محلي

خبير ألماني: النزاع بشرق المتوسط أكبر من موارد الغاز والتدخل التركي في ليبيا تهديد مباشر في نظر القاهرة

وج – برلين
قال خبير الشرق الأوسط بالمعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن في برلين، شتيفان رول، إن اتفاقية المناطق الاقتصادية التي وقعتها تركيا وحكومة الوفاق غير الشرعية في الحرث/نوفمبر 2019، كانت الدافع الأساسي وراء تعجيل مصر واليونان بتوقيع اتفاقية حول ترسيم حدودهما البحرية، قبل أيام، رغم أن المفاوضات بينهما حول تقسيم المناطق الاقتصادية في البحر المتوسط استمرت حوالي 15 عامًا، إذ رأتا في الاتفاقية الليبية التركية تهديدًا واضحًا لمصالحهما.

وأضاف شتيفان رول، في مقابلة مع إذاعة صوت ألمانيا (DW) تابعتها “أوج”: “لا أعرف إلى أي مدى تم التفاوض بين أثينا والقاهرة حول الاتفاقية الجديدة، لكن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بسد الأبواب أمام تركيا، والأمر يتعلق بالأساس بإرسال إشارة سريعة جدًا في اتجاه أنقرة بأنه لا يمكن قبول أن ترسم تركيا من جديد الحدود البحرية”.

وتابع: “النزاع المصري التركي أخذ دينامية جديدة من خلال الاتفاقية التركية الليبية حول المناطق الاقتصادية وكذلك التدخل التركي في ليبيا، وبالنسبة إلى القاهرة خلق هذا الأمر وضعًا جديدًا وهو أن تكون تركيا نشطة في ليبيا حيث أرسلت مرتزقة يقاتلون إلى جانب حكومة الوفاق في طرابلس ضد خليفة حفتر الذي تدعمه مصر، فالتدخل التركي في ليبيا، يعتبر تهديدًا مباشرًا في نظر القاهرة”.

ويرى شتيفان رول، أنه رغم تطابق المناطق الاقتصادية التي اتفقت عليها مصر واليونان جزئيا مع المناطق الاقتصادية التي تطالب بها تركيا والحكومة الليبية، فإن ذلك لن يقود إلى نزاع مسلح، قائلا: “لا تركيا ولا اليونان وبالأحرى مصر، كلها ليست مهتمة بمواجهة مباشرة علما أن النتيجة غير معروفة”.

وعن موقف البرلمان المصري وإعطائه الضوء الأخضر للرئيس عبد الفتاح السيسي لإرسال قوات مصرية إلى ليبيا، أكد رول، أن ذلك أمر يجب أخذه بجدية، قائلا: “يمكن لي تصور أن تتدخل مصر في نزاع ليبيا وتنشر وحدات ما وراء الحدود، لكن الأمر سيتعلق بالحفاظ على خطوط جبهات قائمة، فلا يتعلق الأمر باستراتيجية توسعية، ليس هناك نية للتقدم حتى طرابلس والمخاطرة بمواجهة مباشرة مع تركيا، فمصر تعتزم دعم حلفائها وقوات حفتر”.

وأكد أن “التوترات الحاصلة بين اليونان وتركيا، وأيضا بين مصر وتركيا، تتعلق أولا بموارد الغاز، وأن استراتيجية الطاقة المصرية تهدف للقيام بصادرات غاز بحجم كبير، لكن في النهاية النزاع المصري مع تركيا أكبر من ذلك بكثير، ويعود إلى ما اعتبره “الانقلاب العسكري في 2013″ في مصر الذي كان موجهًا ضد حكم الإخوان المسلمين حينها، فالقاهرة تتهم تركيا بدعم الإخوان المسلمين، وهو صحيح إلى حد كبير، فالكثير من كوادر الإخوان المسلمين يعيشون في المنفى في تركيا، والقيادة المصرية تشعر بالتهديد من طرف تركيا وتتهمها بالتخطيط للانقلاب المضاد”.

وعن دور الولايات المتحدة الأمريكية في التوسط في الخلاف حول حقوق المناطق البحرية، قال شتيفان رول، إن واشنطن لم تقرر بعد إلى أي جانب ستقف بخصوص النزاعات في شرق البحر المتوسط، وفي نزاع ليبيا إلى جانب تركيا وضد مصر وروسيا أو العكس؟.

وأوضح: “علاوة على ذلك هناك تطور جديد، فعلاقة الولايات المتحدة مع مصر لم تعد كما كانت عليه في السابق، إذ حصلت فيه مؤخرا بعض الشروخ، فمصر لها سلوك في الكثير من المستويات يشبه سلوك تركيا، فالقاهرة مثل أنقرة اشترت ضد إرادة الولايات المتحدة أنظمة صواريخ دفاعية روسية، فكل واحد يلعب لعبته ولا يتقيد ببنى التحالف التقليدية”.

وأضاف أن ألمانيا اتخذت موقف الوسيط في النزاع، لأن الألمان ليس لهم مصالح خاصة هناك، وقال: “السؤال هو هل تملك ألمانيا ما يكفي من النفوذ لتحصيل نتائج في هذه المنطقة؟ هنا لدي شكوك، فلو أخذنا عملية برلين التي أطلقتها ألمانيا لحل النزاع في ليبيا، فماذا حدث في النهاية؟ ما حصل هو أن ألمانيا لم تكن قادرة على التأثير على أطراف النزاع حتى تلتزم بالاتفاقية”.

وأردف: “ألمانيا ليس لها القوة المطلوبة، وهي قادرة الآن فقط لوقت وجيز على تقديم المساعدة، مثل المكالمة الهاتفية للمستشارة ميركل مع الرئيس التركي أردوغان قبل أسابيع قليلة، تلك المكالمة التي ساهمت في تفادي حصول مواجهة مسلحة بين سفن حربية تركية ويونانية في بحر إيجه”.

ويرى شتيفان رول، أنه فيما يخص النزاع حول موارد الغاز في شرق البحر المتوسط وما تتحلى به إسرائيل من هدوء بشكل مفاجئ، أن إسرائيل تجد نفسها في وضع صعب، موضحًا أن علاقتها مع مصر تطورت فعلا، لكن على مستوى الحكومة وجهاز الاستخبارات والمؤسسة العسكرية فقط، أما مع السكان فالأمر يختلف.

وتابع: “على المدى البعيد ليس من الواضح إلى أين تتجه مصر، وحتى اقتناء القاهرة لمقاتلات روسية قبل أسابيع لا يروق لإسرائيل، والدولة المهمة أكثر بالنسبة لإسرائيل في المنطقة هي تركيا التي لها ما تقدمه اقتصاديا وهي مهمة أكثر بالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي، وفي الحقيقة ليس لإسرائيل اهتمام بأن تتدهور العلاقة مع تركيا، وإسرائيل لها حاليا مشاكل سياسية داخلية أكبر تجعل من النزاع المحتدم في شرق البحر المتوسط قضية جانبية”.

وأضاف: “الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو غير مهتمين البتة بأن تحصل مواجهة بين اليونان وتركيا، لقد حصلت في الماضي لحظات تصعيد تم احتواؤها، وحاليا هي عبارة عن تهديدات، لكن لا نعرف أبدا ماذا يحصل في المنطقة، فقد تصدر طلقات نارية وتتحول هذه الحادثة إلى دينامية خاصة، لكن لا أحد مهتم بجدية بذلك”.

وعن مواقف الدول العربية الأخرى بخصوص توزيع المناطق الاقتصادية في شرق البحر المتوسط، قال إن الأمر سيان بالنسبة إليها، مادامت غير متاخمة لها، موضحا أنها تنظر للنزاع من بعده الأشمل، فقطر مثلا تقف بوضوح إلى جانب أنقرة، وتركيا لها وجود عسكري في البلاد كما أن قطر تدعم الإخوان المسلمين، والدول المساندة لمصر، في مقدمتها السعودية ودولة الإمارات، تنظر بتوجس للدور التركي ولها مواقف نقدية واضحة تجاه أنقرة، ودول شمال أفريقيا لها موقف حيادي ولا تتخذ موقفا مباشرا وتحاول في النهاية ربط علاقات جيدة مع كلا الطرفين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى