محليمقالات

مات الفيلسوف المفكر المعاند الأستاذ الدكتور رجب أبو دبوس

الدكتور المدني الصديق

مات الفيلسوف المفكر المعاند الأستاذ الدكتور رجب أبو دبوس.

لقد تعارفنا في العقد السادس من القرن الماضي، عندما كان هو طالبا بجامعة قاريونس بكلية الآداب، وكنت طالبا في نفس الجامعة بكلية القانون، لقد قرأت له عندما كان يكتب في صحيفة قورينا، وكما عرف الصادق النيهوم بمقالاته الصادمة أحيانا في جريدة “الحقيقة” لصاحبها “رشاد الهوني”، عرف رجب أبو دبوس، أيضا بمقالاته الفكرية في مجلة “قورينا”، وبمداخلاته القوية والمعارضة لكل ماجاء في المحاضرات العامة، التي يلقيها أساتذة تستضيفهم الجامعة، أو أساتذة من داخلها.

وشاءت الأقدار أن نلتقي في مدينة بيزانسون الفرنسية كطلبة دراسات عليا مبعوثيين من نفس الجامعة أي جامعة “قاريونس” لتحضير شهادة الماجستير والدكتوراة، كل حسب تخصصه، وللأمانة كان أكثرنا اجتهادا وقراءة، ولم نلمس عنده ميلا إلى اللهو وتضييع الوقت في العبث والفراغ، كل طلبة الجامعة بكلياتها المختلفة كانوا ينظمون في حفلات متنوعة، لم أشاهده يوما في مثل هذه الحفلات التي كان أساسها التعارف أكثر بين الطلاب.

هذا لا يعني رحمة الله أنه كان معصوما عن الزلل والخطايا وإنما كان السبب يكمن أولا في أنه كان شغوفا بحب خطيبته الآنسة وريدة بوقعيقيص، ثم تزوجها وحضر بها إلى فرنسا وها هي اليوم أرملته، اللهم أعطها الصبر والثواب على وفائها، وهي في الحقيقة فقدته من نكبة عام 2011، عندما ألقي القبض عليه وعُذّب وأُهين ومُنع عليه دواء السكري.

وبعد ثماني سنوات رموه في بيته كفيفا، كل الأوقات عنده متساوية كأن بقية عمره يوم واحد طويل لا شمس ولا قمر ولا نجوم، يوم واحد يجب بقية العمر كله.

أعود لما سبق كنت دوما مخالفا للدكتور رجب في أطروحاته عندما كنا طلبة دراسات عليا، وحتى عندما صرنا أساتذة زملاء مهنة واحدة في الجامعة، ومع ذلك كنا من أعز الأصدقاء وهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى تسامحه وغزارة فكره، فالاختلاف في الراي لايفسد للود قضية، خاصة وأننا صرنا كلا الاثنين ندافع عن نظرية واحدة هي فكر معمر القذافي.

ذات مرة احتجت سفارة الاتحاد السوفييتي في طرابلس على مقالاتينا في جريدة الزحف الأخضر، وكان رد القيادة أنهما يعبران كأساتذة عن رأيهما الشخصي وليس عن موقف القيادة الرسمي.

رحم الله الأستاذ الدكتور رجب بودبوس واجعل كل حرف من كتبه ومقالاته حجة له وليس حجة عليه والهم أختنا العزيزة وريدة زوجة وأرملته وكافة أفراد أسرته جميل الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى