ابحار في ذاكرة نالها الالم.. في صحة بنك الطعام الليبي

علي الهلالي

 

عش رجبا ترى عجبا !! .. هذا مثل سارت به الركبان منذ زمن غابر ويدلل على ان ” اللي يعيش ياما يشوف ” كما نقولها بلساننا الدارج .
الكارثة هنا في بلد البترول الذي ” ينير المدن الاوروبية ” ويحرك مركبات ” دول ما خلف الصحراء الكبرى ” ويوفر فرص عمل لآخرين في دول منها مانعلم ومنها مالا نعلم .. ويموت بالتخمة بعض تجاره ..
في هذا البلد الذي تقول امكانياته ان بامكانه ان يتحول الى “جنة ” لا جفاف للسيولة فيها .. ولا عناء فيه لليبية عزيزة كريمة امام مصرف تستعطف من يمنحها مبلغا ضئيلا من ممتلكاتها .. ولا ندرة فيها لسلعة مهما كانت : لان النفط يسيل وبمقابله نجلب كل مانشتهي ونريد ونحتاج .
هذا البلد الذي يتوسط القلب ويتوسط العالم ويتوسط المتوسط كانت معوناته تصل لاقصى نقطة شرق الكوكب واقصى نقطة بها سكان في غرب اليابسة ناهيك عن الجنوب والشمال الذي صارت جسورنا الجوية تصل اليه حاملة المساعدات في مشهد اكثر من اعتيادي .
هذا البلد الذي كان كل بيت فيه يكتنز من السلع الغذائية ماتسبب له في وجود ” الفئران والقناتش ” وكان فيه مايفيض عن حاجته لزمن حتى ان الكثير من عربات شركة الخدمات العامة كانت تنقل اكياس الدقيق المسوسة والخبز اليابس والطماطم الذي انتهت صلاحيته ولم يتم استهلاكه من بيوت الليبيين .. ورغم ذلك كانت الحاجة متوفرة وتفيض وكنا نرى احيانا حمولة متوجهة الى بيت فلان او علان لمناسبة من احدى الجمعيات لان البضائع كما يقال ” على قفا من يشيل ” .
واليوم تجد حرة من الحرائر تتخذ من احد المطبات في شوارع المدينة مكان للحصول على ” بعض الحاجة ” وتطور الامر ليكون مكان تجميع المخلفات مكانا يرتاده البعض للبحث فيه عما يمكن العودة به للبيت .. وطارت اسعار الزيت والطماطم والسلع الضرورية والتهبت وصار الفار يجوع في بيوتنا بعد ان كان يجد خمسين كيلو دقيق في بعض زواياها وما اكثر ما يجد من سلع.
اليوم وصل الحال الى ان هناك من قرضه الجوع ونال منه بعد ان اعتقدنا ذات عصر اننا هزمناه وذهب الى غير رجعة .. جاع من كان يفتح بيته للضيف وكانت له ” قصعة وسيع مدارها ” .
اخر ما نسمع ان يكون هناك اجتماع على مستوى أثنى فيه المسؤولين على فكرة تأسيس بنك الطعام الليبي الذي قالوا انه مؤسسة خيرية تطوعية مناطة بتوفير الطعام والغذاء لمستحقيه من محدودي الدخل والمتعففين من التبرعات والهبات و الزكاوات.
كارثة عندما نجد انها معنية بتوفير ” الطعام والغذاء لمستحقيه” .. انتبهوا : توفير الغذاء والطعام في مجتمع كانت احلامه توفير القروض والدراسات العلمية المتطورة والطب الحديث والبحث العلمي .
صرنا الان في انشاء بنك الغذاء ليوفر الطعام لمن لايطاله ..
وحين وصلت لاخر الخبر وجدت : ” وإنتهى الإجتماع بالمصادقة على أول مجلس للإدارة وإعتماد النظام الأساسي لبنك الطعام الليبي ” .. نهار احرف
يا الله اين وصلنا .. يانهار احرف شن مازال .
وابكي عالهيبة مائة عام .

Exit mobile version