محلي

أمام مجلس الأمن.. السني يدعو بعثة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية لضم انتهاكات كتيبة طارق بن زياد ضد قبيلة القذاذفة لتحقيقاتها

أوج – طرابلس
طالب مندوب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق غير الشرعية لدى الأمم المتحدة، طاهر السني، مجلس الأمن والمجتمع الدولي، بإظهار الجدية في تنفيذ قراراته وتفعيل وقف إطلاق النار في ليبيا، عبر ضمانات ملزمة، ومعاقبة ومحاسبة المُعرقلين الرافضين لوقف إطلاق النار، مؤكدًا أن شبح الصراع والحرب مازال قائمًا بسبب عدم انصياع بعض الأطراف للإرادة الوطنية والدولية لإنهاء الاقتتال.

وقال السني، في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، تابعتها “أوج”، إن تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار وإنجاحه يقتضي أن تصبح منطقتا سرت والجفرة منزوعتي السلاح، مع ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة منهما ومن كافة مناطق ليبيا، لأن الغاية الأساسية هي استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي.

وشدد على ضرورة إعادة فتح الموانئ والحقول النفطية على الفور، مؤكدًا أن قرار إقفالها جاء بإيعاز خارجي، مشيرًا إلى أن حجم الخسائر الليبية حتى اليوم بلغ حوالي 9 مليارات دولار، مع حدوث أضرار جسيمة للبنية التحتية للمنشآت والمرافق النفطية.

وأضاف أن إعلان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق غير الشرعية، فائز السراج، يوم 12 هانيبال/ أغسطس الماضي، عن وقف إطلاق النار، جاء تجاوبًا مع دعوات الحوار والتصالح والتهدئة، وانطلاقًا من المسؤولية السياسية والوطنية، والموقف الثابت من دعم كل مساعي السلام وحقن الدماء والاستقرار في البلاد، وما يفرضه الوضع الحالي الذي تمر به البلاد والمنطقة، إضافة إلى ظروف جائحة كورونا، التي بدأت تتفشى بشكل ملحوظ ومتسارع.

وأردف قائلاً: “إذا لم نعمل جميعاً على إيجاد حلول عملية لهذه التحديات، ستكون هناك آثار سلبية ومدمرة تهدد السلم والأمن الدوليين”، مُبديًا ترحيبه بالتأييد الدولي والإقليمي ودول الجوار بقرار وقف إطلاق النار، وبالأخص من تلك الدول التي بدأت تتراجع عن دعم المعتدي ومليشياته، بعد اقتناعها التام بفشله وفشل الرهان عليه وعلى المشروع العسكري ووجوب الحل السياسي.

وأوضح: “نرحب أيضًا بما جاء في بيان القيادات السياسية في الشرق فيما يخص وقف إطلاق النار وضرورة عودة إنتاج النفط، لكننا وحتي اللحظة لم نر أي تجاوب أو موقف واضح لكلا الأمرين من المجموعات العسكرية التي يمثلها حفتر ومليشياته”.

وتابع: “هذا ليس بغريب، وليست أول مرة، بل سمعنا تصريحات معادية ومعارضة للبيانات السلمية على لسان ناطقهم الرسمي، وتجاوز ذلك حدوث خروقات نفذتها تلك القوات خلال 72 ساعة الأخيرة والمدعومة بالمرتزقة، باستهداف مواقع قوات جيشنا الليبي المتمركزة غرب مدينة سرت بصاروخ غراد، في خطوة استفزازية أخرى ليست بجديدة”.

واستطرد: “لذا وإذ نؤكد التزامنا بوقف إطلاق النار لإعطاء فرصة للحلول السلمية، لكننا نحتفظ بحق الرد والدفاع عن أنفسنا ضد هذه الهجمات وأي تحركات أو تهديدات في الوقت والمكان المناسبين”.

ونوّه السني، بضرورة تفعيل ضمانات تنفيذ وقف النار من قبل حفتر، وعدم تكرار العدوان من جديد، قائلاً: “كما حدث قبل مؤتمر غدامس العام الماضي”، متسائلاً: “ما جدوى محادثات 5+5 إذا لم يعلن التزامه بالاتفاق؟ لذا نحن لن نكرر أخطاء الماضي وسنكون مستعدين لأي غدر، لذا يجب أن يتحمل هذا المجلس والمجتمع الدولي مسؤولياته بمعاقبة ومحاسبة المعرقلين الرافضين لوقف إطلاق النار”.

وأضاف: “لقد قمنا بدورنا، وحان الآن أن تقوموا بدوركم، اليوم ونحن نستمع للمداخلات نلاحظ تكرار جمل الدعوة بضرورة استئناف 5+5، ويجب استئناف إنتاج النفط، وضرورة احترام وقف إطلاق النار، وانتهاكات حقوق الإنسان يجب أن تقف، ولكن لم نسمع ماذا ستفعلون حيال من لا يلتزم وماهي العقوبة؟”.

وأوضح أن الحديث عن الأزمة التي تعاني منها ليبيا وتفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية وانتشار السلاح، بسبب الانقسام والصراع والتدخلات الخارجية التي دامت لسنوات، يقود إلى أهمية إيجاد حلول سياسية كاملة غير منقوصة، هدفها علاج جذور الأزمة وليس تأجيلها أو الالتفاف حولها.

وأشار، في هذا الصدد، إلى أهمية الإسراع في تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول مارس 2021، وفق قاعدة دستورية مناسبة يتفق عليها الليبيون وحدهم، لتنهي المراحل الانتقالية وحالة الفوضى، مؤكدا أن للشعب وحده حق تقرير مصيره، ولا يمكن إعادة إنتاج أجسام سياسية مفصلة على أشخاص، وتكرار أخطاء السنوات العشر الماضية، ولتكن الساحة مفتوحة للجميع وليتنافس المتنافسون، بحسب قوله.

وأكد أنه في حالة وجود النية الصادقة لدى المجتمع الدولي وبدعم كامل من الأمم المتحدة والتنسيق مع باقي المنظمات الإقليمية، فإن العملية الانتخابية سيكتب لها النجاح، قائلاً: “حينها ستتمكن البلاد من إنهاء أزمة الشرعيات وتوحيد المؤسسات ومواجهة بقية التحديات بالأخص الخدمية والاقتصادية منها، وتفعيل مشاريع إعادة الإعمار والبدء في مرحلة التنمية والازدهار للشعب الليبي”.

وأشار السني، إلى ما ذكرته ستيفاني ويليامز، عن نجاح العملية الانتخابية للبلديات ورغبة الناس للمضي نحو المسار الديمقراطي، ومؤكدا أن هناك تجارب في عدة دول يمكن البناء عليها.

وقال: “نطالب الأمم المتحدة بالاستعجال في تعيين منصب المبعوث الأممي، ولهذا المجلس الوصول إلى توافق بالخصوص، لأن هناك من يستغل هذا الأمر لإفشال المساعي الأممية، ولا نرى مانعًا في المقترحات المقدمة لتعيين ممثل خاص للأمين العام ورئيس للبعثة”.

وتابع: “المهم لدينا إتمام التعيين واستئناف الحوار السياسي الشامل على وجه السرعة، والأهم من ذلك توسيع دائرة المشاركة لتشمل بالإضافة إلى أجسام الاتفاق السياسي، القوى الفاعلة الحقيقية على الأرض من نخب وتيارات سياسية ومناطق ومكونات اجتماعية، مهما كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية دون أي إقصاء كما حدث في مناسبات سابقة، ويكون الاستثناء الوحيد من تورط وثبت إجرامه ولوث يديه بدماء الليبيين وفقاً للقانون”.

وأوضح أن الحوار سيناقش المسار السياسي والعملية الانتخابية، إضافة إلى مناقشة خطوات إنهاء كافة أنواع التدخلات الخارجية، وتفعيل قانون العدالة الانتقالية وجبر الضرر، وعودة النازحين من كل المدن والمهجرين منذ 2011 في إطار مشروع المصالحة الوطنية الشاملة، مشيرا إلى أهمية دور الاتحاد الإفريقي وبقيادة جنوب إفريقيا في هذا الأمر.

وأكد المندوب الليبي، أن انتهاكات حقوق الإنسان التي قامت ولازالت تقوم بها الميليشيات الخارجة عن القانون والرافضة للديمقراطية والداعية إلى عودة الاستبداد عامل رئيسي لعدم الاستقرار، موضحا أنه يتحدث عن كل الانتهاكات من أي مجموعة كانت وفي أي مكان دون استثناء.

وأشار إلى الأعمال الهمجية التي قامت بها ما أسماها بت”المليشيات” في حربها على طرابلس واستهداف المدنيين، وقصف عشوائي وزرع ألغام وعمليات قتل جماعي، ومقابر جماعية تم اكتشافها في مدينة ترهونة، وكان آخرها فقط منذ أيام.

وأضاف، أن هناك أعمالاً إجرامية جديدة، وأن مجموعات تابعة لقوات حفتر قامت يوم 26 هانيبال/أغسطس الماضي، باعتقال عدة مواطنين من قبيلة القذاذفة في سرت، وأن ما تسمى ”كتيبة طارق بن زياد“ قامت بالاستعانة بمرتزقة، بانتهاك حرمات البيوت وترهيب الأطفال والنساء، وقتلت أحد أبناء القبيلة بدمٍ بارد ويدعى ناصر اعويدات القذافي، كما حدثت عدة اعتقالات أخرى مشابهة في مدن الشرق، مع حملة استيلاء على أراضي وممتلكات للمواطنين.

وأكد أن حكومة الوفاق لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذه الانتهاكات أو غيرها في أي مكان وستقوم بواجبها تجاه شعبها، وتدعو بعثة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية لضم هذه الأحداث في تحقيقاتها، والعمل على إيقاف هذه الأعمال الاجرامية الممنهجة باعتبارها أعمالا تؤكد نية هذه المليشيات تدمير البلاد وزرع الفتنة والعمل على استمرار أزمتها.

وأضاف أن الحكومة تدعم حق المواطنين في التعبير السلمي الذي يكفله القانون وحسب الإجراءات المعمول بها، وأن خروج مظاهرات في عدة مدن ليبية الأيام الماضية كانت لمطالب عادلة رغم محاولة البعض تشويهها، وعلى رأس هذه المطالب مكافحة الفساد والفاسدين.

وشدد على أن مهمة الحكومة هي حماية التظاهرات السلمية وإعطائها المساحة اللازمة للتعبير، مستنكرا أي محاولات لقمعها بالقوة، ومشيرا إلى وجود تحقيقات جارية لما ورد من تقارير عن بعض التجاوزات أو الاعتقالات للإفراج عن الأبرياء منهم، ومؤكدا في الوقت ذاته، أن الدولة لن تسمح باستغلال بعض الأفراد أو المجموعات باختراق هذه التظاهرات والمطالب والحقوق، والقفز عليها من أجل خلق الفوضى، وتشويه هذا المظهر الحضاري للدولة المدنية التي نطمح لها، على حد قوله.

وتابع، بأن الفساد على مدار سنوات تسبب في تدهور الوضع الاقتصادي والخدمي لدى المواطن، وأن الحكومة قامت مؤخراً بحزمة من الإجراءات والمعالجات لمواجهة هذا الأمر، كان على رأسها تفعيل الإدارة اللامركزية باستكمال الإطار التشريعي ونقل الاختصاصات ذات الطابع المحلي للبلديات، وتفعيل نظام الإيرادات المحلية.

وأوضح أن هذه خطوات من شأنها دعم الحكم المحلي وإنهاء مركزية القرار وتحسين الخدمات، قائلا إن هذه الإجراءات بالتأكيد غير كافية والمشوار لازال طويلاً، وإن الحكومة لن تدافع عن أي فساد، وللمؤسسات الرقابية وأجهزتها كامل الصلاحية للقيام بدورها في هذا الشأن.

واختتم السني، بالتأكيد على خيار السلام وتبني الحل السلمي الذي يحقن دماء الليبيين، داعيا الليبيين للابتعاد عن الخلافات التي من شأنها إطالة معاناة الشعب، واستبعاد التدخل الأجنبي بشكلٍ نهائي، وإيجاد إرادة وطنية ومصالحة وطنية شاملة باعتبارها السبيل الوحيد للاستقرار ولم الشمل وفرض سيادة الدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى