محلي

موسى: سيف الإسلام القذافي طالب ساركوزي برد الأموال الليبية التي تقاضاها لدعم حملته الإنتخابية

أوج – القاهرة

أكد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، أن الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي كان من أشد المدافعين عن اللجوء للخيار العسكري في ضرب ليبيا عام 2011م، متذرعاً بحماية المدنيين.

وقال موسى، في كتابه “سنوات الجامعة العربية”، الذي سيصدر قريباً عن “دار الشروق” المصرية، إنه في 10 الربيع/مارس 2011م، كانت باريس أول عاصمة تعترف بالمجلس الانتقالي المشكل في بنغازي يوم 27 النوار/فبراير من العام ذاته، باعتباره، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي.

وأضاف أن تحركات الرئيس الفرنسي كانت لافتة في محاولة الحشد للتصويت على قرار من مجلس الأمن يجيز استخدام القوة ضد قوات الجيش الليبي وقتها، بعدما رأى أن الفرصة سانحة أمامه لإبراز فرنسا قوة كبرى في العالم، كما أنه كان يريد التخلص من القائد الشهيد معمر القذافي بسبب سياسة في عدد من الدول الأفريقية الفرنكفونية، فضلاً عن مطالبة الدكتور سيف الإسلام القذافي برد الأموال التي تقاضاها من ليبيا في تمويل حملته في انتخابات الرئاسة الفرنسية.

ولفت إلى دعوة ساركوزي لاجتماع في باريس يوم 19 الربيع/مارس 2011م سماه القمة الأوروبية – العربية – الأفريقية بحضور شخصيات دولية كبيرة، وتم تخصيص هذه القمة التي استمرت ساعات قليلة لمناقشة كيفية التعامل مع الوضع الليبي في ضوء قرار مجلس الأمن 1973 القاضي بفرض منطقة حظر الطيران فوق ليبيا.

وبين أنه حضر الاجتماع، لكن استفزه حديث ساركوزي؛ لأنه تحدث صراحة عن تجاوز مسألة فرض حظر جوي على قوات الجيش الليبي الذي أقره قرار مجلس الأمن رقم 1973؛ ذلك أنه تحدث بشكل صريح عن استعداد قواته الجوية لضرب ليبيا عندما تحدث عن العربات المدرعة، بالإضافة إلى أنه أعلن صراحة عن نيته بالعمل على تغيير النظام الجماهيري الذي وصفه بأنه “فقد شرعيته كاملة”، وهو أمر لم يشمله قرار مجلس الأمن المشار إليه، فهذا شأن يقرره الشعب الليبي وحده.

وأوضح أنه عند هذه اللحظة بدأت أشك في أن الأمر سيتجاوز مسألة حظر الطيران إلى ضرب ليبيا بالطائرات، مضيفا أنه عند إلقاء كلمته أكدت أن “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 بشأن ليبيا يهدف إلى حماية المدنيين، ولا يؤيد أي غزو لذلك البلد العربي المستقل وصاحب السيادة، وطلبت من كل الأطراف المجتمعة عدم الذهاب إلى أبعد من منطوق قرار مجلس الأمن الذي قيد العمليات العسكرية على الأراضي الليبية في حظر جوي على قوات معمر القذافي”.

وذكر أنه أكد أن الهدف من قرار مجلس الأمن المشار إليه لم يمنح أي طرف شرعية لغزو أو احتلال ليبيا، وأن نص هذا القرار واضح في هذه النقطة، متابعا: “كنت مملوءا بالغضب، ومن ثم توجهت إلى الممثلين العرب في الاجتماع؛ فقال لي حمد بن جاسم (رئيس الوزراء القطري السابق): الموضوع خلص يا أخ عمرو”.

ويخضع ساركوزي للمحاكمة باتهامات حول تمويل ليبيا لحملته الانتخابية عام 2007م، حيث كشف موقع “أوروب1” الفرنسي، كشف تفاصيل جديدة من جلسات التحقيق الأخيرة معه، موضحا أن ساركوزي كان مُنزعجًا جدًا خلال جلسات التحقيق التي حضرها ودامت 40 ساعة، وأفاد بأنه أصر طيلة ساعات التحقيق على إنكار التهم الموجهة إليه، وقال: “كيف يمكنني أن أثبت أمرًا لم أقم به؟”، واحتج: “هذا يؤدي للجنون ولأن يضرب المرء رأسه بالجدار”.

وسعى القضاة لمعرفة ما إذا كان ساركوزي دفع مساعديه عمدًا ليحصلوا على أموال من ليبيا قصد تمويل حملته الانتخابية، فكان جوابه: “ليس لديكم أدلة لا على وصول ولا على خروج تلك الأموال، أين هي إذن؟”.

واعتمدت المحكمة في اتهاماتها، بحسب التقرير، على العلاقة المقربة التي جمعت رجل الأعمال اللبناني الفرنسي زياد تقي الدين، ورجل الأعمال الفرنسي الجزائري أليكسندر جوهري – ويشتبه بتعاطي كليهما لتجارة الأسلحة – بالمقربين من ساركوزي، كالوزير الفرنسي السابق بريس أورتفو، وكلود غيان، الأمين العام السابق لرئاسة الجمهورية.

ووجه القضاء الفرنسي لساركوزي أربعة اتهامات؛ هي التستر واختلاس أموال عمومية، والتمويل غير القانوني للحملة الانتخابية، والفساد، وأضيفت إليها في 12 التمور/أكتوبر الماضي تهمة تكوين عصابة إجرامية.

وتعود جذور هذه القضية إلى التنصت على مكالمات هاتفية بين الرئيس الأسبق ومحاميه، في إطار التحريات حول اتهام ساركوزي بتلقي تمويل من ليبيا لحملته الانتخابية عام 2007م.

واكتشفت الشرطة أن ساركوزي كان يستخدم هاتفا سريًا باسم مزيف هو “بول بيسموث” ليتواصل عبره مع محاميه، كما أيدت محكمة النقض في الربيع/مارس 2016م صحة تسجيلات تنصت الشرطة على ساركوزي، التي بني الاتهام على أساسها، لكنها ستكون موضع جدل جديد عند بدء المحاكمة.

وأوضحت وكالة سبوتنيك الروسية، في تقرير لها، أن التحويل تم على حساب تيري جوبيرت، المتعاون السابق لنيكولا ساركوزي في قاعة بلدية نويي سور سين، مضيفة أنه وفقًا لتحركات البنوك في العديد من حسابات جوبيرت، التي عرضت على المحكمة، تم دفع مبلغ 440 ألف يورو في 8 النوار/فبراير 2006م على حساب في جزر البهاما بواسطة شركة Rossfield Limited الخارجية.

وذكر التقرير، أنه وفقا لبيانات بنك روسفيلد، يتم إخفاء المستلم تحت اسم الرمز، وبمجرد وصوله إلى جزر البهاما، تمت إعادة توجيه المبلغ في اليوم التالي بواسطة جوبيرت، على حساب ثالث، لم يتم تحديد هويته حتى الآن.

كما أشار التقرير، إلى نفى جوبيرت، صديق ساركوزي، في إفادته لـMediapart أن تكون الأموال المذكورة ليبية، قائلا: “سأقدم توضيحاتي للمحكمة”.

وأضاف التقرير أن هذه ليست المرة الأولى التي يشارك فيها صديق من عشيرة ساركوزي في تحويل مصرفي من ليبيا، فيما يتعلق بالعمليات التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2007م، موضحا أن هناك أحد المقربين من ساركوزي، الذي تلقى أموالا من ليبيا لتغطية نفقاته الشخصية، من خلال “الوسيط” رجل الأعمال اللبناني من أصل فرنسي، زياد تقي الدين.

وتابع أن التحويل لصالح تيري جوبيرت، تم تنفيذه بعد شهر ونصف فقط من اجتماع سري في طرابلس بين وزير الهجرة والعمل والداخلية في عهد ساركوزي، برايس هورتيفو، ورئيس جهاز الاستخبارات الليبي السابق اللواء عبدالله السنوسي، الذي عقد دون أي مسؤول فرنسي.

ومن جهته، أكد الدكتور سيف الإسلام القذافي، في رسالة نصية إلى قناة “أفريكا نيوز”، التابعة ليورونيوز، طالعتها “أوج”، أنه سيكون شاهدا خلال محاكمة الرئيس الفرنسي الأسبق، لكونه كان على إطلاع بتسلّم ساركوزي لأموال ليبية لتمويل حملته الانتخابية الخاصة برئاسيات العام 2007م.

وأضاف: “بخصوص القضية، أنا سأكون شاهدا رئيسيا فيها لأني جزء من العملية، ولا تزال بحوزتي أدلة قاطعة تدين الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، كما أشير إلى أنه لم يتم إلى غاية الآن سماعي كشاهد في القضية”، متابعا: “وإلى جانب شهادتي هناك شهادة عبد الله السنوسي، والذي بحوزته تسجيل صوتي لنيكولا ساركوزي خلال أول اجتماع بين القذافي وساركوزي قبل حملته الانتخابية، وكذلك بشير صالح الرئيس المدير العام لمؤسسة ليبيا للاستثمارات”.

وأشار الدكتور سيف الإسلام، إلى طرف آخر في القضية، وهو كلود غيان، الذي سبق وشغل منصب الأمين العام للرئاسة الفرنسية ووزير الداخلية في عهد ساركوزي، والذي تمّ إيقافه في إطار التحقيق في اتهامات بتمويل ليبي لحملة ساركوزي الانتخابية، متابعا: “إضافة إلى كلّ هذا فقد كنت شاهدا على تسليم الدفعة الأولى من الأموال إلى كلود غيان في طرابلس والدفعة الثانية سلمت إلى غيان من قبل بشير صالح في باريس”.

وأوضح أن هناك أيضا بشير صالح، الرئيس التنفيذي السابق لمحفظة ليبيا افريقيا للاستثمار، وهو على استعداد للإدلاء بشهادته رغم التهديدات بالقتل، مشيرا إلى تعرض صالح لمحاولة اغتيال في جنوب إفريقيا، وأصيب بست رصاصات في الصدر بينما كان عائدا إلى منزله في جوهانسبورغ حيث يعيش في المنفى.

وفي السياق، أخبر رئيس جهاز الاستخبارات الليبي السابق اللواء عبدالله السنوسي قضاة فرنسيين أنه أشرف على دفع سبعة ملايين يورو لحملة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الانتخابية.

وكشف موقع ميديابارت الفرنسي عن لقاء جرى بين قاضيين فرنسيين والأسير السنوسي في العاصمة طرابلس، وأوضح الموقع، خلال شهر النوار/ فبراير من العام الماضي، أن زيارة القضاة الفرنسيين إلى ليبيا جاءت كجزء من استكمال تحقيقاتهم حول التمويل المشتبه به من قبل النظام الليبي لحملة نيكولا ساركوزي للانتخابات الرئاسية لعام 2007م.

وبحسب ميديابارت، قال السنوسي للقضاة الفرنسيين إنه أشرف بشكل شخصي على دفع 7 ملايين يورو لحملة ساركوزي، شارحاً التفاصيل، وأكد أنه وكجزء من الصفقة، شارك المحامي الشخصي للرئيس الفرنسي السابق وصديقه تييري هيرزوغ في تحركات لإلغاء مذكرة توقيف دولية صدرت ضد السنوسي بعد إدانته غيابيا من قبل محكمة باريس لدوره في تفجيره، طائرة ركاب فرنسية في عام 1989م.

وأضافت ميديابارت أن السنوسي أفاد أن الصفقة تضمنت شراء أجهزة تجسس، حيث حصل رجل الأعمال اللبناني – الفرنسي زياد تقي الدين، على أربعة ملايين يورو مقابل وساطته في الصفقة.

وكان رجل الأعمال اللبناني من أصل فرنسي، زياد تقي الدين، أفصح عن تفاصيل جديدة حول لقاءاته مع الرئيس الفرنسي الأسبق وعراب الحرب على ليبيا نيكولا ساركوزي لتسليمه الأموال من ليبيا المخصصة لتمويل حملته الانتخابية عام 2007م.

وقال تقي الدين “إن ساركوزي كان هناك، وقد التقيته. أخذ الحقيبة ووضعها جانبا، ولم يرغب في عد (الأموال)”، حسب ما نقله عنه موقع “France Info”.

واعرب رجل الأعمال عن استعداده لوصف المكان الذي جرى فيه هذا اللقاء، مؤكداً على أنها شقة ساركوزي في مبنى وزارة الداخلية أثناء عمله بمنصب وزير الداخلية الفرنسي.

وأضاف: “إنه كذاب. لقد التقيته في شقته. مرة التقيته في ليبيا، ومرة أخرى التقيته بحضور غيان (وزير الداخلية الفرنسي السابق كلود غيان). هناك شهود عيان حضروا اللقاءين”.

وأعلن ساركوزي سابقا أن تصريحات تقي الدين حول اللقاءات معه خيالية، مضيفا أنه التقى تقي الدين مرتين قبل عام 2004م.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى