تقارير

الشيطان في التفاصيل.. صفقة فتح الحقول النفطية وتوزيع إيراداتها على ثلاثة بنوك مختلفة

خبراء: واشنطن لعبت على “حلحلة” ملف النفط بشتى الطرق لهدف خفي

 

مراقبون: اعتماد آلية اقتسام موارد النفط يعزز عمّليا تقسيم ليبيا

 

المبروك درباش: استنساخ لتجربة العراق الفاشلة وستوجد مجموعة ضخمة من السرّاق وتشجع انفصال الجنوب

_________

صفقة ما، أعيدت على إثرها فتح الحقول النفطية في ليبيا، لم يتغير مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط كما اشترطت القبائل، ولم يتغير الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، لكن “تغيرت أمور كثيرة” قبل إعادة فتح الحقول.

 فماذا حدث؟ وما تداعيات هذه الخطوة على مستقبل ليبيا، باعتبار أن النفط هو وقود الحياة والمصدر الرئيسي للدخل في البلاد.

باختصار وفق خبراء، تم استيراد تجربة العراق الفاشلة، في وضع الأيدي على ثروات البلد وخلق مجموعة كبيرة من السرّاق والفاسدين وتعزيز فكرة تقسيم ليبيا، وتشجيع أهل الجنوب على حكومة باسمهم وتحميهم. هذا ما حدث وبأريحية تامة من جانب اصحاب القرار في الشرق والغرب والجنوب؟!

وفي الوقت الذي كانت فيه، مؤسسة النفط، قد أعلنت رفع القوة القاهرة عن كل صادرات النفط من ليبيا، وقالت إن الناقلة “كريتي باستيون” ستكون أول سفينة تقوم بالتحميل من ميناء السدرة النفطي.

قال الشيخ السنوسي الحليق، رئيس قطاع النفط والغاز في المجلس الأعلى للقبائل، إن الحقول النفطية ما زالت مغلقة. مضيفا أن استئناف تحميل النفط من ميناء “السدرة” النفطي”، يعد خطوة أولى في إطار تنفيذ الشروط التي أكدنا عليها وفوضنا قوات الشعب المسلح بشأنها.

وقال الحليق، إن مصفاة صرير لم تتوقف بالأساس وهي تضخ 10 آلاف برميل يوميا من النفط لتغذية محطات الكهرباء والداخل الليبي، فيما تظل جميع الحقول مغلقة حتى اللحظة بما فيها حقل “المسلة”. وشدد الحليق، على أن عملية استئناف التحميل من ميناء السدرة، هي من المخزون الموجود هناك، ولم يستأنف ضخ أي نفط جديد. وتابع أن استئناف تحميل النفط كخطوة أولى مرهونة بالالتزام بإيداع عائدات النفط في “الصندوق” الذي اشترط تأسيسه من قبل، وأنه حال الإخلال بذلك يتوقف تحميل النفط مرة أخرى ولن تفتح الحقول.

على الصعيد الآخر، أعرب مصطفى صنع الله، رئيس مؤسسة النفط، عن سعادته باتخاذ ما وصفها بالخطوة الهامة واعادة فتح حقول النفط، وقال في بيان على صفحة المؤسسة، بالنسبة للمؤسسة فالعمل قد بدأ للتو. لقد تعرضت بنيتنا التحتية لأضرار دائمة، ويجب أن يكون تركيزنا الآن على الصيانة وتأمين ميزانية للقيام بهذه الأعمال. يجب علينا أيضا أن نتخذ خطوات للتأكد من أن إنتاج ليبيا من النفط لن يكون عرضة للمساومة مرة أخرى.

لافتا الى الخسائر التي تكبدتها البلاد، نتيجة تراجع إنتاج النفط والتي قُدرت قيمتها بحوالي 6.5 مليار دولار، ومشددا على أن هناك مبالغ هائلة مطلوبة لاصلاح الأضرار في قطاع النفط.

من جانبها، كشفت جريدة الجارديان البريطانية، بعض تفاصيل صفقة فتح الحقول النفطية، وقالت إنه تم التوصل لاتفاق لإعادة فتح الحقول النفطية، ينص في الأساس، على تقسيم إيرادات النفط على ثلاثة بنوك. وعليه فستستأنف مؤسسة الإنتاج والتصدير، لكن عائدات النفط لن ترسل على الفور إلى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، كما كان في السابق، ولكن تسليم الايرادات إلى ثلاثة بنوك، مع الاتفاق على عدم استخدامها لأغراض عسكرية، ويجري التشاور مع زعماء القبائل بخصوص هذه الخطوة.

 ورحبت السفارة الأميركية في ليبيا، برفع القوة القاهرة واستئناف مؤسسة النفط عملها الحيوي، وأشارت إلى ضرورة ضمان تعاون المؤسسة مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لضمان عدم اختلاس الإيرادات والحفاظ عليها لصالح الليبيين.

وشددت السفارة، على أنها ستواصل دعم الشفافية المالية في ليبيا، من خلال الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة، لضمان وصول الليبيين إلى تفاهم بشأن التوزيع العادل لإيرادات النفط والغاز. وكشفت مصادر، إن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بدور كبير، لتحييد

النفط من المواجهات العسكرية والسياسية، والعودة إلى الإنتاج والتصدير، وجمع الإيرادات وفق آليات مختلفة عن سابقاتها.

وقال الخبير الاقتصادي، سليمان الشحومي، في تصريحات، إن النفط الليبي عاد إلى التصدير من ميناء السدرة، ولكن بترتيبات جديدة، ودون أن تتحكم حكومة السراج غير الشرعية في العوائد ودون أن تذهب مباشرة إلى البنك المركزي- طرابلس.لافتا الى ان هذا الحل قد ينزع فتيل الحرب المدمرة المرتقبة ويفتح صفحة جديدة في الحوار الليبي على حد قوله.

 وتشير مصادر، إلى أن دولا عدة لعبت دورا في حلحلة ملف النفط، بهدف قطع الطريق أمام التدخل الخارجي، وسحب أي مبرر قد يعتمده المحتل التركي وحكومة السراج غير الشرعية، في الدفع إلى حرب على منطقة الهلال النفطي وحقول الواحات والجنوب.

وشدد وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، على أهمية إحراز تقدم، في إنشاء آلية ذات مصداقية لرصد عائدات النفط وضمان أنها تفيد الشعب الليبيى ولا تذهب للميليشيات.

لكن هل الصفقة بشكلها الحالي مناسبة لليبيا الدولة ولطموحات شعبها؟!

يقول د. المبروك درباش، إنه إرتكاب لنفس الخطأ، تلك الجَرِيرَة التي اُرتكبت في العراق، منذ عشرون سنة فقط، هو ليس تآمر فقط، بل تآمر مُضحك، لقد أنتجت تجربة العراق محصلة دقيقة واحدة وهي أن 90%من ثروات العراق، في مخطط البترول والغداء، ذهبت الى شركات التوزيع الغربية والمرخصة من قبل فريق الأمم المتحدة، أي البعثة الأممية، أي بعثة شركات ومؤسسات المال والقرار في الغرب. إلى هذا اليوم لم تتم معاقبة موظف غربي واحد من فريق بعثة الأمم المتحدة، الذين أثروا على حساب الشعب العراقي، رغم نتيجة التحقيق الساطعة أدلتها على الجرم الجلي.

إنها فكرة وقحة في أحسن تصاريفها. وقذرة في أبهى صورها. ستُرحب بها القاذورات المحلية لأنها ترخيص دولي للنهب، وبمشاركة للقاذورات الخارجية التي ستحميهم من أي ملاحقة قانونية في المستقبل، بل ستتولى فتح حسابات لهم في بنوكها.

إنها استيراد للتجربة الخطأ، وتصدير لنفس المادة، وإنما تكرار لها في جغرافية أخرى. إنه إخفاق مقرف للعقول الأُمية، كفكرة المجلس الانتقالي، والعزل السياسي، والعزل الفكري، وعزل القيم، وعزل الذمم، ورجعية العقل الثوري. إنها ايضاً، ترسيم متَخابُث لواقع التقسيم، بل تشجيع عليه. فهو فعلاً نداء ‘للفزازنة’ بتشكيل حكومة أخرى ليُسجل حساب بإسمها، ولصناعة وتوليد المزيد من السراق المحليين.

إنها ايضاً، ترسيم لكل هذه المؤسسات المفتعلة ومنتهية الصلاحية وتأكيد وتمديد لها على حساب السكان؛ فهي من ستقوم وتنادي بهذا الإقتراح وسوف تُشرف عليه، مجازًا.

إنها ايضاً، الكفن الخشبي، المزركش بألوان التخمة، المعنون بحروف العجز، لقبر هذهِ التي لازلنا نحلم بها، هذهِ أو تلك ألآيلة؛ ليبيا.

والحل؟  كما يقول د. المبروك درباش، هو الخروج الى الشارع، لاغير! الخروج والثورة على ثقافة عمرها ناهز السبعين سنة. الخروج من أجل أعوام كريمة، ووضع الرأي العالمي في موقع حرج وواضح. الخروج، لكي يخرجوا جميعهم عنا.

 وفي هذا الكفاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى