محلي

العقد_الأسود الفساد سمة العصر و”المافيات” نهبت مقدرات ليبيا وسرقت 360 مليار دولار منذ نكبة فبراير

كان من أبشع مظاهر التردي في الحياة الليبية على مدى العقد الأسود الماضي 2011-2021، تفشي حالة عارمة من الفساد في مختلف جنبات الدولة الليبية ليست مسبوقة ولا ملحوقة على مستوى العالم.
وكما يقول خبراء، فإن “فبراير الأسود”، أطلق وحش الفساد والميليشيات والنهب والفوضى على المجتمع الليبي، وكانت هذه مؤامرة متعمدة، لنهب مقدرات الدولة الليبية القوية، وزعزعة أعمدتها الاقتصادية المتينة، التي شيدها القائد الشهيد معمر القذافي وأنتجت في عهده، حالة هائلة من البناء والتنمية ووفرة الاحتياطيات الأجنبية.
وكشفت الأمم المتحدة في أرقام موثقة، أنه أهدر بالفعل نحو 360 مليار دولار في 10 سنوات، لم يرى الليبيون منها شىء على الإطلاق. سواء في جملة إيرادات النفط التي دخلت البلاد طوال هذه المدة ولم يظهر منها شىء. أو النهب والفساد في المقدرات والمؤسسات والمصارف الليبية، ومن جانب مسؤولين ووزراء وعمداء بلديات وكلهم تورطوا في فساد، بل غاصوا في الفساد إلى “درجة مُريعة” حصاد فبراير الأسود دون ردع أو عقاب.
ووفق تقرير لـ “الاندبندنت”، وخلال الأسابيع الأخيرة وبعدما فتح النائب العام، العديد من “أوكار ومغاليق” الفساد في ليبيا، فقد تكشف الكثير من الجرائم المروعة، وشملت الأسماء المتهمة بالفساد، والتي كشفتها تحقيقات مكتب النائب العام، عن تورط وزراء ووكلاء وزارات بصلاحيات وزير، ومديري مؤسسات سيادية ومصارف عامة، وآمري ميليشيات مسلحة، زج ببعضهم في السجون، بينما ما زال آخرون مطاردين داخل البلاد، فيما فر البعض الآخر في ظروف غامضة إلى الخارج.
ومن أبرز القضايا المتعلقة بالفساد، والتي تكشفت خلال الفترة الأخيرة، إصدار أمر قضائي بحبس وزير الحكم المحلي في حكومة السراج، ميلاد الطاهر ووكيل وزارته، لاتهامهما بنهب المال العام، في عملية تمويل لشركات خدمات عامة، وكذلك وزير الحكم المحلي السابق، بداد قنصوة مسعود عبد الجليل، وإحالته للنائب العام، على خلفية تهم متعلقة بإهدار المال العام. وقد هرب للخارج. والقبض على وإيقاف العديد من قيادات “صحة السراج” بتهم فساد مروعة، لدرجة التوسط مؤخرا للإفراج عن بعض القيادات لتسيير شؤون وزارة الصحة بعد إيقاف غالبية رؤسائها بتهم الفساد.
ولم تتوقف قضايا الفساد الأخيرة عن هذا الحد، بعدما كشف “الصديق الصور”، عن فساد كبير يتعلق بالمصرف الخارجي، الذي يدير الاستثمارات الليبية، قائلاً إن هناك إهدار لنحو 800 مليون دولار في استثمارات غير مدرجة، ما ترتب عليها أضرار جسيمة في المال العام.
وأكد “مؤشر مدركات الفساد”، في ليبيا، أن البلد من بين الدول الـ10 الأكثر فساداً في العالم. وما بين العام 2012 و2017 لم تخرج ليبيا عن الـ20 دولة الأكثر فسادا في العالم، بل كانت في أغلب هذه السنوات في العشر مراتب الأخيرة.
ومن البداية، ظهر “لصوص فبراير”، بعدما تكشفت مبكرا للغاية وفي عام ،2012 وقائع عملية فساد كبرى داخل المؤسسة الليبية للاستثمار، ووفق تقارير منشورة، فقد فقدت من رصيدها أنذاك في لبنان، مبلغ 2.15 مليار دولار، كان من المفترض إلى تصل إلى مصرف ليبيا المركزي، لكن تلك الأموال لم تدخل ما يؤكّد وقوع شبهة فساد كبرى يتحمل مسؤوليتهم بشكل مباشر أنذاك، مصطفى عبدالجليل.
وسبق أن وجه ديوان المحاسبة، اتهامات صريحة لأشخاص وجهات لم يسمها، بـ”الفساد والخيانة”، ورصد وقائع فساد في قطاعات عدة، وقال “إن ليبيا لا تزال تعاني من “دواعش” الاعتمادات والتحويلات الخارجية من مصرفيين فاسدين، وتجار خونة لم يراعوا حاجة المواطن البسيط في الغذاء، وهم حتى الآن يستمرون في نهش ما تبقى من مقدرات الوطن.
وجاءت ليبيا في المركز 168 بين 180 دولة، وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2019، بما يدل على بؤس الوضع.
في نفس السياق، كشفت تقارير دولية، أن النفط الليبي وهو “عماد الاقتصاد والدخل” في ليبيا لم يسلم من الفساد طيلة العقد الأسود الماضي.
فمنذ نكبة 2011 ، شهد قطاع النفط اليبي، صعوبات جمة سواء بسبب الأوضاع الأمنية التي عطلت عمليات الإنتاج أو عبر انتشار “مافيات الفساد” داخل القطاع، ما أثر بشكل كبير على عائداته وتكبّده خسائر بلغت 68 مليار دولار خلال 5 سنوات من النكبة فقط، ولم يتم بعد حساب خسائر السنوات المتبقية!
ويقال إن الفساد في قطاع النفط الليبي، قصة كاملة من الأهاويل التي عايشتها ليبيا بعد نكبة فبراير 2011.
والخلاصة.. فبراير الأسود لم يحمل معه النعيم والرخاء ووعود الحرية الزائفة، التي وعد بها الخونة والجواسيس، ولكنه حمل لليبيين فساد فاحشًا دمر مقدرات بلدهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى