محليمقالات

الوطنية

الكاتب: عبد الناصر العربي

في زمن أصبحت فيه الوطنية أمراً مضحكاً ..
حيث يهدف الجميع لقضاء مصالحهم الشخصية و يسعون وراء لقمة عيشهم خوفاً من عدم توفرها في اليوم التالي نظراً لسوء حالة البلاد الإقتصادية …
فتعتبر الوطنية لدى الغالبية الساحقة مجرد شعارات يتغنى بها عند السلم و الرخاء ، اما عندما تشتد الأزمات و يصرخ الوطن مستجدياً ابناءه و يطلب نصرتهم ، تختفي الوطنية و تخفي معها تلك الشعارات التي لطالما تغنى بها الكثيرون في ساعات الرخاء …
يموت البعض نتيجة صراع أدوات الحكم … و يصمت البعض خوفاً من أن يتم اعتقالهم … و يحج البقية لأوروبا سعياً للحصول على بطاقة تعريف لاجئ ..

ففي ظل وجود الحكومات الإنتقالية المتتالية وهي تنهش ثروة الوطن …
و في ظل الهيمنة الخارجية على مقدرات الوطن و على قراراته الداخلية …
و في ظل وجود صفوة الأغبياء ، الإنفصاليين القبليين المرتدين عباية المسكنة و المظلومية زوراً وهم في حالة إنتظار صافرة البداية التي قد يطلقها العم سام في أي لحظة …
و في ظل النائمين غير المدركين لحقيقة الواقع ، ولا لحقيقة الماضي ، ولن يدركوا حقيقة المستقبل مالم يستفيقوا …
و في ظل المستغفلين المتحكم بهم بالأدوات الإعلامية القادرة على اختراق العقول الركيكة و جعل أصحابها مرددين للإشاعات و الأكاذيب …
و في ظل وجود سلسلة العائلات النفعية الرأسمالية التي سرقت القطاع العام و الإشتراكية سابقاً و تشترك مع الحكومات الحالية لتكرير الجريمة السابقة …
و في ظل وجود العاجزين الصامتين الساكتين الخائفين السلبيين الذين لا هم لهم إلا أنفسهم ولا غيرة لهم على الوطن …

عندما تجتمع هذه الظلال دفعة واحدة ، يختفي النور اكثر فأكثر و تصبح محاولة إشعال النور أمراً شبه مستحيلاً .. فقد عم الظلام المكان …
قد نجحوا فعلاً في خلق جيل من التابعين …
في زمن أصبح فيه الإنسلاخ من الهوية تحضر
و التبعية للأعداء التاريخيين رقي
و الخروج من الوطن وهو ينهار ذكاء
و المحاولات الجادة لإسترجاع الوطن غباء

هذه هي المعايير العامة الآن …
فقد صنعوا جيلاً تابعاً خاضعاً فاقد الثقة بنفسه …
لم نكن بحاجة إلى عمل ثوري في السابق بقدر ما نحتاج له الآن …
فهل ستسخر الأقدار جيلاً جديداً من المؤمنين بما آمن به القائد و ينتقل من خانة العبيد إلى خانة الأحرار و يتسلمون أمانة الكفاح ومشقته و يعيدون وطنهم إلى مكانه الطبيعي؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى