اقتصادتقاريرمحلي

تقارير المراجعة المالية تكشف أنشطة مشبوهة بالمصرف المركزي واختفاء مليارات الدينارات

أكدت تقارير المراجعة المالية أجرتها شركة “ديلويت” البريطانية على أنشطة وحسابات مصرف ليبيا المركزي وجود “ممارسات مشبوهة” واختفاء مليارات الدينارات.

وبحسب التقاير، فقد فشلت “ديلويت” في الكشف عن مصير ما قيمته 4.8 مليار دولار من العملة المحلية، بعد طباعتها في شركة بريطانية لسك العملة، ما يثير تساؤلات كثيرة حول مصير تلك الأموال الذي لا يزال مجهولا إلى الآن.

“مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد”، وهو شبكة دولية من المحققين والصحفيين من ست دول، قد حصل على نسخ من تقرير المراجعة المالية، والذي لفت إلى أن فرع المصرف المركزي في مدينة البيضاء تعاقد مع شركة روسية لطباعة عملة موازية، ما ترك الحكومة غارقة في الديون، لأن العملات المطبوعة لم تكن مدعومة بالذهب أو أي ضمانات أخرى.

وكانت الأمم المتحدة هي من كلفت شركة “ديلويت” بإجراء عملية المراجعة على أنشطة المصرف المركزي بالعام 2018 بناء على طلب رئيس حكومة الوفاق غير الشرعية السابقة، فائز السراج، حينها حيث اعتبر الأخير هذه المراجعة وسيلة لاستعادة النزاهة والشفافية والثقة في النظام المصرفي.

كما كان يهدف السراج، حسب تقارير الشركة البريطانية، إلى استخدام عملية المراجعة تلك كأداة ضرورية لإعادة توحيد فرعي المصرف المركزي والمؤسسات المالية، التي انقسمت إلى شرق وغرب البلاد جراء النزاع المسلح والاضطرابات السياسية

وتغطي تقارير “ديلويت” الفترة بين “2014 – 2020” وتكشف الانتهاكات التي طالت القوانين والتشريعات من قبل فرعي المصرف المركزي، كما تم تطرق تقرير إلى المناقصة التي أعلنها المصرف المركزي في طرابلس العام 2012 لطباعة العملة، وفازت بها شركة “دي لا رو” البريطانية.

وأشار التقرير إلى تعديل العقد المبرم بين المصرف والشركة البريطانية مرتين خلال الأعوام التالية، إحداهما كانت من دون موافقة من مجلس إدارة المصرف المركزي. وبموجب التعديلات على العقد، كانت “دي لا رو” مطالبة بزيادة حجم عملة الدينار المطبوعة، وإضافة مئات الملايين من الدولار الأميركي

وأظهرت المستندات التي قدمها المصرف المركزي في طرابلس تناقضا كبيرا بين كمية الأموال التي تسلمها، وفق عقده مع “دي لا رو”، والمبلغ المدرج في الإيصالات التي أصدرها، كما كشفت المراجعة المالية أن ما قيمته 6.5 مليار دينار “4.8 مليار دولار” كانت غير محسوبة في الإيصالات الصادرة

في هذا السياق، قال الاقتصادي السياسي في جامعة جوهانسبرغ، باتريك بوند، إن عملية المراجعة التي أجرتها “ديلويت” تكشف “خسارة هائلة في العملة”، مضيفًا أن نتائج المراجعة تكشف ممارسات، وصفها بـ”المشبوهة” من قبل شركة “دي لا رو”، التي تملك عشرات العقود لسك العملة مع بنوك مركزية عدة في أفريقيا

فيما رفض الناطق باسم شركة “دي لا رو”، ستيوارت دونيلي، التعليق على الأمر، كذلك، لم ترد وزارة المالية والمصرف المركزي في طرابلس على طلبات التعليق

من جانبه، قال المدير التنفيذي لمجموعة “Shadow World Investigations” لمكافحة الفساد في لندن، أندرو فاينستين، إن تقرير شركة “ديلويت” يثير عددا من التساؤلات المهمة، أولها أين ذهبت الأموال المطبوعة؟.

ولفتت “ديلويت” في مراجعتها إلى أن النتائج كانت محدودة بسبب الظروف المحيطة بعملية البحث، وقالت: خلال مسار المراجعة المالية واستنادا إلى الوثائق التي جرى توفيرها لنا من قبل البنوك المركزية، لم نكن في وضع يسمح لنا بإجراء أي استنتاج أو قرار عما إذا كان قد حدث أي احتيال أو اختلاس للأصول”.

وفيما يتعلق بالمنطقة الشرقية، ذكر تقرير “ديلويت” أن أداء فرع المصرف المركزي في مدينة البيضاء لم يكن الأفضل على الإطلاق، لافتا إلى عقد أبرمه فرع المصرف، بين العامين 2016 2020، مع شركة “جوزناك” المملوكة للدولة في روسيا، لطباعة نسخته الخاصة من الدينار.

ودفعت “جوزناك” الروسية أكثر من 121 مليون دولار مقابل طباعة العملة وتكاليف الشحن، لكن يبدو أن العقد حقق أرباحا كبيرة لـها التي فرضت على المصرف المركزي في البيضاء تكلفة 6 دولارات سعر طباعة ورقة العملة، بينما كانت الحكومة تتكلف ما بين 4 13 سنتا للورقة النقدية وقتها ولم ترد “جوزناك”، التي خضعت للعقوبات الأوروبية والبريطانية بالعام 2022، لم ترد على طلبات التعليق

وتابع تقرير “ديلويت”: المشكلة الأكبر كانت أن الحكومة في البيضاء لم تملك الوصول إلى ضمانات، مثل احتياطات الذهب، الواقعة تحت إدارة المصرف المركزي في طرابلس، وبالتالي، لم تكن العملة التي أصدرها مصرف البيضاء مدعومة بأي أصول ملموسة، وانتهكت قوانين القطاع المصرفي .

وكشف تقرير المراجعة المالية لـ”ديلويت” أن مصرف البيضاء المركزي لم يملك أي وسيلة لطباعة العملة الخاصة به، بما يتماشى مع المتطلبات القانونية، مضيفا أن الحكومة في المنطقة الشرقية استخدمت 97% من العملة المطبوعة لدفع رواتب العاملين في القطاع العام والجيش في العام 2019 و2020، وأنه خلال الفترة نفسها، مثلت العملة غير المدعومة المتداولة 70% من الديون خارج الميزانية العامة للحكومة في البيضاء، وهي الديون غير المعلومة بالنسبة إلى السلطات.

ورفض المحافظ السابق للمصرف المركزي في البيضاء، الذي كان مسؤولا خلال فترة المراجعة المالية التي أجرتها “ديلويت”، التعليق على نتائج المراجعة

وفي سياق آخر، وجدت المراجعة المالية أنه بسبب إغلاق المنشآت النفطية، جرى استخدام مليارات الدولارات من الأدوات المالية مثل خطابات الائتمان وسندات الخزانة لدعم الأنظمة وتعويم العملات، وفي كثير من الأحيان، افتقرت تلك العمليات لمعلومات مثل أسماء المستفيدين ومعلومات الحساب البنكي إلى ذلك، أكد مؤسس معهد “صادق” للأبحاث المعني بالشؤون الليبية، أنس القماطي، أن تقارير المراجعة المالية يجب أن تنشر علانية.

وقال: إخفاء المعلومات المالية الحيوية التي تورط الجماعات المسلحة الفاسدة في الغرب والشرق، والأهم من ذلك الفصائل السياسية التي تتنافس من أجل السيطرة والشرعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى