مقالات

كانيفا والزمن الجميل

الدكتور محمد الدويب

قبل عدة أعوام طالعت على احدى صفحات الفيس أحدهم يكتب طرابلس أيام الزمن الجميل و ينشر صورة لمستشفى كانيفا بطرابلس الذي يعرف أبناء جيلي أنه كان يقع في منطقة باب بن غشير التي كانت تُسمّى (بورتا بينيتو و ستكون لنا معها وقفة لاحقة) و بالتحديد المنطقة التي تشغلها الآن قصور الضيافة، وبالتأكيد أن صاحب الصفحة لا يعلم أن ما نشره هو تمجيد للقائد الفاشيستي الذي قاد الحملة الإيطالية على ليبيا ( كارلوس كانيفا ) عام 1911 لأن هذا المستشفى سُمّى كذلك تكريما له، و لا أعتقد أن أحداً من أبناء هذا الوطن سيعد ما كُرّم من أجله فعلا جميلا أو زمنه زمناً جميلا كما لا أعتقد أن أحداً سيعد الفترة اللاحقة التي صار فيها المستشفى (باسم مستشفى الجيش الإنجليزي) بعد هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية أيضاً زمناً جميلا ، لاسيما أن الليبيين في تلك السنوات لا يجدون طريقا لمثل هذه المستشفيات بل كان المريض يموت دون أن يجد سبيلا إلى هذا المستشفى أو غيره، ( ولقد توفّت والدتي رحمها الله عام1960  قبل أن يتمكن والدي وأخوته رحمهم الله جميعا من نقلها على ظهر بعير ليصلوا بها طريق بالبو الساحلي) وربما يجد المريض شيخا يرقيه أو (يسبّب له) ، فعن أي زمن جميل يتحدث صاحبنا ، و لأن الموضوع لفت انتباهي فلقد اتجهت إلى محرك جوجل و (جوجلت ) الإسم لأجد أندية و صفحات لبعض الإيطاليين و الإنجليز الذين يسردون ذكرياتهم وذكريات أبائهم وأمهاتهم الذين عاشوا في طرابلس في ذلك الزمن ويحكي بعضهم عن بعض الحانات والأندية والشواطي و حفلات الرقص والغناء في هذا المستشفى وفي ضواحي طرابلس فأيقنت أن الزمن كان جميلا لذوي العيون الزرقاء أمّا أجدادنا وأباؤنا فلم يكن زمنهم كذلك و آمل أن يكون زمن أبنائنا أجمل من زمننا، وأدعو الله ألاّ يعود الزمن الذي تغنّى بجماله صاحبنا دون أن يعلم.

ودامت أوقاتكم جميلة .

ملاحظة : سبق نشره قبل 6 سنوات و ذكرني به الفيس فأعدت نشره لعله يفيد البعض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى