محليمقالات

هل يفعلها المجلس الرئاسي .. 

عضو ملتقى الحوار السياسي الدكتور عبد الله عثمان عبد الرحيم

هل يفعلها المجلس الرئاسي ..

خطرها على “المسلسلات” الرمضانية ..

على سيناريو “المسرحية السياسية ” الليبية .. التى يتم الانتهاء من كتابة مشاهدها الاخيرة .. والاستعداد لتصويرها وعرضها خلال موسم الصيف الساخن لهذا العام .. موسم يونيو ..

(1)

(الإخراج )

الوضع الدولي ..

لن تنجو ليبيا من التأثيرات السلبية للحرب الدائرة في العالم ومن مضاعفات صراع الكبار الذي يتم اليوم من خلال :

عنوان جزئي :

“عملية عسكرية” تقوم بها روسيا لتأمين محيطها وطرد مخاوفها وتأكيد دورها في مجالها وضمان هيمنة وتأثير وتدفق مصالحها الاقتصادية غربا ..

وعناوين رئيسية كبيرة :

“عملية مراجعة سياسية كاملة” لمدى امكانية استمرار اوضاع وترتيبات صيغ تقاسم مناطق النفوذ بين المنتصرين في الحرب العالمية الثانية .. او حتى من خلال امكانية استمرار الاوضاع والمنافع الجيوسياسية التى تحققت لبعض الدول بعد نهاية الحرب الباردة .. وفي ظل وجود “قوي بازغة جديدة “انضوت اطرافها في حلبة المنافسة الاقتصادية والعسكرية .. وتحقق نتائج باهرة لبعض الاطراف الجديدة في سباق المنافسة تؤهلها لدور اكبر في فضاءات العالم ..

لذلك ..

ستستمر ليبيا ساحة لصراع سياسي دولي لسنوات طويلة .. وهو صراع يتم بين النفوذ الامريكي الذي يعتبرها منطفة نفوذ امريكي يحظى موقعها باهمية استراتيجية له .. وبين النفوذ الروسي الطامح لتامين العبور لتحقيق رغبته في التوسع عبورا من ليبيا الى القارة الافريقية الواعدة .. وبينهما النفوذ الاوروبي الذي يخاف القوتين بدرجات مختلفة ويعتبر ان دوله هي الاولى بالاستفادة من ادارة المكاسب الاقتصادية والاستراتيجية فيها والأحق بالحماية والتدخل بسبب التحديات الامنية التى تعاني تبعاتها .

(2)

(الانتاج والتنفيذ )

الوضع الاقليمي ..

بالرغم من التحولات المتسارعة التى تتم على مستوى العلاقة بين دول الاقليم المتصارعة والمتحاربة خلال العشرية السابقة .. الا ان هدا المناخ لايعني بالضرورة انعكاسه ايجابا على استقرار الحالة الليبية في ظل عدم وجود “رؤية وادارة ” وطنية ليبية قادرة على الاستفادة من هذه التحولات وتحويلها الى محطات لبناء السلام والاستقرار والثقة والانتقال الى صيغ التعاون والتنسيق وليس الوعود الوهمية والمخاتلة والاكاذيب وانتهاز الفرص ..

(3)

( كتاب السيناريو ) وموثقي العقود والشهود ..

1- مجلس النواب .،

والذي يقوم بادارة المرحلة من خلال شعارات “الشرعية والتوافق والحوار الليبي الليبي ” والتى ليس لها أثر حقيقي وواقعي فيما ينتجه من اجسام وما يتخذه من تشريعات وقوانين وتعديلات تعرقل اكثر من ماتسهل ..

والذي ينتظر رئيسه “نهاية المدة المحددة لخارطة الطريق الصادرة من ملتقى الحوار السياسي الليبي والتى لم يضمنها او يدسترها ” ليعلن انتهاء مدتها وعدم اعترافه بشرعية مخرجاتها من حكومة الوحدة الوطنية الى المجلس الرئاسي .. وعودة صلاحيات القائد الاعلي اليه ..

2- المجلس الاعلى للدولة ..

الذي يقوم بالادارة العكسية لكل مايمكن ان يلوح في الأفق من مبادرات او مقترحات .. وظل يقاوم بكل مايمكنه من “ذخيرة شعاراتية مقدسة ” من اجل مقاسمة ماتبقى من شرعية مع مجلس النواب المنتخب بديلا له .. ومن خلال “خدع الحاوي” التى تعلن التوافق ثم تتراجع عنه دون شعور بالتناقض او نكث العهود .. وبطرح صيغ حلول ومقولات غير قابلة للتحقق الواقعي مثل صيغة عدم الذهاب الى الانتخابات الا بدستور لن يرى النور قريبا .. او لن يكون هناك برلمان الا بغرفتين .. ناهيك عن القناعة بالتسليم لاحد الاطراف في المدى المنظور ..

(4)

( الممثلون ) ومتقمصي الادوار :

1- حكومة الوحدة الوطنية ..

لن تستطع حكومة الوحدة الوطنية انجاز الانتخابات كما وعدت .. الحجة الى اشهرتها في إطار مواجهتها للحكومة الجديدة ولتعطيل تسليمها لمهامها لها .. خاصة في ظل عدم وجود “اختصاص او شرعية” لها لاصدار القوانين اللازمة للانتخابات “وعدم بسطها لسلطتها ” على كامل التراب الليبي ..

ومع ذلك ستستمر في تكرار وتسويق مقولة التسليم لسلطة منتخبة حصريا .. وانه لم يعد يلزمها مصدر شرعيتها ولا ما اتت من اجله من مهام في خارطة الطريق ..

2-حكومة الاستقرار الوطني ..

لن تستطع حكومة الاستقرار الوطني مباشرة مهامها كما ترغب بطريقة سلمية من طرابلس حتى يونيو .. ولن يتم الاستلام بطريقة سلمية من حكومة الوحدة الوطنية خاصة في ظل وجود موقف دولي “يدعي الحياد” بينهما .. بحجج ومبررات ماشاب شرعية وتوافقات ومحطات وطريقة تشكيلها .. والتى افرزت تشكيلة حكومية لاتختلف كثيرا عن سابقاتها .. وبطريقة “غير متوازية ” لم تطمئن الكثير من الأطراف .. وحين كسب فيها الطرف الذي خسر الحرب الكثير من المكاسب السياسية .. وخسر الطرف الذي كسب الحرب كل مكاسبه السياسية لصالح جموح طموح المترشح لرئيس الوزراء .. وعدم قدرة فريقه على ادارة التوافقات مع الاطراف السياسية والصيغ المسلحة بما يؤدي الى طرد الكثير من المخاوف ويمحو آثار بقايا صور الصراع السابقة باعطاء الضمانات الكافية ومن دون التنازل عن تحقيق الاهداف الوطنية المرجوة .. وهي القوى التى لديها القدرة “تحت ضغط مموليها ” الى افتعال حرب لمنع استلام الحكومة لمهامها .. حرب مجهولة المآلات ..

3- ضحايا الصراع والكومبارس ..

وهم جمهور الليبيون من الذين يرددون شعارات هولاء الممثلين او من المتفرجين الذين يصفقون لهم على قلة تواجدهم في المسرح من الذين يشاهدون مشاهد حلقات هذه القصة الحزينة .. خاصة بعد “سرقة محطة التعبير ” عن اصواتهم في الانتخابات .. وبعد وضوح هيمنة الدول الاجنبية على القرار الليبي وعلى مصدر وعوائد مواردهم وثرواتهم ..

وهم “الجماعات المسلحة” التى يتم توظيفها وادارتها من خلال القوى النافذة فيها والقوى الاقتصادية والسياسية المتصارعة المتحالفة معها والتى استخدمتها وتستخدمها لتحقيق مصالحها وخدمة لسياساتها في الاستئثار بالسلطة والنفوذ والمال والذي لايطالهم منه الا فتات الفتات ..

(5)

وختاما ..مازال “السؤال الاشكالي” لكل حالات الازمات والتحولات التى تجد نفسها امام “اللامتوقع ” يطرح نفسه ..سؤال : ما العمل .. إن خطراً جسيماً يتهدد سلامة وأ ْمن الدولة والنظام العام والمتمثل في غياب دور ألدولة ومؤسساتها والفقدان التدريجي لسيادتها وقدرتها على ادارة عائدات مواردها واستقلالية قراراتها وتفاقُم الصراعات السياسية والخوف من تحولها الى نزاعات مسلحة في ظل انتشار السلاح خارج الشرعية وسوء الأوضاع المعيشية والأمنية ..

إن “الحل السياسي الممكن الوحيد ” للازمة السياسية الليبية الحالية .. والتى ادخلت البلد في ظرف استثنائي حقيقي .. ظرف يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهته .. فالاوضاع الاستثنائية تحتاج الى معالجات استثنائية خاصة حين تنذر بالمزيد من تناسل الازمات وتحور فيروساتها .. وكما حدث في سوابق ليبية قريبة وبعيدة .. والتي يمكن ان تقرب من يوم استعادة الدولة وسيادتها واستقلالها وسيادة القانون وممارسة الشعب الليبي لحقه في الانتخاب واستعادته لصوته المختطف يكمن في :

إعلان “حالة الضرورة ” ..

التي تعني “إضفاء المشروعية ” استثنا ًء على عمل ُمحدد يُحقِّق المصلحة العامة المؤكدة ..

وبعد “تآكل كل الشرعيات ” القائمة ..

وبعد تحول مخرجاتها الى ادوات لاستمرار الازمات وليست ادوات منتجة لحلولها ومساعدة على تحقيقها او ملتزمة بنتائجها ..

خاصة وان قواعد القانون الدولي العام تضفي الصفة الشرعية على نظرية “حالة الضرورة ” حين تجيز في حال الطوارئ ووفقاً لشروط وضوابط ُمعينة عدم الالتزام حتى بالقواعد الدولية الضامنة للحقوق والحريات العامة .. وقد وجدت في الكثير من صيغ “فقه القانون ” للكثير من الدول ووردت في الكثير من دساتير دول العالم ..

وباختصار ..

لقد اصبحت هناك حاجة ملحة وقبل نهاية المدة المؤطرة لشرعية خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية ؛

(( لقيام المجلس الرئاسي باصدار “مراسيم بقوانين” لحل جميع الاجسام الحالية ( مجلس الدولة ومجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية وحكومة الاستقرار الوطني )) ..

(( وهو الحق الذي تعطيه له القوانين النافذة من خلال اعلان حالة التعبئة الشاملة .. وتنص عليه خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية للحل الشامل .. ومن خلال قيامه بمهام القائد الاعلى الموكلة اليه مجتمعا مثل هذه المعالجات .. )) ..

(( وقبامه باصدار “مراسيم بقوانين” لاصدار القوانين اللازمة لاجراء الانتخابات واصدار ماتحتاجه من قوانين او اختيار او اعتماد اي من القوانين التى سبق وان اجريت بها الانتخابات النيابية وتحوله او تشكيله لحكومة تسييرية مصغرة .. تكون حكومة انتخابات تتولى مهمة انجازها في مواعيد محددة نهائية .. )) ..

وإن هذه الإجراءات ستكون تعبير عن :

( إرادة 2.8 مليون ليبي ) ..

عبروا عن رغبتهم في كل ما يقربهم من يوم اجراء الانتخابات لتغيير واقعهم من خلال تغيير النخب التى يعتقدون ان ادائها هو السبب في ماوصلوا اليه من اوضاع .. ولتجديد اسباغ الشرعية الشعبية على المؤسسات التى لم تعد تتمتع بها ..

واستجابة لنداءات ومطالبات النخب والشخصيات والاحزاب السياسية وتيارات المجتمع المدني والمترشحين الرئاسيين والمترشحين لمجلس النواب ومن زكاهم التى تحثهم على إعلاء المصلحة الوطنية العُليا وتجاوز الحسابات الضيقة ..

واستباقا للنتائج المتوقعة من المخاطر الحقيقية المترتبة على استمرار حالة الانسداد في الأفق السياسي ..

ولايقاف هذه المشاهد العبثية .. والشروع في بناء الدولة من خلال محطة بناء الشرعية السياسية على اسس الاختيار الحر والممارسة الديمقراطية ..

فهل يفعلها المجلس الرئاسي ..

أم أن للسلطان والشيخ والصبي وسيدة الاستوديو رأي آخر .. رأي يضحي بقاعدة “المشقـة تجلُب التْيسير” وقاعدة “لا ضرر ولا ضرار”، لصالح الرغبة في جعل خاتمة هذه “المسرحية الحزينة التى نعيشها ” تستعيد مشاهد حروب رمضان المتكررة في الواقع وليس في مشاهد مسلسلاته فقط .. والله المستعان ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى