في ذكرى الـ 109 لمعركة القرضابية ليبيا تناضل قديما وحديثا ضد الاستعمار الإيطالي

 

تحيي ليبيا اليوم الأحد الذكرى 109 لمعركة القرضابية الشهيرة ففي مثل هذا اليوم من عام 1915 هزم الإيطاليون في معركة القرضابية بليبيا، وهي أكبر هزيمة تعرضوا لها منذ غزوهم ليبيا في أكتوبر 1911.

وتعتبر معركة القرضابية الملحمة التي سطرت بأحرف من نور معنى الوحدة الوطنية الفاصلة في تاريخ المواجهات ضد الاحتلال الإيطالي للبلاد، كما أنها تعرف بمعركة الوحدة الوطنية، إذ شاركت فيها جميع القبائل الليبية، كما شكلت البداية لانحسار السيطرة الإيطالية على الأراضي الليبية.

عقب هذه المعركة سقطت الحاميات الإيطالية، الواحدة تلو الأخرى، وبحلول منتصف أغسطس من العام 1915 الذي وقعت فيه المعركة، لم يبقَ في يد الإيطاليين إلا مدينتا طرابلس والخمس.

بعد أن بسطت الحكومة الإيطالية نفوذها على نواحي طرابلس والجزء الغربي من ليبيا، تحركت ناحية الغرب لإزاحة معسكرات المجاهدين المرابطة جنوب سرت واحتلال المدينة، وقرر القائد امياني بالتشاور مع حكومته وقيادته في روما غزو فزان بأي ثمن وربط برقة بطرابلس.

وقتها تشكل الجيش الإيطالي من أربعة عشر ألفا بجانب عدد من المدافع والرشاشات وزحف إلى مدينة سرت يوم 29 ابريل 1915 بينما تجمع المجاهدين الذين حشّدوا أنفسهم جنوب سرت قرب قصر أبو هادي.

وعلى الفور هاجم المجاهدون المرابطون هناك بقيادة صفي الدين السنوسي الجيش الإيطالي القادم إليهم ليصدر الأمر للإيطاليين بالمواجهة والضرب.

وانهمر الرصاص الإيطالي على المجاهدين، واستشهد من المجاهدين لأول وهلة نحو 400 شهيد، واشتد الكرب عليهم قبل أن يقع الجيش الإيطالي بين كماشة المقاومين بقيادة صفي الدين السنوسي من الأمام وفرسان القبائل الذين جاؤوا معه من الخلف بصحبة رمضان بن سالم دخيل زعيم قبيلة القذاذفة والطبولى الورفلى وأطلقوا النار على الإيطاليين من كل جانب وهنا انقلبت الأحداث، تمزق الجيش الإيطالي بسبب تفوق الليبيين في معرفة الجغرافيا والعقيدة والقوية، وخسر الجيش الإيطالي معظم مقاتليه ولم ينج منهم سوى 500 جندي، عاد بهم مياني الجريح إلى سرت شمالاً تاركاً وراءه ما كان مع جيشه من معدات الحرب من إبل وخيل وبنادق ومدافع ورشاشات، بينما جرح الكولونيل إمياني وهرب إلى سرت مع من بقي من الجيش وبحلول الظهر كانت فلول الإيطاليين قد تقطعت اوصالها وهربت من المعركة.

وبمجرد عودة القوات الإيطالية مهزومة إلى سرت نفذت هناك “حملة انتقام” مروعة ضد السكان المحليين دامت 3 أيام، فيما جرد مياني جميع الليبيين هناك من الأسلحة وعقد مجلسا عسكريا وحكم بالإعدام على كثير من السكان وفي مقدمتهم الأعيان والرؤساء انتقاماً لهزيمته، كما نفي أكثر من 1000 شخص إلى إيطاليا أكثرهم من السكان والحمالين الذين استأجروا جمالهم.

وأخيراً تعتبر القرضابية من بين المعارك الفريدة في تاريخ الحركة الوطنية مقارنة بغيرها من المعارك، حيث سلكت فيها المقاومة الوطنية أسلوبا آخر جمع بين المهارة السياسية والمقاومة، تحققت من خلالها نتائج مبهرة.

وفضلاً عن التفاصيل الكثيرة التي أوردتها مراجع تاريخية عن معركة القرضابية وما حصل خلالها، يرى مؤرخون أنها اشتملت على دروس تاريخية هامة بالنسبة لليبيين تمثلت في أن القوة تأتي في الاتحاد.

يذكر أن كل المعارك التي خاضتها المقاومة الليبية قبل القرضابية خاضتها بشكل منفصل كل في مناطقه ولم يلتحم مقاتلو الغرب بمقاتلي الشرق إلا في معركة القرضابية.

Exit mobile version