تقاريرمحلي

أين التنمية من 51 مليار صرفت كميزانيات لهذا البند خلال 6 حكومات متعاقبة 

صرفت مليارات الدينارات في ليبيا تحت بند التنمية والحكومة التسييرية أو تصريف الأعمال، 6 حكومات تعاقبت على ليبيا، كل منها صرفت لها الملايين، ولكن واقع المواطن الليبي لا يزال يعاني الأمرين في مختلف المجالات.

ظروف معيشية صعبة وانقطاع للكهرباء مستمر إن لم يكن إظلام كامل، نقص في السيولة المادية لم يجد طريقة إلى الحل إلا منذ أشهر معدودة، انهيار كامل في البنى التحتية، القطاعين الصحي والتعليمي يشكوان مر الشكوى من نقص الإمكانيات، وما زاد الطين بله، انتشار فيروس كورونا المستجد وما تبعه من نقص إمكانيات وعدم توفر كوادر طبية، الأمر الذي دفع العديد من مراكز العزل والمستشفيات لإغلاق أبوابها.

ولن نتكلم عن الجنوب، فالمعاناة في كل بقعة فيه حدث ولا حرج.. مشاكل مضاعفة، وإهمال وتهميش بات يصفه البعض بالمتعمد.

ولا ننسى الانفلات الأمني، الذي يتسبب في مقتل العشرات إن لم يكن المئات بسبب عدم وجود مؤسسات أمنية وشرطية قادرة على إنفاذ القانون وضبط الأمن وتحقيق الاستقرار.

وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات والأزمات التي يقاسيها الليبيين، لازالت الحكومات المتعاقبة تطالب بمزيد من الميزانيات التي تدعي صرفها على التنمية وتسيير الأعمال.

فبدءا من حكومة عبد الرحيم الكيب التي تولت مقاليد الأمور خلال عامي 2011- 2012، حصلت على 4 مليارات و799 مليون دينار تحت حساب التنمية و 13 مليار و183 مليون دينار كميزانية تسييرية.

أما حكومة علي زيدان التي تقلدت المنصب خلال سنة 2013، فحصلت على 13 مليار و276 مليون دينار، وميزانية تسييرية 14 مليار و231 مليون دينار.

حكومتي علي زيدان وعبد الله الثني، تشاركتا في الميزانية المقرر خلال عامي 2013- 2014، وكان مرصودا تحت بند التنمية 4 مليارات و546 مليون دينار، أما تسيير الأعمار فكانت 3 مليارات و 260 مليون.

لم تبتعدان كثيرا حكومتي خليفة الغويل وعمر الحاسي اللتان تولتا المنصب خلال الفترة من 2014- 2016، فكان بند التنمية 4 مليارات و861 مليون، والتسييرية 3 مليارات و625 مليون دينار.

أما حكومة عبد الله الثني المؤقتة في المنطقة الشرقية فقط، والتي استمر عملها خلال الفترة من 2014 وحتى 2019، فكانت ميزانيتها 7.5 مليار دينار لتسيير الأعمال ومنها كان ينفق على التنمية.

حكومة فايز السراج الموازية في المنطقة الغربية والتي تقلدت المنصب خلال الفترة من 2016 حتى 2021 فكان بند التنمية مصروفا له 16 مليار و66 مليون، أنا تسيير الأعمال فكان مصروفا له 23 مليار و165 مليون دينار، هذا بخلاف ميزانية الطوارئ التي بلغت 5 مليارات و139 مليون دينار.

بحساب بسيط لمجموع الميزانيات المرصودة للتنمية يمكن القول أن إجمالي ما كان يفترض أن يدفع على هذا البند 51 مليار و 687 مليون دينار خلال الفترة من 2011 وحتى بدايات عام 2021.

ولكن السؤال الآن، أين هذه الميزانيات من الدمار الذي تعيشه مختلف المدن الليبية، أين هذه الميزانية من الخراب الذي تشهده سرت وتاورغاء وبنغازي والزاوية ومرزق، أين هذه الميزانيات من الإظلام التام الذي تشهده مختلف المدن الليبية على فترات متقطعة، أين هذه الميزانيات من نقص الأدوية واسطوانات الأكسجين وانعدام الإمكانيات الطبية في مختلف المدن، أين هذه الميزانيات من المدارس المدمرة والطلاب الذين يفترشون الأرض لتلقي العلم.

ببساطة يمكن الإجابة على هذه الأسئلة جميعا من خلال البحث في مؤشرات الفساد في ليبيا، حيث أن ليبيا ومنذ عام 2012 تدحرج ترتيبها إلى الأسوأ في مؤشر الفساد، حتى وصلت إلى الاستقرار لتحتل مكانتها من بين الدول العشرة الأكثر فسادا في ظل فوضى أمنية وسياسية.

فليبيا جاءت في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، عن العام 2020 في مرتبة أسوأ من العام الذي سبقه، إذ احتلت المرتبة 173 من أصل 180 في إشارة لتراجعها 5 مراكز مقارنة مع العام 2019 التي كانت تحتل فيه ليبيا المرتبة 168.

المؤشر اعتمد في تصنيفه على عدد من العوامل لتقييم أداء مؤسسات الدول، أبرزها العمل والمال السياسي ومؤشرات الديموقراطية وحرية التعبير، وكان تنصيف العام 2020 مختلفا قليلا عن سابقيه بعد أن ركزت منظمة الشفافية على إدارة الدول لملف كورونا والإنفاق العام لها، مبينة أن الشعوب فقدت جزءا كبيرا منها في القطاعات العامة بسبب ضعفها في إدارة الأزمات.

ويعكس استقرار ليبيا في المراتب العشرة الأخيرة من أصل 180 بلدا، تحذيرات الأمم المتحدة، ويؤكد ما يرد في تقارير الرقابة المحلية التي يصفها المراقبون بالمخيفة، ويعكس حالة الفوضى التي تعيشها مؤسسات الاقتصاد الرئيسية على رأسها المصرف المركزي و مؤسسة النفط ووزارتا المالية والاقتصاد.

كذلك قال نائب المندوب المكلف لدى البعثة الليبية موسى الشرع، في كلمته خلال فعاليات الدورة الـ ( 32 ) المعنية بمكافحة الفساد التي عقدت بنيويورك، أنه بالرغم من الجهود المبذولة في مجال مكافحة الفساد إلا أن حالات الصراع وعدم الاستقرار التي مرت بها ليبيا خلال السنوات الماضية خلقت بيئة لنهب وتهريب أموال الشعب الليبي خارج البلاد وخسائر تكبدتها ليبيا جراء قيام بعض الدول بوضع اليد على بعض الأصول الليبية الثابتة واستثماراتها العقارية.

وخلال هذا العام تقلدت حكومة عبد الحميد الدبيبة رئاسة الحكومة، ووضعت مبلغ 20 مليار للتنمية، و12 مليار لتسيير الأعمال، إضافة إلى 5 مليارات للطوارئ، إلا أن مجلس النواب لازال لم يمنح الموافقة على الميزانية.

المعلومات الأولية تشير إلى أن حكومة الدبيبة صرفت خلال خمسة أشهر مضت نحو 20 مليار دينار، وهو ما يستكثره العديد من المراقبين.

السؤال المطروح الآن هل ستحتاج حكومة عمرها لا يتجاوز 5 أشهر ونصف هذا المبلغ لتنفيذ مشروعات تنموية حقيقية، أم أن مصير هذه المبالغ سيكون كسابقاتها من الميزانيات؟

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى