على مشارف العيد

بقلم: عبد السلام سلامة

على مشارف العيد

[.  1.  ] ” لقد دخل الإنسان التاريخ برأس مال أخلاقي، مبدئي، هائل”، هكذا قال ( علي عزت بيجوفيتش) أول رئيس لجمهورية البوسنة والهرسك بعد الحرب، ثم غادر الدنيا بسلام ورأس ماله رصيده الأخلاقي.

وقبل ( بيجوفيتش ) كان الثائر “جيفارا ” حازما وحاسما وهو يتحدث عن التاريخ، ومن يصنع التاريخ، ورأى أن (الحياة كلمة، وموقف، والجبناء لا يكتبون التاريخ .. التاريخ يكتبه من عشق الوطن ، وقاد ثورة الحق.

أما القائد معمر القذافي فقد كان واضحا وبما فيه الكفاية لأى لبيب وهو يدلي بدلوه ويقول (إن أبطال التاريخ هم أفراد يضحون من أجل قضايا).

[.  2.  ] ودخل القائد معمر القذافي التاريخ محملا بقضايا أمته.. لم يدخل التاريخ بـ (فلوسه) فقد كان فقيرا معدما ورحل كذلك، ولم يدخله راكبا دبابة عدو وطنه، ولا متخابرا مع الناتو كما فعل من جاؤوا بعده لعنهم الله، لكنه دخل التاريخ برأس مال أخلاقي كما قال (بيجوفيتش) وقبل أن يقول ( بيجوفيتش ) قولته هذه، فالحياة بالنسبة للقائد معمر القذافي كما للثائر “جيفارا” … ( كلمة )… [.  3.  ] وصناعة التاريخ ليست بالأمر الهين، ودخول التاريخ من بابه الواسع يحتاج إلى جسارة وإلى مهارة ، و(قوليلهم يا مهارة ) إن دخول التاريخ ليس (سبهلل)، وليس تسويقا للوهم .

وفي فيلم (واحدة بواحدة) تورط عادل إمام قبل 37 عاما في تسويق الوهم، والإعلان عن سلعة اسمها {الفنكـــوش} ليس له وجود على أرض الواقع فأثار سخرية وغضب من حوله، وفي ليبيا تورط منذ أيام رئيس الحكومة في {فنكوش}  افتتاح الطريق الساحلي فظهر ــ وأنا أرق لحاله ــ كشخصية هزلية تنط من مكان الى مكان ، يفتتح الطريق المقفلة ثم تظل مقفلة، ويفتتح الشواطئ البائسة ثم تظل بائسة، ووسط هذا الهرج والمرج يظهر يتصور مع الأطفال الصغار، والأطفال الكبار، ثم يشرب ( نص نص ) ويمشي في الأسواق، ولا يتوقف العبث في زمن الشدة فيخصص 10 مليون دينار من أجل تجريف التاريخ (باب العزيزية) ومسح مكان الرجل الذي أدخله التاريخ، لكن الجميل في الأمر أن التاريخ هنا غير قابل للتجريف لأنه في قلوب المؤمنين …

[.  4.  ] وتحريف التاريخ، وتجريفه هو نوع من أنواع السرقة، والسرقة أشكال وأنواع، فهناك من يعمد إلى سرقة نص أدبي جميل وينسبه إلى نفسه وهذا سارق يحاكم بموجب قانون الملكية الفكرية، وهناك من يسرق التاريخ ويطمس معلم مهم كمعلم ( باب العزيزية ) فيدمره ويعبث بمحتوياته، ويحرم البلاد من مصدر دخل مهم ودائم  كان يمكن أن ينافس دخل النفط الزائل لو كان هناك عقول تفكر والسارق هنا يحاكم بموجب قانون الجرائم الاقتصادية، وهناك نوع ثالث، ونوع رابع، ونوع خامس من السرقات، ليس آخرها ان يدفع رئيس الحكومة من بيت مال الليبيين ثمن أضاحي عيد ثم يجيرها باسمه (هدية رئيس الحكومة )..!!!!!!!! وهذه السرقة ينظر فيها بأكثر من قانون، حتى لو أحضر معاليه شهادة من ابن النفيس تؤكد أنه كان ضيفا لديه… [   5.  ] والعيد عند المسلمين فرحة، (وأحلى فرحة … تجمع شمل …قريب وبعيد)، وعند الليبيين لم تعد كذلك بعد أن تحول العيد إلى موسم سرقة، فــ (بأية حال عدت يا عيد ……. بما مضى أم بأمر فيك تجديد؟)

ويا أيها المتنبي العظيم، في ليبيا هناك في الأمر تجديد لكنه نحو الأسوأ للأسف، فمن تابع لقاء قائد عام الجيش، مع (قائد عام البرلمان) مؤخرا لابد أن يتوجس ويعتصره الألم فما سيأتي بعد العيد الكبير قد يكون كلام كبير لا عهد لنا به… ويا واقي …! وآمل أن تكونوا كل عام وأنتم بخير…

Exit mobile version