تقاريرمحلي

“فبراير”..فصل من كتاب الوطن يروي قصص تآمر وخيانة وملاحم صمود بطلها الزعيم القذافي

تحت عنوان “القذافي.. الأيام الأخيرة”، أذاعت قناة “العربية” وثائقيا، أمس السبت، تابعته قناة”الجماهيرية”، يتناول بدقة أحداث نكبة فبراير بشكل تفصيلي وتفاصيل تُنشر للمرة الأولى، وما كان يدور في الكواليس بين الزعيم الراحل معمر القذافي، ورفقائه.

بداية يرى المتحدث الرسمي باسم اللجنة الشعبية العامة آنذاك، موسى إبراهيم، أنه على الرغم من أن ثقافة التحرر والاستقلالية والسيادة الوطنية كانت الثقافة الرسمية السائدة والتي كان يمثلها الزعيم الراحل معمر القذافي، إلا أنها لم تصل لبعض قطاعات الشعب الذي كان يتعلق بالنموذج الغربي، نموذج الهيمنة الرأسمالي، دون وعي حقيقي بآثار هذه الهيمنة على الوطن، وفق قوله.

• أكاذيب الغرب
وتحدث موسى إبراهيم عن الأكاذيب التي كانت ترددها أطراف المؤامرة، قائلا: وزير خارجية بريطانيا زعم أن القذافي في طريقه للسفر إلى فنزويلا، رغم علم سفير بلاده بأن القذافي موجود داخل ليبيا، وتم اتهامنا بـ 4 جرائم لتهيئة الأمور لما هو قادم، وهي قصف أحياء سكنية والقتل الجماعي لـ 10 آلاف متظاهر، والاغتصاب الجماعي لـ 8 آلاف سيدة، واستجلاب مرتزقة”

وأشار موسى إبراهيم، إلى أنه في الـ 12 من مارس اعترفت الجامعة العربية بما سُمّي بـ “المجلس الانتقالي” كسلطة رسمية للبلاد، كما طلبت من مجلس الأمن فرض حظر جوي على ليبيا، معلقا: “هذا فاجئنا في ليبيا لأننا كنا على علاقة طيبة وممتازة مع أغلب القيادات العربية في ذلك الوقت.

• حتمية إتمام تنفيذ المؤامرة

وأكد إبراهيم أن الغرب قرر أن هذه المؤامرة ضرورية ولازمة، وأنه ليس هناك مساحة لأي قوة إقليمية أن تعارض هذه المؤامرة، متابعا: “باتت ليبيا في عزلة بعد اعتراف العديد من الدول بالمجلس الانتقالي وأُقفلت علينا المنظمات الدولية بسرعة، ولم يكن أمامنا إلا الاتحاد الأفريقي، والذي شكل لجنة برئاسة چاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا.

وأكمل: “وصلت اللجنة إلى طرابلس وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث كانت قوات حلف الناتو قد بدأت في تطبيق قرارات مجلس الأمن، وتحولت ليبيا إلى ساحة عمليات يهاجم منها الطيران أهدافا حيوية بحجة حماية المدنيين.

وواصل: “عرضت اللجنة المُشكّلة من الاتحاد الأفريقي مبادرة قبل بها القذافي لكن الطرف الآخر صد عنها، حيث خرج أعضاء المجلس الانتقالي وأمراء الميليشيات الإرهابية المقاتلة تحت إمرة هذا المجلس رافضين لتدخل الاتحاد الأفريقي، قائلين بأنهم لا يعترفون إلا بوجود الناتو في ليبيا”

• صمود أسطوري في طرابلس

يتطرق موسى إبراهيم إلى الحديث عن مقاومة الزعيم الراحل معمر القذافي ورفقائه لغزو الناتو، يقول: “كانت هناك خطة ممتازة للدفاع عن طرابلس، وكنا متأكدين من الناحية اللوچيستية والعسكرية أنها ستحمي العاصمة لشهور طويلة كنا نأمل خلالها أن نصل إلى حلول معينة للأزمة”

