محليمقالات

أنواع من الموت تجعل أصحابها في سجل الخالدين وأبودبوس أحدهم

بقلم / امحمد الغول

أنواع من الموت تجعل أصحابها في سجل الخالدين وأبودبوس أحدهم

برحيل الأستاذ الدكتور رجب مفتاح أبودبوس ، أحد وأهم وأبرز فلاسفة القرن العشرين ، فقد انصار الفكر الجماهيري ، رائدا من رواده ، فكما يقال ثمة أنواع من الموت تجعل أصحابها في سجل الخالدين ، وأبودبوس أحد هؤلاء .

فهو المفكر الذي حاور كبار المفكرين والكتاب في العالم من روجيه غارودي إلى روبرت شارفان إلى فوكوياما ، وانبهروا بتحليلاته ، فكان انسانا ومفكرا متفردا ونموذجا ، واستطاع أن يصنع لنفسه المكان الذي يليق به ، وهذا تحول من استاذ جامعي إلى مفكر رفيع المقام .

أن الدكتور أبودبوس كان فيلسوفا ومفكرا ومحاضرا وصحفيا في آن واحد معا ، وهذه حالة استثنائية ، فهو المنظر البارز للاطروحة الجماهيرية والمعمق لشروحها ، كما انه قيمة وقامة فكرية عالمية قل نظيرها ، ارسي مرتكزات عظيمة للفكر الجماهيري ، ويعد المؤسس للمدرج الاخضر ، واكاديمية الفكر الجماهيري ، وآحد المؤسسين لصحيفة الزحف الاخضر ، وخلق منصات للتنوير الثقافي ، وضم لها كوكبة من كبار الاساتذة الأكاديميين والمفكرين من مختلف التخصصات ، حيث كانت لديه نزعة أكاديمية علمية ، وعمل كثيرا لوضع إستراتيجيات ولتاسيس خطاب فكري وعلمي وثقافي وطني وقومي يدرس طبيعة الانظمة السياسية ، من وجهة نظر الفكر ، ومن وجهة نظر علم السياسة ، والنظريات الفكرية ، حيث تشرفت بأن اكون أحد الاعضاء ضمن اللجان آلتي ترأسها رفقة المرحوم الأستاذ عبداللطيف بوكر والدكتور محمد المبروك يونس ، وقدمت لامانة مؤتمر الشعب العام ، واللجنة الدائمة للاعلام العربي بالجامعة العربية .

فهو بحق معلم اجيال كثيرة من الجماهيريين ، ويحظى بمحبة واحترام الجميع ، ورائد لتجديد الفكر السياسي ، عرفته أواخر سبعينيات القرن الماضي .

أن الدكتور رجب أبودبوس كان ناقدا علميا بارائه وكتبه وافكاره ومقالاته ومحاضرته ، للاطروحة الماركسية في عصر طغيان الاتحاد السوفيتي السابق ، وللنظرية  الراسمالية المأزومة ، والانظمة الاصلاحية ذات الحلول التلفيقية ، والعقل الاسلامي التقليدي ، فكل من عرف ابودبوس  يتعلم منه قيمة الانتماء الوطني والفكري والصدق ونظافة اليد ، وسمو الخلق ، وتواضع الفلاسفة والعظماء .

انتظر الدكتور رجب أبودبوس طويلا وهو في المعتقل وخارجه ، بعد ان فقد بصره ، معجزة وطنيه تعيد للوطن نوره وابصاره واعتباره …. ولكن قدر الله وماشاء فعل .

الآن وهو بين يدي الله ، وفي حضن التراب ، بعد إن قضي ثماني اعوام سجينا لا تهمة له ، عدا الانحياز للوطن ومقاومة العدوان الخارجي ، والثبات علي المبدأ .

هل يدفن الفكر وقيم الوفاء ؟

لا والف لا ، وحتما ستتلقفه الاجيال الحاضرة والآتية والقادمة ،

الف رحمة علي روحه الطاهرة والعزاء لاسرته الصغيرة والوطن .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى