
تقرير غربي يرصد: ليبيا تئن بين الفساد والجمود السياسي
في تقريرٍ نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، سلّط الباحث بن فيشمان الضوء على الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها ليبيا منذ عام 2020، مؤكداً أن البلاد وصلت إلى أدنى مستوياتها في ظل الفساد المستشري والجمود السياسي.
وأوضح الباحث وفق التقرير الذي طالعته “الجماهيرية”، إنه ومنذ توقف الحرب الأهلية في عام 2020، فشلت الجهود الأممية والدولية في إجراء انتخابات وطنية أو تشكيل حكومة وحدة وطنية. ورغم تعهد الدبيبة وحفتر بالتنازل عن السلطة لحكومة انتقالية، إلا أنهما ظلّوا في السلطة، مستفيدين من الوضع القائم لتعزيز ثرواتهما وتوزيعها على حلفائهما.
وأشار فيشمان إلى أن ليبيا، التي كان من المفترض أن تكون دولة غنية بفضل ثرواتها النفطية، أصبحت نموذجاً للفشل. حيث يعاني الاقتصاد الليبي من انعدام كفاءة هائل، إذ تشغّل الدولة معظم القوى العاملة ويشكل دعم الوقود أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يساهم في تهريب الوقود إلى الدول المجاورة.
ونوه أن التقرير السنوي للجنة خبراء الأمم المتحدة كشف عن اختفاء مليارات الدولارات من الأموال العامة عبر صفقات غير شفافة، خاصة تلك التي تضمنت مقايضة النفط بالديزل لتوليد الكهرباء. كما أشار التحقيق إلى تورط مؤسسات حكومية، مثل الشركة العامة للكهرباء، في دعم هذه العمليات غير القانونية.
وفي تطور آخر، أكد ديوان المحاسبة الليبي أن عائدات النفط لا تتناسب مع الودائع المودعة في البنك المركزي، ما يعكس عمق الأزمة المالية في البلاد.
من ناحية أخرى، كشف فيشمان عن ضغوط اقتصادية شديدة في البلاد، حيث ضخ مصرف ليبيا المركزي 2.3 مليار دولار من العملات الأجنبية في مارس 2025 لدعم السيولة في الاقتصاد. وفي خطوة مفاجئة، خفض المصرف قيمة الدينار بنسبة 13% في أبريل، ما كان له دور في محاربة السوق السوداء للعملات الأجنبية.
على الصعيد السياسي، ذكر فيشمان أن الدبيبة لا يزال يشغل منصب رئيس الحكومة رغم انتهاء ولايته في 2022، في ظل عجز الهيئات التشريعية عن الاتفاق على حكومة جديدة. ورغم محاولات التدخل الدولي، بما في ذلك المبادرات التي أطلقتها المستشارة السابقة أنجيلا ميركل عبر “عملية برلين”، إلا أن الصراع الداخلي بقي مستمراً، إذ استمر تدخل القوى الأجنبية مثل تركيا وروسيا في الصراع الليبي، حيث تدعم تركيا الحكومة الغربية بينما تقدم روسيا الدعم لقوات حفتر.
في ضوء هذه الأوضاع المعقدة، شدد فيشمان على ضرورة تحرك الولايات المتحدة بجدية نحو فرض عقوبات على المسؤولين الليبيين الذين يعرقلون عملية السلام والاستقرار، مؤكدًا أن الضغط الدولي يجب أن يستهدف تشكيل حكومة تكنوقراط مع مراقبة صارمة لمؤسسات الدولة المالية.
وشدد فيشمان، أن إدارة ترامب قد تكون أمام خيار استراتيجي في التعامل مع الأزمة الليبية، مع احتمال اللجوء إلى عقوبات قوية ضد الأطراف المتورطة في الفساد وتعطيل العملية السياسية، ما قد يفضي إلى نتائج مؤلمة، ولكن حتمية، من أجل إحداث تغيير حقيقي في البلاد.