ويروي خليفة فرج، الحارس الشخصي للزعيم الراحل، عن فترة المقاومة في طرابلس، قائلا: “كنا نتنقل في بيوت داخل أحياء طرابلس وضواحيها بشكل طبيعي، حيث كانت علاقات القائد بالليبيين كثيرة وقوية، وعادة كانت ضربات الناتو على بعد كيلومتر إلى كيلومتر ونصف، ووصلت في بعض الأوقات إلى 700 متر بعد ضرب معسكر الفرناج، 5 شهور على هذا الوضع”

• الخروج من طرابلس إلى سرت

ويروي موسى إبراهيم عن تغيير مكان الزعيم القذافي وخروجه من العاصمة طرابلس إلى مسقط رأسه بمدينة سرت، قائلا: “صدرت التوجيهات بالخروج من طرابلس إلى جبهتين، جبهة سرت وجبهة بني وليد، وكانت التعليمات أن يتوجه الدكتور سيف الإسلام ومجموعة من المقاومة، إلى بني وليد، وكنت معهم، بينما اتجه القائد ومجموعات أخرى إلى سرت”

وتابع: “خروجنا من طرابلس كان يعني بالنسبة لنا أن مرحلة معينة من مراحل المقاومة قد انتهت”

بدوره قال خليفة فرج: “تحرك القذافي ومن معه يوم 23 أغسطس الساعة الثالثة عصرا، كنا صائمين في شهر رمضان، خرجنا من طرابلس واتجهنا جنوبا، وواجهنا بعض المشاكل والعقبات في الطريق، حيث فتح علينا شباب باب السيارة، فطلعنا بقوة فقاموا بالرماية علينا بـ 23 طلقة، فسرنا بها مسافة كيلومتر ونصف ثم استبدلناها بأخرى، أعطاها لنا صديق لنكمل بها الرحلة”

• استكمال الصمود في سرت
من جانبه، أكد المرافق الشخصي للزعيم القذافي في سرت، فرج إبراهيم، أنه كان مكلف بتأمين أماكنهم وتنقلاتهم وسياراتهم في سرت، حيث سكنوا في البداية في حي العمارات.

واستطرد فرج إبراهيم، قائلا: “بدأت المسيرة من يوم 24 أغسطس، كنا نرسل التسجيلات إلى الإذاعات المحلية وقناة “الراي” التي كانت تبث من سوريا، كنا نُسجل على”كاسيت” ونحوله إلى “سي دي” ونرسله باستخدام انترنت كنا نمتلكه في ميناء سرت حينها”، وأشار إلى أن الزعيم القذافي لم يستخدم الهاتف خلوي نهائيا طوال فترة بقائه في سرت.

وواصل: “تعرضنا لقصف أثناء تواجدنا في حي العمارات نتج عنه تكسير حائط إحدى الغرف، فعرفنا أنه لابد من تغيير مكان الإقامة، فذهبنا إلى وسط سرت إلى منازل مملوكة لي ولعائلتي، كانوا 3 منازل فتحنا الأسوار بينهم، وظل الزعيم القذافي بها خلال المرحلة من بعد حي العمارات إلى يوم 11 أكتوبر”

وأكمل: “يوم 10 أخذوا المجمع الإداري، والذي يبعد عن منازلنا مسافة 800 متر، كانوا قبلها قد أخذوا إذاعة سرت المحلية وجهاز الأمن الداخلي ومجمع المحاكم، كانت المواجهات تدور بيننا، وعندما حل الليل انسحبوا، وقتها كان لابد لنا أن نخرج قبل الصباح”

وواصل: “كانت أيام صعبة جدا من ناحية المعيشة اليومية، وكان هناك نقص شديد في التموين، ومعدل القصف مرة كل 60 ثانية تسقط قذيفة على الحي الثاني، الذي لا تتجاوز مساحته 1 كيلومتر مربع، ولم تكن لدينا كهرباء، ومشاكل يومية في السيارات، عددنا 300 مقاتل منهم 150 جريح غير قادر على حمل السلاح”

• قرار مغادرة سرت

واصل فرج إبراهيم روايته: “اتخذ القائد قرارا بضرورة اقتحام الحصار لكي نخرج، كانت المواجهات عنيفة جدا وكان يفصلنا شارع لا يتجاوز الـ 8 أمتار”

وأكمل: “أجرينا تجهيزات في سيارة القائد كنوع من التصفيح البدائي بأكياس من الرمل، طاحت قذيفة اخترفت السقف الخرساني الذي كانت تتواجد تحته السيارة وضربتها… الحقيقة نحن تأخرنا في توقيت الخروج، كان الأجدر أن نخرج ليلا عند حوالي الساعة 3 صباحا، لكن الاستطلاع تأخر وخرجنا بعد طلوع الشمس عند الـ 7 صباحا، وقطعنا مسافة أكثر من 5 كيلو في عمق العدو ولم يصمد أمامنا رغم تسليحنا الخفيف، حتى تدخل الطيران بـ 3 ضربات”

وروى فرج تفاصيل القصف الجوي لرتل الزعيم الراحل معمر القذافي، قائلا: “الضربة الأولى أصابت مباشرة سيارة الحراسة المتواجدة خلف سيارة القائد مباشرة، هو كان يركب أحيانا ويترجل أحيانا، حينها كان مترجلا وكان يتحدث مع السائق، عبد العزيز عجاج، وكنت في السيارة التي أمامهم، كنت مستغربا لماذا هم متوقفين”

وزاد: “التفت للخلف لاستبيان الأمر، من قوة الضرب كانت أنفه تنزف والدم يملأ ملابسه، فأنزلت من كانوا معي في السيارة وأركبت القائد ومجموعته، وبمجرد تجمع السيارات التي نجت من القصف الأول، وقعت الضربة الثانية والتي كانت مؤثرة جدا فينا، الآليات دُمّرت تماما ولم يتبق منها شئ، واستشهد كل المقاتلين الذين كنا نعول عليهم في الاقتحام”

وتابع: “بعد تدخل الطيران ترجلنا ولم يعد باستطاعة أحد أن يقود سيارة، بعدها ضربوا ضربة ثالثة على المتبقي من السيارات في الخلف، وكانوا يرونا بالعين المجردة”

واستطرد قائلا: “تحصنّا ببيوت قيد الإنشاء في الزعفران، وبدأت المقاومة من الساعة 7:45 وهم في تقدم علينا ونحن في حالة دفاع، أخذوا طريق المزارع واتجهوا تجاه الغرب، وظلوا يضربوا فينا بالأسلحة الثقيلة، وقتها قرر القائد والمجموعة التي تبقت معه، واستُشهد منهم من استُشهد وأُسر منهم من أُسر، مثل الشهيد الفريق أبو بكر يونس جابر وأبنائه، الخروج من هذه البيوت، وكانت هذه آخر مرة رأيتهم فيها عند الساعة 10 صباحا”

• الشهادة مكافأة الصمود

يكمل القصة محمود عبد الحميد، نجل أخت الزعيم الشهيد معمر القذافي، فيقول: “استدعاني إبراهيم بيت المال وكانت الساعة 1:30 بعد منتصف الليل ليخبرني”

وأكمل: “خرجنا أنا وحنيش نصر بالسيارة من الاستخبارات العسكرية وتوجهنا لمكان يسمى “التسويق الزراعي” في مصراته، وجدنا الجثامين موجودة، جثمان القذافي بعده جثمان أبو بكر يونس بعده جثمان المعتصم بالله”

وتابع: “وضعت الجثامين في السيارة وخرجنا برتل يقارب الـ 20 سيارة، واتجهنا لمكان غير معلوم، بعد أن سرنا لمدة ساعة ونصف، كان الليل قاتم ولا توجد إضاءة في المكان”

وأردف محمود عبد الحميد: “أوقفوا السيارات ونزلوا وحفروا حفرة عميقة، ونزلت أنا وحنيش من السيارة، بعدها أنزلوا الجثامين، وضعوا جثمان أبو بكر يونس أولا، ثم جثمان المعتصم بالله، ثم الزعيم معمر القذافي”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى