محليمقالات

محمد الأمين يكتب// ارتفاع أسعار النفط والغاز في أسواق العالم: طفرة مالية مسمومة نشأت من رحم الفوضى

محمد الأمين يكتب// ارتفاع أسعار النفط والغاز في أسواق العالم: طفرة مالية مسمومة نشأت من رحم الفوضى 

 

كتب الأستاذ محمد الأمين على صفحته عن أسباب ارتفاع النفط ورؤيته للوضع الحالي تحت عنوان.. ارتفاع

أسعار النفط والغاز في أسواق العالم: طفرة مالية مسمومة نشأت من رحم الفوضى.. ما هي المخاوف؟

وجاء نص المقال كالآتي:-

ربما يكون الارتفاع الصاروخي الذي شهدته أسعار النفط بنسبة قدرها 60% في ظرف عام واحد، بالتزامن مع

اضطراب الإمدادات ومخاوف توسّع نطاق الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى قرارات الدول الغربية خفض

وارداتها من الغاز والنفط الرّوسيّين، وقرار روسيا عن وقف محتمل لخط الغــاز نوردستريــم 1 نحو أوروبا، فرصة

للدول المنتجة كي تغنم صفقات مربحة تنعش موازناتها بعد الركود الذي تسببت فيه الكورونا وخسائر النزاعات التي تخوضها كثير من هذه الدول، ووفرة المعروض في الأسواق العالمية.

لكن من المؤكد جدا ألاّ يكون هذا الوضع وضعاً دائما بسبب صعوبة احتمال المستوردين الغربيين لشطط

الأسعار، وكذلك للتعقيدات السياسية التي ما انفكّت تنتجها الأزمة المحتدمة شرق أوروبا.. ومن الوارد بشدة أن

تتسارع الأحداث على هذا المستوى، إما بسبب التصعيد المتبادل للعقوبات بين الأطراف، أو لتوسّع نطاق

الحرب بشكل يغيّر من طبيعة التنافس على الموارد من البيع إلى الاستيلاء بالقوة، وهي مرحلة اللاعودة التي لا يتمنّاها أي طرف..

إن ما يعزز فرضيات مزيد تدهور الأمور بين روسيا والغربيين هو إصرارهم على أن يلحقوا أكثر ما يمكن من

المعاناة الاقتصادية، وهو أمرٌ ناجح إلى حدّ بعيد، وأظهر إلى حدّ الآن فعالية السلاح الاقتصادي ومقدار الوجع

الذي تسبّبه إجراءات قاصمة مثل الطرد من سويفت أو معاقبة القطاعات الحيوية وحظر التقنيات والتبادل

النقدي والتجاري المباشر، بما أسهم في إسقاط الرّبع بحوالي رُبع قيمته.. ولن يمرّ هذا دون تأجيج غضب صانع

القرار الروسي ودفعه إلى مزيد من القرارات المتشددة بما قد يصل إلى وقف كلّي لصادرات الغاز نحو غرب القارة الأوروبية بالخصوص. 

لذلك، فإنه من المرجّح أن يتحول الارتفاع الراهن في الأسعار إلى أمر مقلق للدول المنتجة رغم ما يجلبه من

عائدات.. فهو سيشجع قوى معينة على اتخاذ خيارات جنونية وتحويل النزاع الاقتصادي إلى صراع كسر عظم

انتقامي عسكري لا أراه مستبعدا كثيرا رغم تمسّك القوى الكبرى -المعلن عل الأقل- بعدم الانجرار إلى مواجهة واسعة أو استفزاز غير محمود العواقب..

وفي غضون ذلك، تبدو الولايات المتحدة الأمريكية أبرز المستفيدين مما يجري، فهي تنظر إلى الأوروبيين وهم

يواجهون ظروفا محبطة وتوترات خطيرة يخشون أن تنهار بلدانهم في أيام أو ساعات بعد عقود من البناء والعمل

والتضحيات، وتعتقد أنهم سيصبحون أكثر طاعة لها وانصياعا إلى خياراتها.. لا ننسى أن الأوروبيين هم ورقة

الأمريكيين في محاربة روسيا وتركيعها، ولا ننسى انهم ربما يشكلون رأس حربة لعمل عسكري مباشر ضدّ

روسيا، في إطار حلف جديد تكتفي فيه واشنطن بـ”القيادة من الخلف”leading from behind كما فعل الديمقراطيون في ليبيا عام 2011.

إن الأوروبيين مستهلِكون يستوردون أسباب الرخاء بالمليارات، وسوف يدافعون عن نمط معيشتهم، وعن

قدراتهم التنافسية، وعن القدرة الشرائية لمواطنيهم ولن يهتموا بقوة الدور الأمريكي أو النفوذ الأمريكي أو

تأثيراته السلبية ما داموا في تحالف موضوعي مع شرطي العالم.. أما العرب والمنتجون بشكل عام، فلن يهنؤوا

طويلا بعائدات الصفقات المسمومة التي ستتدفق طوال الأزمة، لأن ارتفاع أسعار الطاقة يتزامن مع ارتفاع

للمنتجات الزراعية والغذاء، ولا شكّ أن الغرب سيضع الخطط كي ينتزع منهم ثمار الطفرة الحالية من السيولة

المتراكمة بصفقات عسكرية وأمنية وخدمية يستعيد بها رخاء شعوبه.. وللحديث بقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى