تقاريرمحلي

تقرير نشر حول النزاعات والتحديات التي تواجه ليبيا يؤكد : التدخل العسكري الدولي الذي قاده حلف الناتو في العام 2011 ساهم في تدمير البنى التحتية

نشر موقع الشرق تقريرا حول النزاعات والتحديات التي تواجه ليبيا التي قال انها باتت غارقة في الحروب والأزمات منذ عام 2011، وتواجه تحديات ونزاعات عنيفة منذ ذلك الوقت.
وبين التقرير أن ليبيا لا تزال تواجه تحديات كبيرة، ونزاعات عنيفة معقدة منذ التدخل العسكري الدولي الذي قاده حلف شمال الأطلسي “الناتو ” في الربيع /مارس 2011 حتى التمور/أكتوبر من ذات العام ماساهم في تدمير البنى التحتية في بلد تتحكم به الميليشيات، وينتشر فيه المرتزقة ويسوده الفساد.
وقال الخبير في منظمة “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية”، عماد الدين بادي، أن الوضع في ليبيا “استقر ظاهرياً، لكن الزخم الدبلوماسي، جاء نتيجة تحفظ مؤقت عن القتال وليس نتاج رغبة صادقة في التوصل إلى حلّ”
واضاف بادي لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه “بعد 10 سنوات تبدو ليبيا دولة مشوهة أكثر مما كانت عليه في عهد القذافي”
تجدر الإشارة إلى أنه يوجد في ليبيا اليوم عشرات الآلاف من النازحين، بينما غادر البلاد عدد كبير من المهاجرين الذين سبق أن عادوا إليها للمشاركة في إعادة الإعمار.
وبعد أشهر طويلة من القتال على أطراف العاصمة، تسارعت مبادرات الوساطة لتسوية النزاع، فوُقّع اتفاق لوقف اطلاق النار برعاية الأمم المتحدة في الخريف الماضي، لا يزال سارياً على عكس اتفاقات سابقة اُنتهكت سريعاً.
وعلى الرغم من أن الاتفاق نصّ على ضرورة مغادرتهم بحلول 23 اي النار/ يناير، لا يزال آلاف من المرتزقة والمقاتلين الأجانب موجودين في البلاد
وكانت الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن وبعد وصولها إلى البيت الأبيض في اي النار/يناير الماضي قد طالبت القوات الروسية والتركية بمغادرة ليبيا فوراً.
واثمرت المحادثات بين الليبيين، اتفاقاً على إجراء انتخابات في الكانون /ديسمبر المقبل، فيما تم تعيين يان كوبيش، مبعوثاً جديداً للأمم المتحدة إلى ليبيا
ويفترض أن تشرف الهيئة التنفيذية التي انتخبت أخيراً، والتي يعد من أبرز أركانها رئيس الحكومة المكلف عبد الحميد محمد الدبيبة، ومحمد يونس المنفي رئيس المجلس الرئاسي، على المرحلة الانتقالية التي يفترض أن تقود إلى إنتخابات ديمقراطية
وترى “مجموعة الأزمات الدولية” أن ما تحقق لا يعدو كونه عبارة عن مكاسب هشّة، لأنه لا يزال هناك العديد من الخطوات التي يتعين اتخاذها قبل تشكيل حكومة الوحدة المؤقتة.
وفي السياق ذاته أكد الباحث جلال حرشاوي، أن الوضع يبقى “هشّاً”، ويقول: “تراجع عدد القتلى الليبيين، لكن هل تحقق تقدم على المستوى السياسي؟ هل زال الخطر؟ على الإطلاق”
ويؤكد حرشاوي أن الليبيين “مستاؤون للغاية ويعانون كثيراً جراء كورونا، في حين أن النخب لا تبالي بمعاناة الشعب”
وفي طرابلس، ما زال الليبيون يعانون نقصاً في السيولة النقدية وضعف الإمداد بالوقود والكهرباء والتضخم المالي. وفي هذا الصدد، يعتبر عماد الدين بادي أن الليبيين “يفتقرون تدريجياً”
وكانت المجموعات المسلحة التي تملك السيطرة الفعلية في ليبيا ومنها تنظيم “داعش”، حاضرة أيضاً في المشهد لبعض الوقت، وأسهمت في دوامة الفوضى، قبل أن ينحسر التهديد.
وطال العنف كذلك، قطاع النفط في بلد يحوي أكبر احتياطي من الذهب الأسود في إفريقيا، ووصل الأمر إلى استعماله كورقة مقايضة في أحيانٍ كثيرة
ويقول جلال حرشاوي، إن “ما جرى أشبه بوضع ضمادات على الجراح بدلاً من علاجها، إذ تعاني البنى التحتية في قطاع الطاقة من ضعف الصيانة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، حوّلت 10 سنوات من الحرب ليبيا التي تملك أكبر احتياطات نفطية في إفريقيا، من بلد ينعم بالوفرة إلى اقتصاد منهار تحول سكانه إلى فقراء ومعدمين.
وبات النشاط الاقتصادي في ليبيا اليوم، رهينة الانقسامات السياسية العميقة بين سلطتين متنافستين تتنازعان السيطرة على “الهلال النفطي”
ويلخص مهندس النفط، المهدي عمر، الوضع بقوله إن “كل ما يخص ليبيا له علاقة بالنفط دون أدنى شك”
وفي الكانون/ ديسمبر الماضي، انتعش الإنتاج النفطي ليبلغ 1.3 مليون برميل يومياً، أي 10 أضعاف ما كان عليه في الربع الثالث من عام 2020، لكنه ظل أقل من 1.6 مليون برميل كما كان قبل 10 سنوات
كل شيء توقف في عام 2011، هجر المستثمرون البلاد التي احتلت المرتبة 186 من أصل 190 في تصنيف “ممارسة الأعمال التجارية”، وخسرت الشركات مبالغ طائلة وكذلك الدولة التي كان عليها تعويض المجموعات المتضررة بعد أن لجأت إلى مقاضاتها
وكان عام 2020 صعباً إلى حد كبير، إذ تسببت الحرب على طرابلس والحصار النفطي “بأخطر الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية في ليبيا منذ عام 2011″، وفقاً للبنك الدولي.
وفي ذات السياق، قال الباحث في الشؤون الاقتصادية، كمال المنصوري، إن “ليبيا تمر بتراجع اقتصادي غير مسبوق، خاصة مع الأضرار التي لحقت ولا تزال بقطاع النفط وهو المورد الوحيد للبلاد، جراء الإغلاقات المتكررة التي أثرت سلباً على إيرادات الحكومة من النفط”
كما عاشت ليبيا أزمة نقدية كبيرة بوجود مصرفين مركزيين، مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، ومصرف آخر موازٍ له في الشرق، الأمر الذي يعوق السيطرة على سياسة البلد النقدية بينما ينهار الدينار. وهكذا يعجز الليبيون عن تصريف أمورهم الحياتية اليومية في ظل نقص حاد في السيولة والبنزين والكهرباء والتضخم المتسارع.
وزارة الاقتصاد في حكومة الوفاق غير الشرعية أقرت أخيراً بأن غالبية الضروريات الأساسية ارتفعت أسعارها بأكثر من 50% في عام 2020
ويُعزى الأمر إلى القيود التي فرضها المصرف المركزي في طرابلس وكذلك جائحة كورونا التي أدت إلى تفاقم الأزمة.
وفي السياق، حذر الخبير الاقتصادي، نوري الحامي، من أنه “في ظل استمرار التراجع الاقتصادي الحاد، ستتجه ليبيا في نهاية المطاف للاقتراض الدولي”. ورأى أنه “في حال الوصول إلى هذه المرحلة، ستواجه البلاد أزمات مضاعفة وربما نشهد أرقاماً مفزعة لليبيين الذين يعيشون تحت خط الفقر للمرة الأولى في تاريخ البلاد الحديث”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى