سياسةمحلي

مركز دراسات الشرق الأوسط: المشهد الليبي ينزلق نحو مأزق سياسي واقتصادي صعب

قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي فؤاد أمير شفقتلي، في مقال له بموقع “مركز دراسات الشرق الأوسط” التركي، إن الأحداث التي تشهدها ليبيا منذ تشكيل الحكومة المرتقبة، حتى يومنا هذا، تمثّل تجاهلًا لكافة جهود المصالحة والمطالب الانتخابية للشعب الليبي والصراع بين الأحزاب المتنافسة.

وأضاف شفقتلي، أنه يبدو أن ليبيا تنزلق مجددًا نحو مأزق سياسي واقتصادي نتيجة لجملة من الأسباب من بينها تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة العام الماضي، وما تلا ذلك من تشكيل لحكومة بقيادة فتحي باشاغا بمبادرة من البرلمان في طبرق، ومحاولات خليفة حفتر الوصول إلى السلطة.

وأشار الكاتب إلى أن المليشيات الفاعلة في الصراع الليبي حاولت التواصل مع مؤسسات الدولة، والتي يعتبر دورها حاسما وإستراتيجيا في تقييم البيئة التنافسية في البلد، ورأت في ذلك فرصة سانحة لتعزيز مصالحها الخاصة.

ورأى، شفقتلي، أن اجتماعات القاهرة وجنيف، والتي تسعى لتشكيل الأساس الدستوري للانتخابات بين الهيئتين التشريعيتين في البلاد مجلسي النواب والدولة الإخواني، لم تكن حاسمة.

وبحسب المقال فإن الصراعات الساخنة بين المليشيات المتناحرة والجماعات المسلحة التي تدعم وقف حفتر لإنتاج وتصدير النفط في البلاد، أدت إلى ظهور تعليقات تقول إن بيئة السلام والاستقرار التي كانت مأمولة في ليبيا قد تضررت، كما أدى قرار اتخذه رئيس حكومة المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة إلى التشكيك في التوازنات والتحالفات المعتادة في البلاد.

وأشار المقال إلى أنه في خضم التوتر السياسي الذي تشهده ليبيا، تمت إقالة رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله بموجب مرسوم أصدره رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة يوم 12 ناصر يوليو الجاري، وتعيين فرحات بن قدارة محله.

وأوضح الكاتب أن فرحات بن قدارة، الذي تم تعيينه، كان مديرا سابقا في بنك “المصرف”، الذي يتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقرا له، وقد برز على الساحة مؤخرًا بصفته شخصية مقربة من عائلة الجنرال حفتر، ناهيك عن أنه عمل مستشارا اقتصاديًا لحفتر لفترة من الوقت.

وقال الكاتب، إن دور بن قدارة برز عندما أعلن الدبيبة رفضه تسليم المنصب للحكومة المرتقبة، وعندها استغل التحالف بقيادة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وحفتر إنتاج النفط وصادراته من أجل الضغط على حكومة الوحدة المؤقتة، وتقويض أهم مصادرها للدخل، وهي خطوة تهدف إلى التشكيك في شرعية حكومة الدبيبة بالنظر إلى التحديات التي تواجهها في توفير الخدمات الأساسية وتمويل الجماعات المؤثرة في حماية العاصمة طرابلس.

ووفق الكاتب فإنه على الرغم مما سبق، فإن الأزمة الاقتصادية وتكلفة المعيشة وكذلك الانقطاع المتزايد للتيار الكهربائي في شتى أنحاء البلاد بعد الحصار، كلها عوامل أدت إلى اندلاع احتجاجات شعبية لا تستهدف فقط حكومة الوحدة الوطنية الشرعية، وإنما أيضًا البرلمان بقيادة عقيلة صالح، على أساس أنه عطل العملية الانتخابية والمفاوضات الدستورية، وفق المقال.

ورأى أن الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها ليبيا ضد البرلمان بالتوازي مع الأزمات الأخرى التي تشهدها البلاد، قد تقود الأطراف الرئيسية في المشهد السياسي الليبي للسعي إلى تقاسم السلطة من جديد.

وبحسب خبراء محليين وغربيين يرون أن تعيين بن قدارة جاء نتيجة لاتفاق سري بين الدبيبة وحفتر، ويقول مؤيدو هذا الرأي إن رئيس الوزراء الدبيبة، الذي تراجع تأثيره على الجيش والعناصر في الغرب نسبيًا، يحاول كسب الوقت قبل الانتخابات من خلال القضاء على التهديدات المحتملة من قبل جهاز الأمن البيروقراطي المنقسم، أما حفتر فيسعى لأخذ حصة من عائدات النفط.

وأشار الكاتب إلى أن ما حدث قد تكون عواقبه وخيمة للغاية، إذ يفتح لحفتر الذي ارتكب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب بابا من النفوذ داخل مؤسسة النفط التي تحتل موقعًا رئيسيا في مراقبة وإدارة الموارد الليبية.

وذكر الكاتب، أن عملية المصالحة الوطنية التي دخلت حيز التنفيذ في فبراير من العام الماضي، إلى جانب الدعم الذي تتلقاه حكومة الدبيبة من المجتمع الدولي وتوحيد المؤسسات السياسية في البلاد، مهدت الطريق لبدائل عسكرية، وبالتالي الدخول في مواجهة مع خليفة حفتر.

وقال الكاتب، إنه خلال هذه الفترة، حاولت الدول المعروفة بدعمها لحفتر خلق توازن في حكومة الوحدة المؤقتة من خلال زيادة مناورات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى