أن يكون هذا المسار شامل ويضم الجميع ليعكس بصورة دقيقة مختلف ألوان الطيف الليبي، وبنهاية المطاف سيكون الدور لليبيين حول ماهية الخطة التي سيتم اعتمادها.

وأكدت أن البعثة ترى ضرورة تعديل الجهاز التنفيذي ووجود مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات، قائلة: “للوصول إلى المرحلة الانتقالية يجب أن تكون هناك حكومة ورئيس وزراء واضطلاع مجلس الدولة والنواب بدورهم المنوط إليهم وفق اتفاق الصخيرات، وضرورة وجود تعديل للمجلس الرئاسي، لكن الليبيون الجالسون على الطاولة هم من سيضعون اللمسات الأخيرة والأساسية على خارطة الطريق المقبلة”.

وحول مقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح فى سرت والجفرة، ذكرت أنه تتم مناقشته في إطار اجتماع “5+5” للعسكريين الليبيين، مضيفة أن الشيء الإيجابي حاليا، الهدوء الذي يخيم على جبهات القتال لفترة تفوق الشهرين.

وواصلت: “نحن قلقون بشكل مباشر على المنطقة الوسطى لأن الأثر سيكون على المدنيين كارثي، فقد شهدت مدينة سرت معارك متتالية منذ عام 2011م ونريد تجنيبها معركة أخرى، حيث يوجد في سرت ما يقرب من 130 ألف مدني وهم معرضون للخطر المباشر الآن، وهذا العدد من السكان في حال حدوث نزاع مسلح بالمنطقة سيتحولون إلى نازحين وسيضافون إلى 400 ألف نازح حاليا في ليبيا يتلقون مساعدات من عدة جهات منها الأمم المتحدة”.

وأشارت إلى مصدر قلق آخر للبعثة يتمثل في خليج سرت النفطي الذي يضم 60% من القدرات النفطية لليبيا، قائلة: “نريد أن نحمي هذه المنطقة من الدمار لأن إعادة إعمارها سيمتد لأجيال، ولذلك يجب أن يتم السماح باستئناف وتصدير النفط”.

وأكملت: “نحن مقتنعون أن بيانات المستشار عقيلة والسيد السراج جيدة في هذا الطرح؛ حيث توافقا على فتح النفط بشكل سريع واتفقا على آلية لضبط صرف عائدات النفط حيث لا يصرف أي شيء حتى يتم التوصل سياسي يرضي كافة الأطراف، ويجب إعادة فتح النفط لأنه أساسي لإعادة حياة الناس وإيجاد حل لمشكلة الكهرباء ووقف التدهور في العملة الليبية”.

وفيما يخص الطرح الليبي لفتح حساب خاص لواردات النفط، قالت إن إيرادات النفط يجب أن تكون في حساب المؤسسة الوطنية للنفط، ولا يجب أن يكون هناك حساب خارج السيطرة الليبية؛ لأن هذا الاقتراح مخالف للسيادة الليبية، وهو ليس اقتراح البعثة الأممية، لكن أيده السراج وعقيلة صالح، متابعة: “رؤيتنا أن تبقى الإيرادات في حساب المؤسسة الوطنية للنفط إلى حين الوصول لاتفاق لحل سياسي يرضى به الطرفين لإعادة تحويل الأموال إلى البنك المركزي”.

وبشأن تظاهرات طرابلس ومدى تأثير الانقسام بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج ووزير داخليته فتحي باشاغا على العملية السياسية، ذكرت أن ما يجرى في طرابلس هو مؤشر آخر يؤكد الحاجة إلى العودة الحوار السياسي بأسرع وقت ممكن لأن هناك إشكالية في ليبيا تكمن فى التركيز المفرط على الشخصيات، نحن نريد أن يكون التركيز على المؤسسات وليس الأشخاص لأنهم زائلون.

واختتمت بقولها: “نريد التركيز على توحيد المؤسسات وإصلاحها وأن تنعم بالشفافية والمحاسبة ويجب أن يكون هناك مساءلة للطبقة السياسية لما فعلته فى المؤسسات، وهذه هي المكونات للوصفة السياسية التي يمكن أن توصل ليبيا إلى بر الأمان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى