في الذكرى الـ 52 لإجلاء القواعد الأمريكية.. ليبيا في مقارنة بين الماضي والحاضر

في الذكرى الـ 52 لإجلاء القواعد الأمريكية.. ليبيا في مقارنة بين الماضي والحاضر

تحل اليوم الذكرى الـ 52 لإجلاء القواعد والقوات الأمريكية من ليبيا، لتتمكن ثورة الفاتح من سبتمبر بقيادة الشهيد معمر القذافي من طرد جميع المحتلين من ليبيا وتطهير أرض الوطن.

حتى 1970 كان عدد القواعد الأمريكية في ليبيا أربعة أكبرها قاعدة ويلس وتحتضن أكثر من  4600 أمريكي، إضافة إلى بعض العناصر التي تستتر بستار المدنية بينها عناصر من بقايا الإيطاليين الذين يمتلكون أراضي في ليبيا.

هذه القاعدة الأمريكية كانت موطنا ومرتكزا مهما للولايات المتحدة في البلاد حتى وصفها سفير سابق لواشنطن في ليبيا تلك القاعدة بكونها “أمريكا مصغرة على ضفاف البحر المتوسط..”

مفاوضات معمر القذافي

بعد قيام ثورة الفاتح بأشهر بدأت جهود القائد معمر القذافي لطرد القوات الأجنبية من ليبيا وانطلقت المفاوضات الرامية لذلك في شهر ديسمبر عام 1969 تحت شعار أن « جميع المعاهدات والصداقات والتعاون أمر لا يمكن أن يبنى في ظل السيف وتحت أزيز الطائرات وهو أمر يقوله القانون الدولي قبل أن نقوله نحن وأن حرية ليبيا مازالت ناقصة مادام هناك جندي أجنبي فوق أرضها » .

ففي 11 ديسمبر عقد لقاء جمع مجلس قيادة ثورة الفاتح وممثلين عن الولايات المتحدة الامريكية تضمن قبول الحكومة الامريكية الانسحاب من قاعدة ويليس الجوية بطرابلس، وهذا ما كشفت عنه وثيقة رفعت عنه السرية من قبل المخابرات المركزية الأمريكية في 3 أغسطس 2005.

إجبار الأمريكان على الخروج

الوثيقة كشفت إجبار مجلس قيادة ثورة الفاتح للأمريكان على سحب قواتهم وقواعدهم من ليبيا خلال 100 يوم فقط، كما رفضت القيادة الليبية حينها منح الأمريكان مهلة 6- 9 أشهر كمهلة للرحيل.. هكذا كان موقف ليبيا وقيادتها عندما كان القائد الشهيد معمر القذافي يقود الدولة ويحاول استعادتها من المحتل، وهذا ما دفع الأمريكان حينها للقول إن إجلاء جميع القوات الأجنبية هي أول أهداف السياسة العامة للحكم الوطني الليبي، وهو رهان يعكس رغبات معظم الليبيين الناشطين سياسياً.

لم يكتفي مجلس قيادة الثورة حينها بهذا بل سجل في الوثيقة سعيه في اجتماع القمة العربية الذي يعقد في 20 ديسمبر 1969م، إلى اعلان موعد محدد لإجلاء القوات والقواعد البريطانية والامريكية، مؤكدا ان مصلحة ليبيا في إنتاج النفط الخاضع لسيطرة أجنبية هي في المقام الأول مالية وليست سياسية كما أكدت أنه طالما أن العلاقات السياسية الليبية الأمريكية مقبولة، فإن ليبيا أقل عرضة لمضايقة المنتجين الأمريكيين، مشيرة إلى حصول ليبيا على 1.3 مليار دولار من عائدات النفط في عام 1969.

بهذا الشكل كان الليبيون يدافعون عن ثرواتهم وينتزعون حقوقهم وكرامتهم ويستعيدون هيبتهم.

وفي 11 يونيو 1970 كان اليوم المشهود بإجلاء جميع القواعد والقوات الأمريكية ورفع العلم الليبي على قاعدة ويلس التي تم تغيير اسمها إلى قاعدة عقبة بن نافع الجوية، ثم إلى “قاعدة معيتيقة الجوية” نسبة إلى طفلة ليبية تقطن بجوار القاعدة ماتت إثر سقوط طائرة أمريكية فوق منزلها.

ماض مشرف وواقع مهين

ونحن نستذكر هذا التاريخ القيم الجدير بالفخر، يمكن أن ننظر للواقع المهين الذي نعيشه اليوم.. فمنذ عقد مضى طلبت عناصر خائنة في 25 فبراير 2011 من المستعمر الدخول لليبيا وقصف أبناء شعبها لتحقيق مآرب شخصية، هذه المطالب التي صاحبتها دموع التماسيح في مجلس الأمن، دعمتها أطماع عناصر إرهابية تسعى للسلطة، كل ذلك تم بواعز أحقاد تلك الدول التي أجبرها القائد الشهيد معمر القذافي في يوم من الأيام بالخروج من ليبيا صاغرة مطرودة.

هذه الدول التي استغلت بعض العناصر الخائنة واستخدمتها كقطع الشطرنج لتستعيد مكانها على الأرض الليبية لم تدخل وحدها للبلاد، بل صحبتها أقدام دول أخرى رأت أن ليبيا كعكة ثرية يجب أن يكون لها حصة فيها.

أوجه احتلال ليبيا بعد 2011

وبهذا أصبحت للقوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والتركية والروسية موطئ قدم في ليبيا، ووصل الأمر لحد امتلاك بعض هذه الدول لقواعد عسكرية في ليبيا مثل روسيا التي تسيطر وتسير قواعد في الشرق، وتركيا التي تحتل قواعد في الغرب والوسط، ودليل ذلك رصد ضباط الً MI6  يجلسون في غرفة عمليات امعيتيقة اليوم يرتبون أوضاع ليبيا.

السيطرة الأجنبية على ليبيا لم تقف عند حد نزول عناصر على الأرض، بل شمل السيطرة على المياه الإقليمية والجو أيضا، فالمياه الإقليمية تجول فيها سفن حربية تتبع دول متسترة بستار المجتمع الدولي وتطبيق حظر توريد الأسلحة لليبيا تحت مسمى إيريني، أما الجو فالانتهاكات فيه يومية، حيث رصد مواقع عسكرية متخصصة هبوط طائرات عسكرية مختلفة الجنسية في مواقع مختلفة من ليبيا.

واليوم تحديدا في ذكرى الإجلاء تم رصد 4 طائرات عسكرية أمريكية هبطت في طرابلس ومصراتة، وطائرتان تركيتان للشحن العسكري تتحركان بين مصراتة وطرابلس، طائرتان فرنسيتان تعبران الأجواء الليبية إلى الجنوب الليبي قرب منطقة السارة .

ومع كل هذه الأطماع وتنوع أقدام المستعمرين للأرض، راح الليبيون يبحثون عن أرض أخرى تضمن لها حياة آمنة مستقرة بعدما أصبحت ليبيا موطنا للإرهاب ومركزا للاشتباكات المتكررة ومرتعا لأجهزة المخابرات، فلجأ بعضهم للهجرة غير الشرعية، فيما تحامل آخرون على أنفسهم للبقاء في الوطن ليعيش تحت وطأة الاستغلال.

Exit mobile version