دوليمحليمقالات

محمد موسى يقارن بين اللعبة الأمريكية لتغيير الأنظمة في المشهدين الباكستاني والليبي

بقلم// محمد موسى

محمد موسى يقارن بين اللعبة الأمريكية لتغيير الأنظمة في المشهدين الباكستاني والليبي

قارن الكاتب الصحفي محمد موسى بين اللعبة الأمريكية لتغيير الأنظمة في المشهدين الباكستاني والليبي، وجاء في مقال له:

لعل العبرة الكبرى التي يمكن استخلاصها من المشهد الباكستاني الراهن هي أن لعبة تغيير الأنظمة لم تزل المفضلة لدى البيت الأبيض وفي أروقة أجهزة المخابرات الأمريكية ، قد تختلف وسائل الإدارة الأمريكية في التنفيذ وانما النتيجة واحدة ، في الحالة الليبية قبل عقد من الزمن اقتضى الأمر حشد حلف النيتو وتشكيل تحالف من بعض الأنظمة العربية وتعبئة الأجهزة الإعلامية العربية والعالمية ، بينما في الحالة الباكستانية تم استخدام البرلمان والمحكمة العليا لتغيير النظام والانقلاب على حكومة عمران خان ، في الحالة الليبية كانت التهمة المعلنة للنظام الجماهيري والدولة الليبية هي غياب الديموقراطية على النمط الليبرالي والرأسمالي الموجود في الغرب ، بينما في الحالة الباكستانية فإن وجود التطبيق الغربي للديموقراطية بحذافيره لم يحل دون أن يفرض الغرب أيضا تغيير النظام لمجرد أن الحكومة الباكستانية رفضت الهيمنة الأمريكية على قرارها وعارضت منح امريكا قواعد عسكرية على أراضيها وفقط لأن عمران خان رئيس الوزراء المعزول تجرأ وقال للغربيين : لسنا عبيدا عندكم ..

ما يجري في باكستان إذن هو بكل المقاييس فضيحة سياسية وأخلاقية كبرى للغرب ومزاعمه وترهاته عن الديموقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون ، لقد رأينا رئيس الوزراء المنتخب يتم عزله في مجلس النواب بواسطة أعضاء تم شراء أصواتهم ، رأينا أحزابا في البرلمان الباكستاني يصرح رؤساؤها علنا بانهم يسقطون حكومة عمران خان لأنهم يريدون علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، هو انقلاب مدفوع الاجر إذن ، وحين نقول مدفوع الأجر فليس في الأمر أية مبالغة لأن شهباز شريف الذي اختاره البرلمان لخلافة عمران في رئاسة الحكومة سبق وأن القي القبض عليه في عامي 2019 و2020 بتهم غسيل أموال وسجن في قضايا فساد ثم أفرج عنه أيضا بواسطة قضاة فاسدين ، وما ينطبق على شهباز شريف يسري أيضا على شقيقه رئيس الوزراء الأسبق حليف امريكا الجنرال نواز شريف الذي سبق و حوكم بتهم فساد وعزل من منصبه وفر من باكستان ثم عاد بعد سنوات إليها وسجن ، وكما استخدمت امريكا وفرنسا العملاء في ما سمي المجلس الانتقالي في ليبيا في 2011 ونصبتهم حكاما على ليبيا تستخدم امريكا اليوم عملاء لها في البرلمان والجيش تنصبهم حكاما على باكستان ..

غير أن خروج الجماهير الباكستانية في شوارع المدن الرئيسية اسلام اباد ولاهور وكراتشي وغيرها أمس كان رسالة واضحة بأن الشعب يدرك اللعبة الأمريكية ويرفض تنصيب عملاء امريكا حكاما له ، ولقد كان القائد الشهيد معمر القذافي محبا للشعب الباكستاني المسلم ولطالما وقف مساندا لقضاياه ، وكانت ليبيا في إطار دفاعها عن حقوق المسلمين في العالم قد أيدت سعي الباكستان للحصول على السلاح النووي بعد أن قامت الهند باول تفجير نووي عام 1974 ، وايدت ليبيا جهود وسياسات رئيس الوزراء انذاك ذو الفقار علي بوتو للتخلص من النفوذ الأمريكي التقليدي في باكستان ، لكن امريكا نجحت في تدبير انقلاب عسكري ضد بوتو بقيادة الجنرال ضياء الحق الذي قام بإعدام ذو الفقار بوتو ..

فالصراع السياسي في باكستان هو منذ نحو 50 عاما  بين تيارين : تيار ينزع إلى الاستقلالية ويتشبث بالسيادة ويقاوم الفساد في هياكل السلطة ، وتيار يوالي امريكا ويغرق في الفساد وينتهج التبعية ، و المفارقة أن الموالين لأمريكا في باكستان أيضا يرفعون شعارات الاسلام السياسي وينتمون الى أحزاب وتنظيمات رديفة لتنظيمات الإخوان وداعش في ليبيا ، ولذلك سواء تعلق الأمر بليبيا أو بباكستان فإن الرهان هو دائما على الشعب ، وعلى تجسيده لإرادته في الخلاص من أدوات الغرب وإصراره على سيادة وطنه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى