تقارير

على أعتاب تونس.. فصل بين “الرئاسي” و”الحكومة” ومخاوف أن تكون نسخا مكررة من حكومات السراج والمؤتمر الوطني

بعد 5 سنوات قضاها الليبيون، في جحيم حكومة السراج غير الشرعية وصراع دام ليس له أول من آخر، وفساد وتردي وضياع لسيادة الدولة واختطاف المدنيين وتسلط الميليشيات، تتجه الانظار إلى تونس مع تواصل لقاءات الحوارالسياسي، وبعد الاتفاق حسب وفدي مجلس نواب شرق البلاد وما يسمى المجلس الأعلى للدولة على المناصب السيادية السبعة في ليبيا، فالانظار تتعلق اليوم، بما سيتمخض عنه اجتماع تونس بخصوص “المجلس الرئاسي والحكومة الجديدة” والشخصيات التي ستشغلهما.

وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون، أن الأزمة في ليبيا لن تبارح مكانها لأنها ستكون بنفس الوجوه والأجسام الفاسدة التي تصدرت المشهد طوال السنوات الماضية، فإن البعثة الأممية تتحدث عن “اختصاصات جديدة للرئاسي والحكومة”، ما قد يدفع نحو تحقيق أي نجاح أو استقرار بعد نكبة فبراير 2011 وقبل الوصول لانتخابات رئاسية وبرلمانية.

وكانت قد اجتمعت “لجنة الصياغة”، في مدينة لوزان السويسرية؛ للاتفاق على آلية اختيار المجلس الرئاسي والحكومة وتحديد الصلاحيات؛ تمهيدًا لحوار تونس يوم 9 الحرث/نوفمبر المقبل. وخلصت المشاورات، إلى تحديد الصيغة الجديدة للسلطة، حيث تتكون السلطة التنفيذية في ليبيا، من المجلس الرئاسي وحكومة وحدة وطنية منفصلة، وفق ما جاء في مخرجات مؤتمر برلين المنعقد يناير الماضي.

ويحدد ملتقى الحوار السياسي الليبي بتونس، وفقًا لمشاورات لوزان، اختصاصات المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، ويتم اختيار أعضاء الرئاسي والحكومة؛ بحيث يتكون الأول – المجلس الرئاسي-  من رئيس ونائبين، ممثلين للأقاليم الثلاثة، ويصدر عن ملتقى الحوار لائحة تنظم القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير عمل المجلس. أما حكومة الوحدة الوطنية من رئيس وعدد من الوزراء، ويتولى رئيس الحكومة المسمى اختيار وزراء حكومته ونائبين، ويراعى في التشكيل التمثيل العادل وفق التنوع السياسي والاجتماعي والجغرافي.

ويتشاور رئيس الحكومة الجديدة، مع المجلس الرئاسي مجتمعا بخصوص أسماء وزيري الخارجية والدفاع قبل تقديم القائمة الكاملة للحكومة إلى الرئاسي بغرض إحالتها على مجلس النواب لمنحها الثقة، وإذا تعذر انعقاد جلسة خاصة مكتملة النصاب لمجلس النواب أو إذا تعذر منح الثقة للحكومة خلال مدة لا تتجاوز عشرة 10 أيام يؤول الحق لملتقى الحوار السياسي الليبي.

ووفق التفاهمات والتي اطلعت عليها”أوج”، تضع حكومة الوحدة الوطنية، خلال اجتماعها الأول، آليات صنع القرار الخاصة بها وفق ضوابط يحددها ملتقى الحوار السياسي الليبي، ويتم إسناد رئاسة المجلس الرئاسي والحكومة ومجلس النواب بين الأقاليم الثلاث، استثناء ولمرة واحدة وفق ما تقتضيه خصوصيات “المرحلة التمهيدية للحل الشامل”، كما يتم اتخاذ القرار داخل داخل ملتقى الحوار السياسي قبل الشروع في الترشيحات والتسميات. ووفقًا لمشاورات لوزان، وما اطلعت عليه “أوج”، تضطلع السلطة التنفيذية بإنجاز الإجراءات اللوجيستية والأمنية الضرورية لإنجاح الاستحقاق الانتخابي وبتهيئة مناخ المصالحة الوطنية من خلال إجراءات بناء الثقة ومن بينها ضبط المشهد الإعلامي بما يحفظ النسيج الاجتماعي والوطني ويخلق تهدئة شاملة.

وبمجرد التوافق على الجهات التنفيذية،‏ يتم الانطلاق وبالتوازي في مسار المصالحة الوطنية والاجتماعية لمعالجة آثار النزاعات المختلفة؛ وذلك ابتداء بإنهاء ظاهرة الاحتجاز غير القانوني والإدانة لأسباب سياسية، وتفعيل قانون العفو العام، والعمل على العودة الآمنة للمبعدين والنازحين، وجبر الضرر دون إسقاط الحق الخاص في التقاضي.

كما يتم تقييم ومتابعة عمل السلطة التنفيذية ومدى إنجازها لمهامها كل ثلاثة أشهر بشكل دوري من قبل ملتقى الحوار السياسي، الذي يقرر على ضوء ذلك مواصلة السلطة التنفيذية لمهامها من عدمه أو الموافقة على التغييرات الملائمة وفق ما تقتضيه المرحلة التمهيدية للحل الشامل، وتضمنت اختصاصات رئيس المجلس الرئاسي، بحسب المشاورات، الإشراف على أعمال مجلسه وترؤس اجتماعاته، وتمثيل الدولة في علاقاتها الخارجية، كما يختص المجلس مجتمعا بتأدية مهام القائد الأعلى للجيش الليبي، واعتماد ممثلي الدول والهيئات الأجنبية لدى ليبيا.

ويتولى “المجلس الرئاسي” أيضا، تعيين وإعفاء السفراء وممثلي ليبيا لدى المنظمات الدولية بالتنسيق مع وزير الخارجية، وفق الاتفاق السياسي والتشريعات الليبية النافذة، والتصديق على التعيينات الجديدة في البعثات الدبلوماسية، وإعلان حالة الطوارئ والحرب والسلم، واتخاذ التدابير الاستثنائية بعد موافقة مجلس الدفاع والأمن القومي، على أن يعرض الأمر على مجلس النواب خلال فترة لا تتجاوز عشرة 10 أيام من صدوره لاعتماده.

اما فيما يتعلق باختصاصات رئيس حكومة الوحدة الوطنية، يتولى إصدار القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء، وتعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها، ويمكن تفويض بعض مهامه لنوابه أو الوزراء، ويؤدي الوزراء المهام المسندة إليهم من قبل رئيس الحكومة، ويطلعون مجلس الوزراء على ذلك، كما يتولون مسؤولية تنفيذ السياسة الحكومية؛ كلٌ في القطاع المكلف به؛ وفي إطار التضامن الحكومي.

وقال الناطق بلسان ما يسمى بالمجلس الأعلى للدولة محمد عبدالناصر، إن يومي 5 و6 الحرث/نوفمبر المقبل، سيكونان موعد وصول المشاركين في جولة الحوار السياسي الليبي بتونس التي ستنطلق في التاسع من الشهر ذاته. وأوضح عبد الناصر، أن الحوار سيحضره 13 شخصًا من “الاستشاري” ومثلهم من “مجلس النواب” المنعقد في طبرق، بالإضافة إلى أكثر من 70 شخصية اختارتها البعثة الأممية.

ولفتت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، أن استئناف ملتقى الحوار السياسي الليبي يأتي في وقت يسود فيه أمل غامر عقب التوقيع على اتفاق وقف دائم لإطلاق النار في جميع أرجاء ليبيا يوم 23 التمور/أكتوبر الجاري، مشيرة إلى أن الاجتماعات التشاورية مع العديد من الفرقاء الليبيين في الأشهر السابقة، سهّلت إعادة إطلاق الملتقى السياسي الليبي.

وقال بيان عنها، إنه في اطار احتفال الأمم المتحدة بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لدخول ميثاقها التأسيسي حيز التنفيذ، توجه بعثة الأمم المتحدة لدعم في ليبيا الدعوة لـ 75 مشاركة ومشارك من ربوع ليبيا يمثلون كافة أطياف المجتمع الليبي السياسية والاجتماعية للانخراط في أول لقاء للملتقى السياسي الليبي الشامل عبر آلية التواصل المرئي. وأوضح إن ملتقى الحوار السياسي الليبي هو حوار ليبي-ليبي شامل يُعقد بناءً على مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا، والتي تمت المصادقة عليها من قبل مجلس الأمن في قراره 2510(2020م) وقرار مجلس الأمن 2542 (2020م)، لافتًا إلى أنه تم اختيار المُشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي، من فئات مختلفة، بناءً على مبادئ الشمولية والتمثيل الجغرافي والسياسي والقبلي والاجتماعي العادل.

وشددت البعثة الاممية،على أن الهدف الأسمى ل”ملتقى الحوار السياسي” هو إيجاد توافق حول سلطة تنفيذية موحدة وحول الترتيبات اللازمة لإجراء الانتخابات الوطنية في أقصر إطار زمني ممكن من أجل استعادة سيادة ليبيا وإعطاء الشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية..

ويرى مراقبون بناءا على قراءة أولية في اختصاصات “الرئاسي” و”الحكومة الجديدة”، انه جرى أولا الفصل بين المنصبين تماما ولم يعد هناك تضارب بينهما في الصلاحيات او اندماج تام مثلما كان في حالة السراج، كما انه سيتم “ترضية” مختلف الأقاليم الليبية بسياسة “تعيينات” روعى فيها الشمولية

لكن السؤال ألن تكون نسخة جديدة من حكومة السراج غير الشرعية والمجلس الرئاسي، وحكومات ما سمي بالمؤتمر الوطني العام والانقاذ؟

هل تعمل بسلاسة وتستجيب لمتطلبات الليبيين خلال المرحلة الانتقالية هذه، وتخفف من عبء النكبة ولو قليلا؟ وماذا لو لم يتم تفكيك الميليشيات؟ ها ستظل جاسمة على عملها وهل تسقطها أم ماذا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى