“قراءة تحليلية”.. حبارات: بيانات المركزي تفتقر للشفافية وتنذر بتزايد سوء الأوضاع الاقتصادية

قال المحلل الاقتصادي، نورالدين حبارات، إن بيان المصرف المركزي عن الفترة من 1 أي النار يناير حتى 30 الماء مايو الماضي يفتقر للشفافية والإفصاح وينذر بتزايد سوء الأوضاع الاقتصادية.

وأضاف حبارات البيان الصادر عن المصرف المركزي لم يحمل أي مؤشرات إيجابية، بخلاف ما يسوق له صندوق النقد الدولي من خلال تقاريره عن الاقتصاد الليبي.

واستعرض حبارات، رؤيته في “قراءة تحليلية”، قال فيها إن المصرف المركزي بيانه عن الإيراد والإنفاق وعن استخدامات النقد الأجنبي وذلك عن الفترة من أول أي النار يناير من العام الحالي حتى نهاية الماء مايو المنصرم، وام يحمل البيان كعادته أي مؤشرات إيجابية بل سلبية بإمتياز وينبئ أو ينذر بتزايد سوء الاوضاع الاقتصادية و المالية للبلاد وليس كما يقوله أو بالأحرى ما يسوقه صندوق النقد الدولي من خلال تقاريره “الوردية والمضللة” عن الاقتصاد الليبي فكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها ، فضلاً عن الغموض الذي يكتنف البيان وافتقاره لمعايير الإفصاح والشفافية.

وتتمثل أبرز تلك المؤشرات في الآتي:
– إنخفاض إيرادات المبيعات النفطية عن الفترة موضوع البيان و بشكل كبير حيث لم تتجاوز حصيلتها 33.400 مليار دينار أي ما يعادل 7.500 مليار دولار فقط رغم إننا جميعنا بعلم إن إنتاج النفط أستقر و منذ قرابة عام عند مستوى 1.200 مليون برميل يومياً و وفق بيانات يومية صادرة عن المؤسسة الوطنية للنفط كما إن أسعاره أستقرت في الأسواق العالمية ما بين 74 إلى ما دون 80 دولار في المتوسط.

وإذا ما استمرت حصيلة إيرادات مبيعات النفط على تلك الوتيرة أي بمعدل 1.500 مليار دولار شهرياً فإنه لا يتوقع أن تتجاوز حصيلتها 20 مليار دولار مع نهاية العام الحالي و هذه في حد ذاتها مشكلة خاصةً في ظل تزايد الإنفاق العام فهذا يعني تزايد العجز في ميزان المدفوعات و تناقص أكبر في رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي وانخفاض أكثر في قيمة الدينار أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية وارتفاع أكثر في معدلات التضخم مع زيادة الضغوطات على السيولة.

وعليه يجب على المؤسسة الوطنية للنفط و في إطار ما تسميه التزامها بمعايير الإفصاح والشفافية أن توضح للجمهور أسباب الانخفاض الكبير في قيمة مبيعات النفط في ظل استقرار الإنتاج عند 1.200 مليون برميل والأسعار ما بين 74 إلى ما دون 80 دولار في المتوسط .

ويجب عليها أن تدرك إن الشفافية والإفصاح لا يعنيان التصريح بكمية النفط المنتجة يومياً فقط بل أيضاً الإعلان عن حجم الكميات المستهلكة والمباعة يومياً وقيمة مبيعاتها.
كما يجب عليها التصريح بقيمة فاتورة دعم الوقود التي تخصم مباشرة عبر المقاصة من فاتورة المبيعات النفطية بالمخالفة للقوانين و التشريعات المالية النافذة .

فهل يفهم إن قيمة النقص في المبيعات النفطية و المقدر ب 6 مليار دولار وفق الكميات المنتجة والاسعار السائدة تمثل قيمة دعم الوقود؟.

– استمرار الهبوط الحاد في قيمة الإيرادات السيادية من ضرائب وجمارك و فوائض شركات عامة ورسوم خدمات حيث لم تولي أي من الحكومات السابقة المتعاقبة أهمية لهذه المشكلة رغم إن جباية وتحصيل الإيرادات أحد أبرز مهامها الأساسية، فقيمة هذه الإيرادات وفق البيان لا تمثل ‎‎%‎02 من إجمالي الإيرادات و لا تغطي ما نسبته ‎%‎03 من حجم الإنفاق العام عن الفترة .

و هل يفهم من خلال هذه الحصيلة الخجولة إن مهام وزارة المالية تنحصر في فقط الإنفاق و إن جباية وتحصيل الإيرادات ليست من مهامها وواجباتها ؟؟؟.

– بلغت قيمة فاتورة المرتبات قرابة 22.700 مليار دينار أي بمعدل 4،700 مليار دينار شهريا، ويتوقع أن تناهز هذه الفاتورة ما قيمته 58 مليار دينار مع نهاية العام وذلك مع استكمال تنفيذ الجدول الموحد لكافة الجهات.

وليس هناء المشكلة فحسب بل المشكل في إن الزيادة والرفع في قيمة المرتبات وفق الجدول الموحد تآكلت جراء انخفاض قيمة الدينار وارتفاع معدلات التضخم ، كما أن هذه الفاتورة مرشحة للارتفاع و بنسب كبيرة خلال السنوات القادمة في ظل الفشل الذريع لكافة الحكومات وعجزها عن معالجة ملفي التشغيل والبطالة من خلال العمل على خلق فرص عمل حقيقية عبر التنمية و تشجيعها ودعمها للقطاع الخاص وعبر استقطابها للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة وخلق بيئة ملائمة لها.

– بلغت قيمة باب الدعم قرابة 4.400 مليار دينار ولم يبدي المركزي أي توضيحات بشأنها حيث يتوقع أن تمثل هذه القيمة علاوة الأبناء والزوجة ودعم الكهرباء والادوية ونفقات النظافة العامة ولا تشمل قيمة دعم المحروقات التي تستقطع من قيمة إيرادات المبيعات النفطية مباشرةً منذ الحرث نوفمبر 2021 م وفق لما ذكره المركزي في بيانه.

– بلغت قيمة العجز في ميزان المدفوعات قرابة 9 مليار دولار و هذا يعني تناقص كبير وملحوظ في رصيد الاحتياطي الأجنبي ومن شأنه أن يزيد الضغوطات أكثر على سعر الدولار.
فهذا العجز يفهم من خلاله ان الطلب على النقد الاجنبي يفوق حجم المعروض منه و يبدد أي أمال في إعادة النظر في سعر الصرف خاصةً مع تزايد الإنفاق العام والهبوط الحاد في الإيرادات السيادية على الجانب الأخر.

– بلغت قيمة أو كمية السيولة الموزعة من قبل المركزي على فروع المصارف التجارية في كافة مدن ليبيا قرابة 43 مليار دينار ولم يشير المركزي في بيانه إلى مصادر هذه السيولة رغم كبر حجمها ويرجح إن معظمها ناتج عن إقدام المركزي على طباعة كميات كبيرة من العملة.

وعلى الرغم من كل ذلك و تزايد أعداد البطاقات المصرفية و نقاط البيع فإن أزمة السيولة لازالت قائمة خاصةً في العديد من المصارف وأن خفت حدتها ، فالاموال التي تخرج من المصارف لا تعود إليها في معظم الاحيان إلا لغرض فتح الاعتمادات المستندية و تعبئة بطاقات الأغراض الشخصية .

وفي الختام يجب الإشارة إلى إن هناك الكثير من المؤشرات السلبية التي تضمنها أو تفهم من خلال البيان كما إن هناك الكثير من الأسئلة و الإستفسارات المهمة التي يجب أن تطرح بحيث يعرف جميع الليبيين إلى أين ذاهب إقتصاد بلادهم ؟؟
هذا بالطبع في حال فعلاً لديهم إقتصاد و نظام إقتصادي من الأصل.

Exit mobile version