محليمقالات

الأكاديمي عبدالله عثمان يكتب: أهم الملاحظات في حديث المبعوثة الأممية السابقة

 

 

دون الدكتور عبدالله عثمان الأستاذ بجامعة الفاتح سابقًا،  أهم الملاحظات التى تم التطرق إليها في اللقاء مع قناة الوسط الذي استضاف السيدة ستبفاني ويليامز المندوبة بالإنابة السابقة لبعثة الدعم والمساعدة في ليبيا :

(1)

خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية :

التعريف بمنتج ملتقى الحوار السياسي الليبي :

هي”خارطة طريق ” لما سمى بالمرحلة التمهيدية التى يراد منها أن تهيء للوصول إلى مرحلة الإستقرار الدائمة ..

بمعنى أنها مرحلة مرتبطة بالمرحلة القادمة وليس بالمراحل السابقة .. ولذلك فإن تقييمها والحكم عليها ينطلاق من :

1 – واقع تنطلق منه ..

– مانعيش : واقع حرب .. وبموجات مختلفة .. وسواء تم تشخيصها على أنها حرب إقليمية على أرض ليبية .. أو حرب أهلية يتم تغذيتها من اطراف خارجية ..

– مخاطر تسعى إلى تجنبها ..

كخطر استمرار الحرب ..

وخطر شرعنة التدخل والتواجد الأجنبي ..

وخطر استمرار انقسام المؤسسات ..

وخطر تفاقم مظاهر التهميش والهدر والفساد ..

وخطر تدهور الوضع المعيشي وضنك العيش وترديء وسوء الخدمات ..

– هدف تود الوصول إليه لتحقيق ذلك ..

وضع حلول عاجلة وسريعة لهذه التحديات والاخطار ..

وتهيئة الظروف للوصول الى مرحلة الإستقرار والإزدهار ..

كيفية الوصول ال المرحلة الدائمة التى تنطلق من شرعية شعبية يتم تدشينها من خلال محطة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الشفافة في ديسمبر القادم ..

(2)

الشرعية الدولية :

تكتسب مخرجات جينيف شرعيتها دوليا وسياسيا من :

– استخلاصات برلين .. التى اعتمدت الخطة .. ووافقت “مسبقا ” على كل ماسينتج عن مساراتها ..

– قرار مجلس الأمن رقم 2510 الذي دعم هذا التوافق الدولي وشرعن وتبنى خطة المسارات الثلاثة ( السياسي والإقتصادي والعسكري ) ..

– ضرورة مواكبة الحل السياسي لمشروع الحل العسكري المؤسس على وقف إطلاق النار وخطة وجهود لجنة ( 5+5 ) في نزع فتيل الحرب وإخراج القوات الأجنبية عن تراب ليبيا ..

– ضرورة الوصول إلى سلطة تنفيذية موحدة تضمن تطبيق ونجاعة الإصلاحات النقدية والإجراءات المالية والإقتصادية ..

– والى سلطة موحدة لها شرعية التصرف في إيرادات النفط ( كعنصر وسبب من عناصر وأسباب الصراع ) ..

– ولتنفيذ الميزانية السنوية العامة للدولة .. واستئناف مسيرة التنمية وتطوير الخدمات ..

(3)

الشرعية القانونية والسياسية :

– كان هناك منطق يحتم ان تنطلق هذه الخطة من نقطة ما .. فلايمكن البدء من لاشيء .. لذلك تم الاستناد على المادة (64 ) من الإتفاق السياسي المعنية بمهمة لجنة الحوار .. والتى تتيح للجنة الحوار او البعثة الدولية كطرف فيها وجزء منها أن تدعو لحوار بغرض وضع حلول للإنسداد الذي يواجه تطبيق الإتفاق ..

– اتفاق الصخيرات هو اتفاق يستند على شرعية دولية عبرت عنها قرارات مجلس الأمن الداعمة له .. وعلى شرعية محلية خلافية ( موقف رئاسة وبعض اعضاء مجلس النواب .. واشكالية الإعتماد والتضمين .. او حتى صيغة التضمين المشروط في التعديل الحادي عشر الذي لا تعترف به بعض أطراف الصراع ) ..

– هناك الكثير من مظاهر الخلل في هيكل اتفاق الصخيرات ( خيم شبح تكرارها على مخرجات جينيف وحتى اللحظات الأخيرة والتى حاولت تجنب تكرارها ) ..

وبعض مظاهر الخلل تتعلق :

بضعف شمولية تمثيل الأطراف الموقعة عليه ..

وبدور الوسيط الدولي غير الشفاف ..

وبتعدد رؤوس السلطة وتداخل الإختصاص ..

وبإعطاء حق الإعتراض وحتى “العرقلة” لكل طرف من الأطراف .. ولم يعطي حق الإقتراح أو الفصل لأي طرف من اطرافه ..

وبالسيولة والقابلية للتفسير ومن خلال صياغات ومصطلحات فضفاضة ( التوافق التشاور وغيرها ) ..

وبالإنتقائية وليس الإلزامية في تنفيذه .. مما أعطى السلطات الناتجة عنه براح الإختيار بين الأولويات .. وتعطيل بعض المهم منها ..

وبعدم وجود عقوبات لمن يعرقل تنفيذه ..

(4)

الحوار السياسي .. الهيكل والمضمون :

– اختلاف الحوار عن التفاوض .. فالتفاوض هو بين اطراف تمتلك القوة على الأرض .. والحوار هو بين كل الشرائح والمكونات لصياغة إطار جامع ..

– التمثيل والتعبير .. في الأزمات السياسية خاصة التى تؤدي إلى حروب أهلية لا يتم الإتجاه إلى التمثيل فقط ( وفي الغالب غير المتفق عليه للإطراف المشاركة فيها ) .. بل يتم الحرص على وجود وحضور “التعبير” لكل من تضرر منها ايضا .. وبهدف إيجاد صيغ توافقية جديدة .. وليس تقاسم السلطة او مواقع النفوذ او المنافع والغنائم ..

– وتم تكوين اعضاء الملتقى من خلال تمثيل :

– اعضاء من مجلس النواب وأعضاء من مجلس الدولة ( انطلاقا من الدوائر وليس المؤسسات ) ..

– واعضاء من ( قائمة البعثة الدولية ) الذين رأت أهمية مشاركتهم .. والذين تم تحديدهم بعد مسار حوارات طويلة في ( الملتقى الوطني الليبي ) الذي انعقد في حوالي (77) منطقة وأكثر من (30) لقاء مع نخب وتيارات وتنظيمات وشخصيات والذي أستمر لمدة عام كامل ..

(5)

العلاقة مع الأجسام القائمة .. وظاهرة الشرعيات المختلفة .. المتناقضة وحتى المتوازية .. التى يستند كل طرف فيها على ( سرديات وروايات وتاويلات وتفاسير وأفهام ) تنتج وتبرر شرعياتهم تلك .. هي ظاهرة ليست جديدة في الثقافة العربية والإسلامية خاصة تعبر عنها مقولة “حتمية التشظ” و”تنزيه الفرقة الناجية” و”صناعة القواميس ” التى تبرر لكل فرقة خطاباتها وافعالها ..

– العلاقة مع الأجسام القائمة .. وشرعية سؤال من يمتلك “الشرعية الإتفاقية الجامعة” اليوم .. من جميع المخرجات والمؤسسات في ظل تعدد وانحسار واستنفاذ الشرعية اليوم ( الثوار .. المؤتمر الوطني .. مجلس النواب .. الرئاسي .. القوى الأخرى ) .. خاصة حين نلحظ ظاهرة استخدام وتطويع القانون واختطاف المؤسسات لتستخدم في اضفاء الشرعية على الأطراف المتحاربة .. وهو السلوك السائد والشائع في الأزمة الليبية ..

(6)

ماذا يريد الليبيون :

– الليبيون مثل كل شعوب العالم يطمحون الى ان يعيشوا في دولة عصرية .. تنظم وتكفل الحقوق والواجبات .. وتصون وتحفظ الرموز الوطنية الجامعة .. مشروع الدولة الليبية الذي تعثر في لحظاته التاريخية الثلاثة ( ديسمبر .. سبتمبر .. فبراير ) .. لأسباب كثيرة .. ربما لم يحن الوقت بعد للقراءة الموضوعية لها بسبب غبار الحروب ومناخات الصراعات ..

– لذلك فإننا نحتاج في هذه اللحظة الى وضع أسس يمكن ان تؤدي إلى تأسيس :

الدولة الليبية الثانية ..

وعلى أسس جديدة منها :

– هوية ليبية جامعة .. تستند إلى تعاقد اجتماعي عادل .. فبعد 70 عاما من عمرها نلحظ عودة “هويات ماقبل الدولة المعاصرة” إلى الظهور في وعي أجيال لم تولد او تعيش فيها او تتشرب خطاباتها ووعيها ..

دولة المواطنة والحقوق .. المؤسسة على وثيقة او دستور يتوافق عليه الشعب الليبي أفراد ومكونات .. ينظم الإختلاف والتداول ويحدد بوضوح حقوق المواطنين فيها ( غير الشعب والجمهور ) .. ويحترم الرأى والتعبير ( ويحد من سطوة التطرف والايديولوجيا الدينية أو العلمانية ) ..

الدولة المدنية الديمقراطية .. التى يتم تنظيم المجال السياسي السلمي فيها من خلال جماعات الرأى وليس العصبية أو القوة المسلحة ..

دولة المؤسسات .. التى تميز بين الدولة والسلطة .. وتنظم العلاقة بينهما لصالح الدولة وليس العكس كما حدث مرارا .. والتى تكون المؤسسات العسكرية ( الجيش ) هي مؤسسات “حامية” للدولة وليس مؤسسات “حاكمة ” اعتقدت نخبها باحقيتها في حكم شعوبها ..

دولة العدالة .. دولة المساواة في الفرص والشفافية .. و التى تحول الموارد الى ثروة وليس العكس .. والإقتصاد إلى إنتاجي وليس ريعي وليس العكس ..

دولة “الحرية المسؤولة” وليس “حرية الفوضى” .. ومن خلال “مفهوم عصري واسع للأمن ” لا يقلص من مساحات حرية الوطن والمواطن .. وليس مفهوم الأمن التقليدي الذي يغلب أو يضحي باحدهما على حساب الآخر ..

والخلاصة :

فإن نجاح اى نظام يكمن في قدرته على خلق الهياكل العصرية لجعل الناس تفكر وتعمل وتتعلم من تجاربها .. وليس التفكير عنها .. ولو كان ذلك يحقق مصلحتها مؤقتا ..

و الله المستعان ..

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى