
سياسات أصبحت واضحة.. وأطماع لم تعد خفية.. وصلت إلى الجهر بالقول إن ليبيا استراتيجية وطنية لديهم.. إنها إيطاليا التي تعتبر ليبيا شاطئها الرابع..
تجلت أطماع إيطاليا في ليبيا منذ قرون.. ولكنها لم تنتهي مع نهاية الحقبة الاستعمارية.. والتوقيع على اتفاقات ومعاهدات مع ليبيا، ولكنها حجمت في عهد النظام الجماهيري بقيادة الزعيم الراحل معمر القذافي الذي أجبر إيطاليا على تعويض ليبيا والاعتذار لهم.. إلا أن انهيار النظام وانحلال الدولة فتح المجال لتوسع الأطماع وتجسدها على الأرض.
فلا يخفى على أحد أن إيطاليا أرسلت قوات عسكرية إلى ليبيا تحت مظلات عديدة ادعتها لتغطية وقاحة وجود قواتها وانتهاك السيادة الليبية.. كما لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي قامت بها للسيطرة على العديد من مفاصل الدولة من خلال اتفاقيات عديدة بعضها تمكنت من خلالها من الحصول على حصص كبيرة من الاستثمار في النفط والغاز.. ناهيك على المساعي للحصول على قطع كبيرة من كعكة الاستثمار والصيانة في قطاع الكهرباء..
كما يعتقد الكثيرون أن إيطاليا ستأخذ زمام المبادرة في إعادة بناء مطار طرابلس، وهو المشروع الذي أُسند إلى شركة البناء الإيطالية «إينيس» قبل ثلاث سنوات. في مقابل ترددت شائعات بأنها ستتولى بناء طريق سريع طويل على ساحل البحر الأبيض المتوسط في ليبيا، الذي سيربط تونس بمصر عبر ليبيا.
استيراد إيطاليا 8% من غازها الطبيعي من ليبيا خلال العام 2019 ، يعد مؤشرا مهما لمدى سعي روما في الحفاظ على وجودها في ليبيا، وكان الدليل على ذلك عدم إغلاق إيطاليا سفارتها في طرابلس رغم احتدام الحرب خلال السنوات الأخيرة، بينما عديد الدول الأخرى بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة فعلت ذلك.
ما زاد الأمر وضوحا هو تصريحات وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني، الذي قال إن وجود بلاده في ليبيا “جزء من استراتيجية وطنية شاملة، وهناك أهمية مختلفة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، الاقتصادي، التاريخي والثقافي”.. هذه التصريحات التي تنم صراحة عن النوايا الإيطالية بالسيطرة على الأوضاع في ليبيا أثارت موجة من الرفض والاستهجان، خاصة وأنه لم يرد أي رد من الجانب الليبي الرسمي، وحتى من وسائل الإعلام، خاصة وأن الوزير الإيطالي أضاف في ذات الوقت أن نهج بلاده يبقى على حاله دائماً، ما يعني أن ليبيا لطالما كانت هدفا للأطماع الإيطالية.
وكالعادة تأتي الذرائع للتواجد على الأرض إذ يقول “نقدم الدعم والتدريب لقوات الأمن المحلية، ونريد أن نكون مساهمة فعالة وطويلة الأمد إذا أردنا أن نضمن لمؤسسات هذه البلدان إمكانية إدارة حالات الأزمات بشكل مستقل، فيجب أن نعمل في هذا الاتجاه”.
الأطماع الإيطالية ليست خافية على أحد.. وهي كغيرها من الدول تسعى للاستحواذ على أكبر قطعة من الكعكة أو تحقيق حلمها في استعادة الاستعمار لليبيا بأوجه اقتصادية جديدة.



