صراع تقاسم المناصب يهدد مستقبل ليبيا ويكرّس الانقسام والفساد

سلطت صحيفة سبوتنيك الضوء على تحول مسألة تقاسم المناصب في ليبيا إلى محور صراع بين الأطراف المتنافسة، بدلا من أن تكون وسيلة لتنظيم العمل السياسي والإداري.
ولفتت الصحيفة، في تقرير، إلى أن الدعوات لتوحيد المؤسسات تتعالى وإنهاء الانقسام، مبينة أنه لا تزال المصالح الشخصية والحزبية والجهوية تلقي بظلالها على مسار الحل السياسي في البلاد، ما يثير تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية وإمكانية الوصول إلى توافق حقيقي يعيد الثقة في الدولة ومؤسساتها.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ القانون والباحث السياسي رمضان التويجر، أن المناصب السيادية التي تم الحديث عنها هي تلك المنصوص عليها في المادة (15) من الاتفاق السياسي، وتشمل محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه، ورئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وأعضائها، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام.
وأوضح أن آلية اعتماد الشفافية والحيادية في شغل هذه المناصب تعتمد بالأساس على كيفية اختيار المرشحين لها، مشددا على أن هذه المناصب تتأثر بشكل كبير بالصراع السياسي والانقسام القائم في البلاد، على الرغم من أهميتها البالغة في تحقيق التوازن المؤسسي والإداري.
من جانبه قال المحلل السياسي جمال الفلاح، إن المناصب السيادية في ليبيا تُعد سبعة مناصب أساسية جاءت ضمن اتفاق الصخيرات، وهي محافظ مصرف ليبيا المركزي، وديوان المحاسبة، وهيئة الرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، ومنصب النائب العام، ورئيس المحكمة العليا، والمفوضية العليا للانتخابات، مبينا أن هذه المناصب كانت أحد الأسباب الجوهرية في الأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا.
وأشار الفلاح إلى أن الأطراف السياسية الحالية لا تسعى إلى توحيد المناصب السيادية بهدف إنهاء الانقسام السياسي، بل على العكس، فهي السبب الرئيسي وراء استمرار هذه الخلافات، قائلًا إن “هذه الصراعات أنهكت ليبيا، والانقسام القائم اليوم سببه الأطراف ذاتها وليس المناصب”.
وأفاد الفلاح أن معايير الكفاءة وتكافؤ الفرص غابت تماما عن المشهد السياسي الحالي، إذ لا يمكن في ظل الصراعات الراهنة أن يتم تكليف أشخاص أكفاء لتولي المناصب، لأن الترشيحات تتم وفق الولاءات وليس وفق الكفاءة أو النزاهة.
أما عن دور المجتمع الدولي، فقد رأى الفلاح أن تدخله في مسألة المناصب السيادية وتسوية الخلافات بشأنها أمر صعب، بسبب سيطرة التشكيلات المسلحة وشخصيات متنفذة تتعامل بالرشوة والمحسوبية.
وأضاف أن المجتمع الدولي لن يتمكن من فرض معايير الكفاءة في اختيار شاغلي هذه المناصب، لأن الأمر في النهاية يخضع لإرادة الأطراف السياسية داخل ليبيا.
وشدّد على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي، بالتعاون مع مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات حازمة ضد المعرقلين للمسار السياسي، من خلال إحالتهم إلى محكمة الجنايات الدولية، للحد من نفوذهم ودفع البلاد نحو الانتخابات.
وقال: “كل ما تحتاجه ليبيا اليوم هو شعب واع يحاسب الفاسدين على ما ارتكبوه من جرائم في حق الوطن، وعلى تجويعهم للشعب الليبي وفسادهم الذي أوصل البلاد إلى هذا الوضع المؤلم”.

ليبيا



