تقارير

استقالة السراج المرتقبة حلم ملايين الليبيين.. لكن السؤال ماذا يتم خلف الكواليس؟ وأي صفقة يتم تجهيزها؟

جاءت الأخبار التي نشرتها شبكة “بلومبيرج” العالمية، عن اعتزام فايز السراج رئيس الحكومة غير الشرعية، تقديم استقالته، لتبعث بالسعادة في قلوب ملايين الليبيين، ولتحرك الكثير من الأسئلة داخل الوطن.

ليس لأن السراج يعتزم تقديم استقالته، بفرض أن هذا خبرا مؤكدًا، لأن تقديم السراج استقالته كان ولا يزال مطلب ملايين الليبيين، الذين تظاهروا على مدى الفترة الماضية في طرابلس وكافة المدن الليبية تنديدا بفساد حكومته. وتواصلت المظاهرات في بنغازي في الشرق، ودفعت حكومة عبد الله الثني بعد 6 سنوات من السيطرة لتقديم استقالتها أيضا.

ولكن عن الصفقة التي تم الترتيب لها ليخرج السراج من المشهد؟

 والسؤال.. وفق مراقبين، وقبل أن يتم الاستقرار على موعد محدد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة بشكل نهائي؟ كيف تسير الأمور؟ وهل قرار السراج للتسريع بالانتخابات من جانبه وجانب حكومته؟

أم التفاف على مطالب المتظاهرين والبقاء في المنصب عاما ونصف العام القادمين بحجة تسيير أمور الدولة!

وكان قد أكد مسؤولين في حكومة السراج، لشبكة “بلومبيرج”، أن السراج يعتزم تقديم استقالته، لكنه سيبقى في منصبه مؤقتا حتى تشكيل حكومة جديدة بعد المفاوضات التي ستجري في جنيف الشهر المقبل.

ووفقا لـ “بلومبيرج”، فإنه بإعلان السراج استتقالته سيخفف الضغط الموجه نحو حكومته ويمهد الطريق لخروجه من المشهد بعد جنيف، وتشكيل  حكومة جديدة بعد الاتفاق على هيكيلة جددية “للرئاسي”  وعليه من المتوقع أن يعلن السراج تقديم استقالته نهاية الأسبوع الجاري.

 وفي الوقت، الذي توقع فيه تقرير “بلومبيرج”، أن تلقى الخطوة ترحيبا من جانب مصر والإمارات، فإنه لا يزال الموقف التركي في الأزمة هو الفيصل، باعتبار العلاقات المتشابكة بين السراج من جهة وبين أردوغان من جهة اخرى سمة اساسية للمشهد.

ولم يتضح حتى اللحظة، بمن ستدفع تركيا للمشهد بدلا من السراج؟ وهل يكون رجلها الأول باشاغا؟ كما هو متوقع أم احد من خارج التوقعات؟.

وهل تفرض عليه أنقرة ضمانا بالحفاظ على مصالحها والاتفاقات التي أبرمت مع السراج؟

أم أنه يأتي من خارج التوقعات ويقلب الأوضاع نهائيا فوق رأس أردوغان؟

وشهدت الفترة الماضية، العديد من اللقاءات في المغرب وسويسرا ومصر، لبحث حلحلة الأزمة الليبية، والخروج من الأزمة الراهنة، في ظل المشهد السياسي المرتبك في ليبيا، وتردي الأوضاع المعيشية وتوالي خروج المظاهرات الاحتجاجية في طرابلس وبنغازي ومختلف المدن الليبية تنديا بالاوضاع الموجودة.

من جانبه أكد الكاتب التونسي، الحبيب الاسود، في مقال له، أن هناك في مختلف أرجاء ليبيا، أوضاع مأساوية لا يخرج عنها شيء للعالم؛ الشعب الليبي يعاني من انهيار شامل للخدمات الأساسية، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا غاز للطهي ولا وقود ولا سيولة مالية في المصارف ولا رواتب تصل في مواعيدها، ولا قدرة للمؤسسات الصحية على مواجهة فايروس كورونا الزاحف بقوة، وفي المنطقة الغربية هناك، إضافة لما سبق، سيطرة الميليشيات المنفلتة، وانتشار المرتزقة، وتكريس الاحتلال التركي ومؤامرات الإخوان لتحقيق المزيد من التغلغل في مؤسسات الدولة.

وفي الجنوب الليبي وفق الحبيب الاسود، لا يمكن الحديث عن وجود دولة، المعاناة مستمرة منذ تسع سنوات، والسكان المحليون يعيشون وكأنهم في بلد آخر خارج إطاري الزمان والمكان، ورغم الثروات الطائلة التي توجد تحت الأرض وفوقها، فإن لا شيء منها يعود إلى أبناء فزان، التي تبدو مجرد مساحات من الرمال المتحركة والواحات العطشى في ركن قصي من الصحراء الكبرى، لا يستفيد منها سوى المهربين العابرين للحدود، ولصوص الذهب والآثار.

 وتابع الحبيب الاسود، أنه مثلما الحال في العراق بعد 2003؛ فإن ليبيا بعد 2011 تحولت إلى دولة مافيا، دفعت بالمبعوث الأممي السابق غسان سلامة إلى القول إنها تشهد أكبر عملية نهب، ما يجعلها تعرف ولادة مليونير جديد كل يوم، في حين يواجه الشعب الفقر والعوز والمرض وغياب الخدمات والانفلات الأمني وخاصة في المنطقة الغربية.

وفي العام 2019 احتلت المرتبة رقم 168 من أصل 180 دولة مدرجة على قائمة منظمة الشفافية الدولية، حيث لم تحصل سوى على 18 نقطة من أصل 100، حسب معيار المنظمة الدولية. وفي السنوات الأربع الأخيرة، أي في ظل حكومة الوفاق، كانت الأرقام متدنية للغاية تراوحت بين 14 و18 نقطة.

وليس هذا فقط، فخلال السنوات الماضية، تم صرف ما لا يقل عن 200 مليار دولار دون أن يكون لها أي أثر على الأرض أو في حياة الناس، بل العكس هو الصحيح، حيث تم تدمير ما تركه النظام الجماهيري السابق من خدمات وخاصة في مجال الماء والكهرباء والبنية التحتية، وتحولت مناطق كانت عامرة بالحياة إلى أوكار للأشباح.

استقالة السراج حلم لملايين الليبيين الحالمين بالتغيير، والذين خرجوا ولا يزالون في المدن الليبية يهتفون: “قولوا للسراج يروح” لكن ماذا يتم وراء الستار؟ هذا هو ما سيشهده الشعب الليبي قريبا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى