محليمقالات

هل يمكن أن نرى نسخة ليبية من “التدابير الاستثنائية” التونسية في ليبيا؟  ‏

الكاتب الليبي: محمد الأمين

هل يمكن أن نرى نسخة ليبية من “التدابير الاستثنائية” التونسية في ليبيا؟  ‏

تحركات المجلس الرئاسي وتعهداته المتكررة بتنفيذ الانتخابات بموجب وبدونه، وتجديده الالتزام ‏وراء الالتزام بإجرائها كلما طُلب منه ذلك وحتى إن لم يطلب.

‏..والتنافر الشديد الذي بدأ خلال الساعات الأخيرة يتغلغل في جسم المنظومة غير المتجانسة أصلا.. ‏

‏..وتعالي الأصوات بضرورة الإصغاء إلى الشعب، وعدم الالتفاف على إرادته، وتمكينه من حقّه في ‏الذهاب إلى الاقتراع في أقرب الآجال، قبل أن يهبّ بعنف ويهاجم الطبقة السياسية بأكملها.. ‏

‏..وهذا الاستفحال الشديد للعبث السياسي والمراوحة التي تشبه ترنّحا يمهّد لسقوط حرّ لكامل عناصر ‏المشهد في حالة احتراب أعمى تظافرت أسبابه واكتملت أشراطه ولا تتوافر بعدُ أدواته، وربما بدأت في ‏التوافر مع زحف رتل صلاح بادي وشركائه نحو العاصمة منذ مساء يوم أمس.. ‏

‏..والصورة النمطية التي رسّخها جماعة المجلس الرئاسي عن مجلسهم بأنه كيان “تشريفاتيّ/بروتوكولي” ‏غير فعاّل، يقوم عليه أناسٌ متردّدون حشرهم شركاؤهم في السلطة التنفيذية داخل مربّع العجز، وانتزع ‏منهم “المجلسان(النواب والدولة)” معظم الصلاحيات عُنوة فحُبسوا في قُمقُم ضيق بلا مخارج.. ‏

‏..ومع الارتباك الشديد الذي صار يطبع أداء المستشارة الأممية ستيفاني واضطرّها إلى التنازل في غير ‏ذي موضع، سواء فيما يتعلق باستضافة القاهرة للمحادثات المرتقبة، أو بامتداحها عقيله صالح بعد جفوة ‏علنية.. ‏

‏..وسط كلّ هذا، تتضافر المعطيات بكثافة حول نيّة محمد المنفّي وجماعة المجلس استنساخ السيناريو ‏التونسي بإعلان حلّ المؤسسة التشريعية والاستيلاء على كامل السلطة التنفيذية، وإعلان الدخول في ‏مرحلة انتقالية أخيرة قوامُها الحكم بالمراسيم قبل الذهاب إلى انتخابات شاملة.. بينما يروّج البعض الآخر ‏لفكرة تعيين الرئاسي رئيس المجلس الأعلى للقضاء كي يتولى رأس السلطة التنفيذية بشكل مؤقت إلى ‏حين تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة (النموذج المصري).. ‏

القاسم المشترك بين وضع المنفّي والرئاسي وبين حالة الرئيس التونسي قيس سعيّد أن كلاًّ منهما لا ‏يتمتع بصلاحيات موسّعة كي يقوم بدوره في ظل المشهد الذي استهدفه بالتغيير.. وأن كلاّ منهما قد اُبتُلي ‏برئيس حكومة متغوّل.. وبسلطة تشريعية فاقدة للشرعية الشعبية وللمشروعية الدستورية.. حيث سقطت ‏الأولى بالتقادم وانتفت الثانية بغياب الدستور‎!!‎

نعلم جيدا أن محمد المنفي وجماعة الرئاسي قد يفكرون في مثل هذا السيناريو الذي له مسوغات كثيرة، ‏لكنهم يفتقرون إلى الأدوات الصلبة، أي إلى قوة موالية كافية لردع الخصوم الآخرين.. كما تعوزهم ‏الإرادة السياسية و”القلب الميّت” للدخول في صراع على أكثر من جبهة ربما انتهى إلى ما لا يُحمد ‏عقباه..‏

لكن العامل الرئيسي الذي قد يعجّل بحدوث مثل هذا السيناريو في تقديري هو العامل المالي.. ففي ظل ‏‏”تجفيف منابع” الأجسام الراهنة بتجميد التصرف في عائدات النفط والغاز.. ويقين الجميع بأنهم لن ‏يتحمّلوا هذا الوضع طويلا.. فإننا لا نتوقع أن تستمر الأمور على الشاكلة التي نراها.. بل إننا نكاد نجزم ‏بأن مواجهة قد تكون على وشك الاندلاع بسبب المال.. ولا عجب.. فقد احترب هؤلاء من أجل المال.. ‏وتصالحوا من أجله.. وخاضوا غمار الترشيح للانتخابات لأجله.. وعرقلوا الانتخابات لأجله.. ‏وسيهاجمون بعضهم غدا لأجل المال أيضا.. والله المستعان،، وللحديث بقية. ‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى