تقاريرمحلي

تنافس محموم على الفوز بعقود إعادة الإعمار في ليببا منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية

كشف المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين في تقرير له نشر عبر موقعه الإلكتروني جانبا من التنافس على الفوز بعقود إعادة الإعمار منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية ، إذ بدأت عدة دول عربية وأفريقية وخليجية وأوروبية محاولات إعادة تموقعها داخل ليبيا، وانطلق العديد من الدراسات لاقتحام السوق الليبية مجددا، خاصة أنها أصبحت سوقا واعدة للإعمار وأيضا لليد العاملة، وآخرها مصر التي بدأت مفاوضات جديدة حول إعادة مواطنيها للعمل رسميا داخل ليبيا وزيادة حجم احتياطها من العملة الصعبة الواردة من خلال هذه العمالة.

وانطلقت عدة دول خليجية لتوقيع عقود الإعمار داخل ليبيا، بالإضافة إلى فرنسا وإيطاليا وتركيا في مجال الطاقة.

وتعد ليبيا سوقا اقتصادية ضخمة لتونس، إلا أن الخلافات السياسية الداخلية تستمر في إضعاف وضعها وعلاقاتها في الخارج حتى مع دول الجوار حيث عمقت الأزمة الليبية جراح الاقتصاد التونسي الذي يمر بصعوبات كبيرة جراء الاضطرابات الاجتماعية وتراجع السياحة والاستثمار.

وكشف تقرير حديث للبنك الدولي أن تونس تخسر نحو 800 مليون دولار سنويًا، كتأثير مباشر للأزمة الليبية بين استثمارات وصادرات، وشملت هذه الخسائر، وفقًا لدراسة أعدها البنك الدولي عن تونس ليبيا رقم معاملات المؤسسات التونسية المستثمرة بليبيا والمصدرة والمؤسسات غير المرتبطة اقتصاديًا بصفة مباشرة مع ليبيا بسبب غياب مناخ الاستثمار على المستوى الإقليمي.

ويعود هذا التراجع في حجم التبادلات بين البلدين إلى الإغلاق المستمر للمعابر الحدودية الذي أدى إلى بطء وقلة حركة نقل البضائع، والتهديدات الإرهابية على طول الطريق الرابط بين تونس وطرابلس، والانخفاض الشديد للقدرة الشرائية للمواطنين الليبيين الذين أنهكتهم الأزمة الاقتصادية نتيجة انعدام السيولة وتراجع سعر صرف الدينار الليبي.

وعلى الرغم من ضعف الاهتمام التونسي الرسمي باستغلال الفرصة لتمويل المستثمرين، إلا أن مجالس الأعمال التونسية الليبية المشتركة أعدت مسودة لصندوق استثماري لإعادة إعمارها قدمت لوزير المالية التونسي، إذ ستكون الذراع الرسمية للتمويل بعدما أبدى 14 صندوقا استثماريا أجنبيا استعدادها للمساهمة في رأس ماله.

وفي غضون ذلك تبذل دول لها حضور عسكري مباشر في ليبيا قصارى جهدها للحصول على نصيب الأسد في هذه السوق الضخمة، من بينها تركيا التي ترفض منافستها أو تضع خطوطا حول اقتسام كعكة المشاريع الكبرى.

ويظهر ذلك من خلال اتفاق رئيس الحكومة التونسي هشام المشيشي مع سفير تركيا لدى تونس رفيق علي أونانير على ضرورة تطوير التعاون بهدف الإسهام في إعادة إعمار ليبيا، خاصة بعد انتخاب المجلس الرئاسي الانتقالي برئاسة محمد المنفي والحكومة الانتقالية برئاسة الدبيبة.

ونبه سفير الاتحاد الأوروبي بتونس ماركوس كورنارو حكومة المشيشي إلى إمكانية أن تركيا ومصر قد تسبقان تونس في مجال البناء والإعمار والتشغيل، وعبر في تصريحات لوسائل إعلام محلية عن قناعته بأنه إذا تحقق التحول الديمقراطي في ليبيا يمكن أن يغير الكثير في المنطقة في مجال البناء، وهو ما يكون بمثابة امتحان آخر لتونس وللقدرات اللوجستية للاستفادة من المسار الليبي الجديد.

وفي هذا السياق، يكشف تقرير فرنسي عن نزول تركيا بكامل ثقلها في مدينة مصراتة الليبية للاستحواذ على أسواق إعادة الإعمار، في خطوة تبدو وكأنها جني لثمار دعمها العسكري لحكومة الوفاق غير الشرعية.

وقالت الإذاعة الفرنسية إنه في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو المسار السياسي وتشكيل حكومة انتقالية، يرأسها الدبيبة، ابن مدينة مصراتة يبدو أن الأتراك استعدوا لتولي مهمة إعادة البناء، حيث إن جلّ المستثمرين في قطاع البناء من رجال الأعمال الأتراك.

وأضافت إنه في جنوب مصراتة غير بعيد عن المطار تقع أراض شاسعة تمتد على مساحة 100 ألف متر مربع، مملوكة لشركة «كارانفيل للبناء» التي يرأسها سنان كايا المقرب من الرئيس رجب طيب إردوغان. وعلى هذه الأرض الشاسعة التي يديرها مع شريك ليبي يفكر سنان كايا في العديد من المشاريع.

ويتمثل التحدي الذي تواجهه هذه الشركة في إنتاج كل شيء في الموقع حتى تكون قادرة على المنافسة قدر الإمكان، فالمطارات والمصانع ومراكز التسوق والمراكز اللوجستية بالميناء والشركات التركية تبدو شهيتها مفتوحة، وقد كانت بالفعل هناك قبل سقوط الدولة في 2011.

وقال سنان كايا إن «العلاقات بين بلدينا قديمة، وبغض النظر عن السياسة فإنّ التجارة لم تتوقف بيننا وحتى أثناء الحروب، فالاحتياجات هائلة على أي حال، وبعد القتال يجب إعادة بناء كل شيء».

وتتحرك مصر هي الأخرى قدما محاولة استعادة مكانتها في ليبيا، حيث تكثفت الاتصالات المصرية الليبية واستؤنفت المناقشات السياسية والأمنية بهدف استقرار البلاد والمنطقة وإعادة فتح سفارتها في طرابلس المغلقة منذ سنوات.

وبالفعل، اختار عبدالحميد الدبيبة المعين أخيرا القاهرة للقيام بأول رحلة رسمية له إلى الخارج، وذلك بعد فترة طويلة من جمود العلاقات بين القاهرة وطرابلس، وتشكل هذه الزيارة رسالة إيجابية من العاصمة المصرية ليكون لها نصيب في إعادة إعمار ليبيا.

وفي المقابل، تريد إيطاليا وتركيا العمل لتلبية احتياجات ليبيا من الطاقة مثل الكهرباء وفق تصريحات سابقة لوزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، بيد أن أكثر ما تسعى إليه روما إعادة تفعيل اتفاقية العام 2008 مع ليبيا، حيث ستسمح للشركات الإيطالية بالعودة إلى ليبيا والمشاركة في إعادة الإعمار، وعلى رأسها استئناف إنجاز مشروع الطريق السيارة، والذي تعهدت إيطاليا ببنائه في إطار معاهدة الصداقة، وهو طريق سريع يبلغ طوله نحو ألفي كيلومتر، ويمتد على الساحل بأكمله من الحدود الليبية مع تونس إلى حدودها مع مصر.

كما تدرس أيضا إمكانية إنجاز العديد من المشاريع الأخرى بدءا من إعادة بناء مطار طرابلس الدولي، الرئيسي الذي تم تدميره في العام 2014.

وفتح مجال الاستثمار أيضا شهية باكستان التي حث سفيرها المعين حديثا لدى ليبيا، رشاد جافيد، رجال الأعمال والمصدرين على الإسراع في المشاركة في مشروعات إعادة الإعمار المتوقّعة بتكلفة تقدر ب 100 مليار دولار، تم تخصيص 40 مليار دولار للقطاع الصحي المنهك، داعيا إياهم أخذ حصة من سوق توريد المواد الغذائية والمنتجات الحيوانية والمحاصيل الزراعية التي تستوردها البلاد.

وخلال زيارته الغرفة التجارية الصناعية في مدينة فيصل آباد، قدّم السفير فيلما وثائقيا شاملا عن ليبيا، مُذكّرا رجال الأعمال والمُصدّرين، أنه من المتوقع إجراء انتخابات موحدة في ليبيا في 24 الكانون/ديسمبر القادم تحت إشراف الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى