اقتصادتقاريرمحلي

خلال عقد أسود.. مليارات نهبت بأوجه مختلفة.. والفاعلين يستغلون الفوضى

 

عقد أسود عاشته ليبيا.. بسبب تدخل الناتو في البلاد وتدميرها للوصول إلى حالة الفوضى التي تعيشها اليوم ليتمكن من نهب ثرواتها وخيراتها كيفما يحلو له.

ثروات بالمليارات نهب من ليبيا باعترافات دولية وتقارير موثوقة.. وكان من بينها تصريحات المبعوث الأممي الأسبق غسان سلامة التي قال فيها: «لا يمكن حل الصراع من دون القضاء على نهب المال العام والاقتصاد الأسود في البلاد… (وبها) مليونير جديد يظهر كل يوم نتيجة فساد يندى له الجبين»، ثم تأتي تصريحات صنع الله رئيس مؤسسة النفط ، التي قال فيها إن البنك المركزي أهدر نصف تريليون دولار خلال السنوات الماضية من عائدات النفط، وإن الأموال تذهب إلى «جهات غير معلومة»، الأمر الذي يؤكد حالة النهب الممنهج

لم تكن هذه التصريحات وحدها الكاشف عن مدى الفساد وإهدار ثروات الليبيين، فقد كشف ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية عن تقارير تؤكد تضخم حالة الفساد بشكل مفزع ورهيب في مصروفات ومشاريع نُفّذ بعضها، وبعضها قيد الإنجاز وأخرى وهمية، مبينا أنه تم صرف 277مليار دينار على مشاريع وهمية.

البنك المركزي المتهم بإهدار المال العام قام بتقديم وديعة مالية تجاوزت ثمانية مليارات دولار من دون أي عوائد لمدة أربع سنوات في البنوك التركية إنقاذاً لليرة التركية من السقوط، عدّها البعض «رشوة» لضمان استمرار دعم إردوغان لحكومة الوفاق غير الشرعية.

أما المصرف المركزي في الشرق فموّل الحرب من خلال تدبير المال عن طريق بيع سندات خزانة إلى البنوك المحلية، والتي قال رئيس لجنة السيولة بالبنك المركزي رمزي الآغا إنها قد تكون أكثر من 40 مليار دينار (29 مليار دولار).

الفساد المالي لم يقف عند هذا الحد، بل برز للسطح عبر وسائل الإعلام من خلال الملاسنات والصراع على إدارة أموال النفط والتنافس على النفوذ، حيث وجه محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير إلى صنع الله رسالة أكد فيها المركزي أن مؤسسة النفط لم تورد نحو 3.2 مليار دولار من الإيرادات إلى الخزانة العامة، معبّرا عن تفاجئه من قيام المؤسسة “بحجب الإيرادات” عن حسابات الدولة لدى المركزي، وأشار الكبير في رسالته “إن حجم الإيرادات النفطية الموردة إلى مصرف ليبيا المركزي خلال شهر أكتوبر وحتى منتصف نوفمبر بلغ نحو 15 مليون دولار أميركي فقط، بالرغم من إعلان المؤسسة بلوغ الإنتاج معدل 1.2 مليون برميل يوميّا”

التقارير الأوربية أيضا صبت في إطار النهب للأموال والثروات الليبية، إذ كشفت صحيفة لوباريزيان الفرنسية، عن أن الأموال الليبية المنهوبة من العملة الصعبة الليبية المنهوبة والمهربة والتي بلغت نحو 160 مليون يورو، بيعت بقيمة تتراوح بين 20 و40% من قيمتها الاسمية للمافيا التركية، الأمر الذي يمثل كارثة نهب غير مسبوق، حيث تم الكشف عن إحدى عمليات نهب ثروات الشعب الليبى عن طريق المافيا التركية، وهى عملية واحدة التى تتبعتها أجهزة التحقيق الأوروبية.

كما أنه وفق مصادر مصرفية ليبية تسعى حكومة إردوغان للاستحواذ على الودائع الليبية كديون على حكومة الوفاق غير الشرعية تتعلق بعقود التسليح وجلب المرتزقة وعلاج جرحى الميليشيات بالمستشفيات التركية، وهذه المساعي ليست من تركيا وحدها فقد سبقتها في ذلك بلجيكا.

عمليات النهب لثروات ليبيا ليست حديثة، إنما بدأت منذ اغتيال القائد الشهيد معمر القذافي حيث تم استغلال الفوضى التى شهدتها ليبيا، وجرت أكبر عمليات لنهب الأموال والذهب من البنوك والمؤسسات، من قبل عصابات أوروبية وتركية وبقيادة بعض المسؤولين، ولم تسمح حالة الفوضى التى شهدتها ليبيا فى تتبع هذه العمليات، أو الكشف عنها، لكن الخبراء قدروها بأكثر من 150 مليار يورو.

وفى مارس الماضى أعلن بعض الخبراء الليبيين أن بعض أعضاء الحكومة يقومون بعمليات تهريب أموال الشعب الليبى إلى أنقرة، من خلال اعتمادات بنكية وهمية، يتم من خلالها استيراد سلع معينة وتكون هذه السلع أيضا وهمية للحصول على أموال من البنك المركزى يتمكنون من تهريبها إلى الخارج، كما كشفت مصادر مسؤولة بقوات الكرامة عن تورط النظام التركى فى سرقة 25 مليار دولار من أموال الشعب الليبى، هذا بالإضافة إلى التقارير دولية التي تحدثت عن عمليات تهريب واسعة لاموال ليبية وسبائك ذهب الى تركيا منذ إسقاط الدولة سنة 2011 والتي سيطرت على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية وخاصة على المصرف المركزي الليبي.

من جانب آخر انتشرت كمية من الدولارات بلا قيمة ولكنها ليست مزورة، حيث عرفت بالدولارات المجمدة التي استولت عليها تركيا من بنوك ليبيا ونهبتها لتبيعها في أسواق إسطنبول السوداء، ووفقا لتقارير صحافية، فإن هذه الدولارات لا يمكن إيداعها بالبنوك ولكن يمكن الشراء بها من المحلات لأنها دولارات مجمدة تباع بنصف وربع قيمة الدولار الحقيقة في العاصمة التركية إسطنبول ومصدرها البنوك الليبية.

عمليات نهب أخرى للمال الليبي تكشفت من خلال بيع الاستثمارات الليبية في قارة إفريقيا مقابل أرقام زهيدة تصرف جميعها على المليشيات المسلحة، حيث أنه في دولة زامبيا كان هناك شركة اتصالات تدعى “زامبيا تيل”، وهي شركة برأس مال ليبي كامل 100% وتم التنازل عنها بالكامل بربع ثمنها كرشوة من جانب قادة أحد المليشيات المسؤول عن استثمارات ليبيا في الخارج، كما تم التنازل أيضا عن شركات اتصالات ليبية في الكونغو، بالإضافة إلى التنازل عن آلاف الأفدنة الزراعية التي كانت تستثمرها ليبيا في السودان.

فوزي عمار، أمين عام المركز الليبي للتنافسية الاقتصادية، يكشف وجها آخر للنهب حيث يقول إن الأموال الليبية مجمدة، لكن ايراداتها من فوائد وعمولات فهي غير مجمدة، مضيفا أن هذه الإيرادات تحول لحساب الجهة صاحبة الاستثمار (مؤسسة الاستثمار الليبية، لافيكو (الشركة الليبية للاستثمار الخارجي)، المحفظة طويلة المدى، ومحفظة أفريقيا)، مضيفا أنه في ظل الانقسام السياسي والمؤسسي في ليبيا، تقوم كل هذه الجهات المنقسمة بالصرف على الجهة التي قامت بتعيينها ودعمها.

ووسط كل هذه الأرقام الخيالية التي تقدر بالمليارات لا ننسى ما منحه المسؤولين في الحكومات المتعاقبة للمليشيات، وهنا لا نتحدث عن المرتزقة السوريين، بل عن رئيس الحكومة علي زيدان الذي وافق على منح مليار دينار للمليشيات، كما نتحدث عن مصطفى عبد الجليل الذي منح ربع مليار لمليشيات مجلس اسطنبول السورية للمساعدة في قلب نظام الحكم في دمشق.

كما لا يمكن نسيان أكثر من 9 مليارات دولار خسائر ليبيا بسبب إغلاق انتاج وتصدير النفط في 2020 فقط.

أموال تهدر دون رقيب أو حسيب.. فالفوضى في البلاد خلال عقد كامل من المعاناة كان كفيلا بزيادة النهب والسرقة ومنع المراقبة والحساب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى