تقاريرمحلي

تباين كبير في الآراء السياسية والشعبية والقانونية بشأن إعادة تفعيل الدائرة الدستورية

تباين كبير في الآراء السياسية والشعبية والقانونية بشأن إعادة تفعيل الدائرة الدستورية

قررت الجمعية العمومية للمحكمة العليا وبالإجماع، إعادة تفعيل الدائرة الدستورية للنظر في الطعون والفصل فيها.

وجاء في نص القرار الذي ألقاه رئيس المحكمة العليا المستشار محمد الحافي، أن المحكمة تعاهد الليبيين أنها لن تنحاز إلى أي طرف من الأطراف وستعلي شأن الوطن والمبادئ والقواعد الدستورية المقررة.

وتختص الدائرة الدستورية العليا في نظر الطعون ضد أي تشريع مخالف للدستوري، التحكم في أي مسألة قانونية تتعلق بالدستور وتفسيره، إنهاء الجدل حول شرعية المؤسسات السيادية.

وبناء على هذه الاختصاصات فإن الدائرة الدستورية العليا تحجم من قرارات السلطة التشريعية، وما يؤكد ذلك أن قرار تفعيلها جاء في أعقاب خلاف بين رئيس المحكمة العليا المستشار محمد الحافي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

إذ أن قرار التفعيل جاء بعد يومين من قرار مجلس النواب تعديل قانون المحكمة العليا المقدم من المحكمة بحيث يتم أداء اليمين القانونية من قبل مستشاري المحكمة أمام مجلس النواب، إضافة إلى اعتماد القرار الصادر عن هيئة رئاسة المجلس بشأن تعيين عدد من مستشاري المحكمة العليا، وتضمن قرار مجلس النواب تعيين 45 مستشارا بالمحكمة العليا

وجاء من أبرز قرارات الدائرة الدستورية العليا قبل تعليق عملها في 2016، حل مجلس النواب المنتخب عام 2014.

هذه القرارات المتلاحقة من مجلس النواب والدائرة الدستورية العليا أثارت العديد من ردود الفعل والتي كان بعضها يشير إلى مخاوف من دخول البلاد في نفق مظلم في حال استخدام الدائرة الدستورية العليا لصالح أي طرف سياسي.

مجلس النواب

ومن بين ردود الفعل رفض عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني قرار البرلمان في جلسته الأخيرة تعيين عدد من المستشارين بالمحكمة العليا، قائلا “طلبت من الزملاء عدم التسرع لانني على اطلاع على خلفية الموضوع ، ومجلس النواب يستطيع اصدار القرار ولكن لا يستطيع الإلزام بالتنفيذ، وان السيد الحافي يرفض التقاعد ويطالب بالتمديد والبقاء رئيسا للمحكمة العليا  رغم بلوغه سن التقاعد وستكون له ردة فعل”.

وأضاف الشيباني أنه “أكدت في الجلسة ان السيد الحافي له اطماع سلطوية بعيدة عن القضاء  وتقدم للترشح لانتخابات الرئاسة دون ان يقدم استقالته وهو يعلم جيدا ان هذا الاجراء مخالف للدستور و القانون ولهذا على الرجل اشارة استفهام كبيرة “..

وتابع قائلا “فوجئنا بقرار المحكمة العليا المتسرع  بتفعيل الدائرة الدستورية وفتح باب جديد لفوضى عارمة من الشرعية واللاشرعية  لايقل عن ما فعله بنا السيد ” دهان ” وهو قرار جاء بناء على رد فعل غير مدروس النتائج والمآلات وهنا اصبح القضاء في صلب السياسة والسياسة تتلاعب بالقضاء واصبح القضاء في مهب الريح و سلام على بلدي”.

وختم بالقول: “السلطة التشريعية ستحدد موقفها من السلطة القضائية من حيث كونها مازالت تنطبق عليها مواصفات السلطة القضائية المستقلة والمحايدة والنزيهة والبعيدة عن التجاذبات السياسية أم لا”.

ولم يختلف رأي النائب زياد دغيم كثيرا حيث وصف قرار مجلس النواب بالخاطئ قانونيا وسياسيا، مؤكدا أن قرار تفعيل الدائرة الدستورية جاء كرد فعل على إجراء مجلس النواب

وأضاف أن: “قرار تفعيل الدائرة الدستورية سينسف قرارات النواب الأحادية، ولن يبق لدينا إلا مرجعية خارطة الطريق والاتفاق السياسي”، معتبرا أن قرار المحكمة العليا بتفعيل الدائرة الدستورية متأخر جدا.

وأشار دغيم إلى أن مجلس النواب تسبب في انقسام المؤسسة القضائية بعد تسببه في انقسام المؤسستين التشريعية والتنفيذية وأعادنا إلى الشهور الأولى من 2011.

القانون

في المقابل تساءل القانوني محمد العلاقي عن الجديد الذي تسبب في تفعيل الدائرة الدستورية، خاصة ان اسباب تعليق نظر الطعون الدستورية لا زالت قائمه؟

وأوضح العلاقي أن “الاسباب التي بموجبها علق العمل بنظر الطعون الدستوريه لازلت قائمه بل انها اسوأ بكثير من الظروف التي قررت فيها للمحكمة العليا وقف نظر الطعون الدستوريه ، وحيث ان هذا القرار من الجمعيه العمومية للمحكمة العليا  لم يكن تنفيذا لحكم الدائرة الاداريه بمحكمة استئناف طرابلس  والذي تقدم به احد الزملاء الكرام ضد الجمعية العمومية للمحكمة العليا  وقرارها الذي انكر العدالة فعلا ، ولم تبين الجمعية العمومية في حيثيات قرارها سبب  تفعيل الدائرة الدستوريه”.

مراقبين

أما المحلل السياسي عز الدين عقيل فأكد أن واشنطن ولندن والإخوان في مأزق شنيع، لأن “أى محاوله لممارسة العزل والاقصاء السياسي ضد اى ليبي بما يتعارض مع اقرار الاعلان الدستوري لمبدا المساواة بين الليبيين .. سوف تطيح به حتما الدائره الدستوريه بلا تردد”.

ولكنه طالب الدائرة الدستورية العليا في الوقت نفسه بفتح تحقيق شامل ونزيه ودقيق حول: “دور القضاة المتورطين بإلغائها !! ودور البعثة الاجنبية المحتلة لقرية اويا بجنزور!!، ودور السفارات  الاجنبية للدول الامبرياليه !!، ودور ولد سلامة خص نص .. الذي قاد الدور الأجنبي بجريمة الغاء دائرة قضائية بهذه الاهمية .. وإعلان حقائق الإلغاء  والمنتفعين منه للشعب  !!”.

مجلس الدولة

في المقابل رحبت فوزية كروان، عضو مجلس الدولة الإخواني بقرار إعادة تفعيل الدائرة الدستورية، داعية “الجميع لاحترام القوانين والقضاء والأحكام الصادرة عنه”.

ولكن عضو مجلس الدولة الإخواني أحمد لنقي كان له رأي آخر، إذ قال ” ليس في مصلحة البلاد تفعيل دور الدائرة الدستورية في الوقت الذي يشهد صراعًا مؤسفا بين الأطراف السياسية على السلطة والمال و ضياع هيبة الدولة بالتدخلات الاجنبية في القرارات السيادية”.

وأضاف: “أرى تأجيل تفعيل الدائرة الدستورية الى مابعد الانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة و إستقرار الاوضاع الأمنية”.

مرشحين للرئاسة

أما المرشح الرئاسي سليمان البيوضي فرأى أن “قرار تفعيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، هو الخطوة الأولى نحو استكمال العملية الإنتخابية وإجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر 2022″، مضيفا أن “الانتخابات ستتم وتنفذ بما يسمى اصطلاحا المرور بالقوة ( سياسيا وقانونيا) “.

هيئة الدستور

أما عضو الهيئة التأسيسيّة لصياغة مشروع الدّستور سالم كشلاف، فاعتبر أن قرار تفعيل الدائرة الدّستورية حدث مهمّ ومفصليّ بعد حالة الفوضى السياسية والتشريعية التي مورست بقصد من بعض الجهات وعلى رأسها مجلس النواب والتي طالت المسارات المتعدّدة.

وأضاف أنه بموجب هذا القرار سيكون للمحكمة العليا دور مهمّ في إبداء الرّأي في كلّ الإجراءات التي تمّت بالمخالفة للإعلان الدّستوري والتشريعات النافذة وهو ما سيكون لها تداعيات وآثار مهمّة حول كلّ ما اتخذ خلال المدّة الماضية وعلى رأسها المخالفات التي قام بها مجلسا النواب والدّولة بحق المسار الدّستوري ومشروع الدّستور.

تباينت الآراء السياسية والشعبية ما بين مؤيد ومعارض لقرار إعادة تفعيل الدائرة الدستورية، تلك الآراء اختلطت ما بين القلق من التداعيات والصراعات التي قد تحدث، وما بين الأمل في السيطرة على الانفلات السياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى