محليمقالات

د. عبد الله عثمان يكتب عن التسويات السياسية وإشكالياتها

بقلم// عبد الله عثمان عبد الرحيم

د. عبد الله عثمان يكتب عن التسويات السياسية وإشكالياتها

تحدث عضو ملتقى الحوار السياسي الدكتور عبد الله عثمان عبد الرحيم، عن التسويات السياسية في ليبيا.

وحاول عبد الرحيم في مقال له الإجابة عن بعض الإشكالية القائمة في التسويات السياسية في ليبيا.. فجاء في مقاله الذي عنونه بـ “ليبيون .. خطرها على “التسويات ” السياسية ..

– التسويات السياسية التى تكون ضرورة ملحة في ظروف الأزمات ، خاصة حين يعتقد كل طرف من اطراف الصراع بأنه يمتلك الشرعية ومن ورائها الحقيقة ، دون ان تكون النتائج المحققة دالة على ذلك .

– على استخدام “عنصر الوقت” في صناعة وادامة الشرعيات السياسية ، والذي يساهم حين لايتم تقديره في اجهاض الحلول وادامة وتدوير المحطات وتوليد وتعقيد الأزمات السياسية وليس العكس ..

– على اهميته في تشخيص عناصر الأزمة الليبية التى تعيش حالة “سباق مع الوقت ” غير المتاح ( محليا ودوليا ) ، والذي لايملك  اطرافها الكثير منه لصالح الخروج من الأزمة التى تعانيها بلادهم ..

– على الحاجة الى “قراءة سياسية واقعية” تتجه الى صياغة افكار واراء ومقترحات رصينة وجادة ومسؤولة وقابلة للتنفيذ ، لكيفية الخروج من الأزمة التى تعانيها بلادنا ، دون استخدام منطق الاصطفافات ومعارك  “كسر العظم واحتكار الشرعية ” والتعنت والتشبث والعناد التى اعاقت الاستقرار والسلام لعشرة سنوات ..

– على حاجة أي مقترحات للحلول والمبادرات السياسية في الحالة الليبية المعاصرة الى الانطلاق من محاولة فهم المسائل التى تؤثر فيها ومن محاولة الاجابة عن اسئلتها الاشكالية التالية :

اولا /

مسالة الوضع الدولي :

– ماهي “المواقف المتوقعة ” من الدول المتدخلة في الشأن الليبي بعد الأحداث الاخيرة وتداعياتها ، وفي ظل مايشهده العالم والمنطقة والإقليم من تحول في سياسات دولها تجاه بعضها البعض ( الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على دول ومصادر امدادات الطاقة القريبة من مستهلكيها المتضررين منها – التقارب التركي الإماراتي – التقارب التركي السعودي – والتقارب التركي المصري – الدور الجزائري العائد الى الاقليم ) ، وهي التحولات التى يمكن ان تنعكس على “فرص التعاطي الدولي ” مع الملف الليبي ، ويمكن ان تكون “فرصة ضائعة” تتحول فيها بلادنا الى “ضحية لها ” محفوفة بكل المخاطر والسيناريوهات ، وفي الحالتين على حساب الإرادة الوطنية ورغبات شعبها في الوحدة والسلام والاستقرار ..

ثانيا /

مسألة الشرعية :

– ماذا بعد 21 يونيو ، موعد انتهاء مدة المرحلة التمهيدية المحددة في خارطة الطريق .. وماهو الاطار السياسي والقانوني الحاكم والمنظم للمرحلة القادمة ، والذي يمكن ان تتوافق عليه وتتقبله الأطراف السياسية المتصارعة على الشرعية ، دون ان يعود بنا الفراغ الذي سيتركه تاريخ انتهاء المرحلة التمهيدية -كإطار للحل السياسي الحالي – الى صيغ وسجالات وخطابات ادت الى هذه الأزمة وكانت جزء من مفاعيل استمرارها ..

– كيف سيتم النظر سياسيا ومحليا ودوليا الى شرعية السلطة التنفيذية ( المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ) المستندة شرعيتهم حتى الآن الي ماورد في خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية بعد انتهاء مدتها في 21 يونيو ..

– ماهو ( السلوك المتوقع ) من المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ومجلس النواب والحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب والشارع الليبي بعد انتهاء مدة المرحلة التمهيدية ، وبعد الفشل في اجراء الانتخابات في 24 ديسمبر وفي امكانية اجراء الانتخابات الموعودة من حكومة الوحدة الوطنية ، وبعد تآكل جزء من الوقت المقرر للوصول اليها في التعديل الدستوري الثاني عشر للاعلان الدستوري الصادر مؤخرا عن مجلس النواب الليبي ..

ثالتا /

مسألة السلطة التشريعية :

– كيف يمكن مقاربة شرعية مجلس النواب ومجلس الدولة ، المستمدة من الاتفاق السياسي الليبي الذي اعاد ولادتها بعد استنفاذ المدد الشرعية لكليهما  ، في ظل فشل خارطة الطريق  في انجاز ماتبقى من اهداف التوافق والاستقرار والتوحيد والانتخابات ..

– وكيف يمكن تجنب “القناعة المتنامية ” التى تحولهما في نظر نخبهم وشعبهم الى “قوى معرقلة” لتجديد الشرعية الشعبية من خلال الانتخابات ، بالنظر الى استفادتهما من الفشل المتكرر للتوافق بينهما ، ودورهما في استمرار اوضاع التشظي والانقسام القائمة ، وبعد محاولات ( المخاتلة والتقلب من كليهما ) والتى لم تخدم نتائجها الا اعاقة الوصول الى حلول توافقية فيما بينهما واستهلاك وهدر المزيد من الوقت على حساب المصالح الوطنية الجامعة العليا ..

رابعا /

مسألة المناصب السيادية :

– كيف يمكن الاتفاق على معالجة موضوع المناصب السيادية ( محافظ المصرف المركزي ، المحكمة العليا ، النائب العام ، الرقابة الادارية ، هيئة النزاهة ، ديوان المحاسبة ، المفوضية الوطنية للانتخابات ) ، والتي كان لعدم معالجتها ضمن خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية الدور ( الواضح والخفي ) في الوصول الى النتائج السلبية الحالية ..

خامسا /

مسألة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية :

– كيف يمكن استئناف وتعزيز فرص نجاح توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية من خلال خطة لجنة ( 5+5 ) خاصة بعد تأثرها مؤخرا بالانقسام السياسي بين الحكومتين .

– كيف يمكن معالجة بروز دور الحالة المسلحة خارج الشرعية الحقيقية – خاصة في المنطقة الغربية – في التأثير على أي مخرجات سياسية لضمان القبول بالنتائج وعدم الانزلاق الى الحرب او الاعاقة والفوضى ..

سادسا  /

مسألة مسودة الدستور :

– كيف سيتم النظر والتعامل مع “مسودة الدستور ” في ظل وجود القناعة بعدم قدرة صيغتها الحالية على تحقيق حالة الرضا والتوافق بين مكونات وجهات الشعب الليبي ، ناهيك على قدرتها على ضمان حالة الاستقرار المنشود ، والذي افرز مقترحات “للجان للخبراء ” التى ستتولى النظر في ماورد فيها ، والتى تجاوزت ( هي ايضا ) الوقت المقنن لتشكيلها واستئناف عملها ، ولعدم وجود الامكانية للتوافق على قانون الاستفتاء بصيغته الحالية ( اقاليم وشرط 50 + 1 في كل اقليم ) او في تحديد موعد للاستفتاء عليها ، ولرغبة بعض الأطراف الشعبية والسياسية في تأجيل النظر والبث فيه الى المجلس التشريعي القادم ..

سابعا /

مسألة القاعدة الدستورية :

– من سيقوم باصدار قاعدة دستورية كشرط عملي للوصول الى الانتخابات العامة ، بعد التعثر ( المتوقع ) للجان المشكلة من المجلسين للتوافق عليها ، وانطلاق كل فريق منهما من منطلقات مختلفة لايمكن التوفيق بينها ( قاعدة دستورية / استفتاء على المسودة ) واتمنى لاجتماعهما القادم في القاهرة ان يخالف ذلك ..

– هل يستطيع المجلس الرئاسي ان يصدر القاعدة الدستورية والتشريعات اللازمة لاجراء الانتخابات بمراسيم في حالة فشل مسار القاهرة ، وخلال المدة المتبقية لشرعيته المستمدة من خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية ..

– هل يستطيع ملتقى الحوار السياسي الليبي ان يلتئم لاصدارها ، بعد فشله في ذلك خلال المرحلة السابقة ، واستمرار وجود نفس “مبررات الفشل” والقوى المعرقلة لها ، وهل سيكون لإعضائه الشرعية السياسية الكافية بعد انتهاء المدة المحددة للمرحلة التمهيدية ..

– هل يوجد فرص نجاح لأي مقترحات اخري يمكن ان يتسنى لها العبور بالبلاد من هذا المنعطف الحاد ..

ثامنا  /

 مسألة الانتخابات العامة :

– ماهو الموعد الممكن والمناسب لاجرائها بعد فشل الموعد السابق المحدد لها ..

– كيف يمكن معالجة ( الظروف والشروط ) التى اعاقت اجرائها في 24 ديسمبر 2021 ..

– ماهي ضمانات قيام المفوضية ( بصيغتها الحالية ) باجرائها في الموعد المحدد لها باستقلالية وجدية ومهنية ، ودون تكرار للفشل او الخضوع لقوة قاهرة أخرى ..

ورأيي اليوم وبعد كل ماوصل اليه المشهد السياسي من تعقيد وارتباك اننا نحتاج الى :

(( تسوية سياسية شاملة بالانتخابات )) ..

تؤدي الى :

(( الوصول الى المرحلة الدائمة من دون مغالبة او عناد او تشبث بشرعية منقوصة لا توافق حولها او قبول لها او قناعة بقراراتها من قبل الاطراف السياسية المؤثرة )) ..

تسوية سياسية شاملة تكون بين جميع اطراف الصراع بين :

مؤسسات “رئيسية ” تتنازع الشرعية  :

1- مجلس النواب ..

2- المجلس الاعلى للدولة ..

3- حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ..

4- الحكومة الليبية ..

واطراف اساسية “مؤثرة وغير ممثلة” في المؤسسات الحالية :

1- المجموعات المسلحة ..

2- القيادة العامة ..

3- الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ..

4- انصار النظام السابق ..

5- الفاعليات الشعبية والاجتماعية ..

6- بعض الاطراف المستقلة المحايدة والمتفق عليها لتحقيق التوازن واقتراح الحلول التوافقية ..

تسوية سياسية شاملة لا تتجاهل مايلي :

– مواقف وتحفظات ومخاوف الاطراف السياسية الحالية ذات الشرعية “المنقوصة” او ذات التأثير والحضور “الواقعي ” المسلح والمدني ، من خلال المؤشرات التى اوضحتها احداث الشهور الماضية ..

– الرغبة المحلية “الأكيدة” والدولية “المواربة” في الوصول الى المرحلة الدائمة من خلال الانتخابات الرئاسية والنيابية ..

واعتقد – وقد اكون واهما او حالما -.بقدرة بعض الشخصيات والنخب السياسية والفاعليات الوطنية من مخرجات وافرازات مختلف المراحل والاتجاهات والمعتقدات على تقدير خطورة اللحظة ، والالتقاء من اجل العمل على تخليق الحلول وتقديم المبادرات والمقترحات والمعالجات التوافقية المقبولة ، تجنبا لقادم ربما يكون الأسوأ في مامر بنا من أزمات ..

فقد لايكون لدينا امكانية متاحة او وقت متاح ( لغد افضل  ) لما نستطيع ان نتجنب وقوعه من تداعيات سلبية محتملة ( قبله ) .. فالمستقبل يصنع في الحاضر ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى