ليبيون .. خطرها على المصالحة الوطنية ..

بقلم// عبد الله عثمان

ليبيون .. خطرها على المصالحة الوطنية ..

‏(1)

على دأب الليبيون بمختلف مشاربهم وتكويناتهم وملتقياتهم ومؤتمراتهم منذ العام 2011 على ترديد مقولة :

ان ليبيا بحاجة إلى مصالحة وطنية .. وأن الأزمة مستمرة لأننا لم ننجح في تحقيق المصالحة الوطنية ..

ولتصبح اليوم هي “الشعار الامثل” لكسب تأييد وتعاطف القاعدة الشعبية التى تنشد السلام والاستقرار .. وليتسابق كل طرف من الاطراف السياسية على استخدامها لمصلحته السياسية بالنظر الى ماتمر به البلاد اليوم من احتراب وتشظ وانقسام وفساد ..

‏‎(2)

على تجاهل التساؤلات التى ترتبط بهذه المقولة .. مثل :

‏‎1 – هل تختلف المصالحة الوطنية عن ما يسمى بالمصالحات المجتمعية أو الاجتماعية المحلية والتي تعالج الخلافات البينية أو التحت- قطرية بين المدن أو القبائل أو حتى بين مجموعات من الأفراد .. والتي لا تصل خلافاتها إلى درجة الانشطار المجتمعي على مستوى الكيان ككل ..

2 – هل الأزمة الليبية من ذلك النوع من الأزمات التي تحل بالمصالحة الوطنية .. ام  أن الصراع في الحالة الليبية لا يحل من خلال مدخل واولوية المصالحة الوطنية .. لأنها “أزمة سياسية” سيؤدي الوصول الى حلول وتسويات فيها إلى نوع من المصالحة الوطنية ..  وأن محاولة حل هذه الأزمة عبر أدوات المصالحة الوطنية ليست إلا إضاعة للوقت وإطالة للأزمة ودليلا على وجود تشخيص خاطئ لطبيعة الأزمة الليبية وأسبابها ..

3 –  وماهي الظروف والشروط الموضوعية اللازمة لطرح اهداف المصالحة الوطنية .. والضروري توفرها لتجاوز أنواع محددة من الصراعات داخل المجتمعات .. ومن هو الطرف السياسي من الأطراف المتصارعة والمتنازعة على “الشرعية” الذي ينبغي له ان يطرح هذا الخطاب .. وهو الخطاب الذي  يشترط نجاحه ان يطرح من موقع سلطة “شرعية ” وقوة “مسيطرة” .. ليكون مايقدمه محل قبول وتراض .. وليكون مايقدمه كل طرف من تنازل لمصلحة وطنية اسمى واعلى وليس اعتراف واستسلام بلا ثمن في ظل ثقافة مغالبة وتحايل ..

‏‎

‏‎(4)

على اهمية الانطلاق من تشخيص دقيق للأزمة الليبية والذي ينطلق من وجهة نظري  من أن الأزمة في ليبيا اليوم هي “أزمة سياسية ” تحتاج إلى “حلول سياسية” والى “مصالحة سياسية اولا ” وهو التوجه الذي لا يمر بالضرورة عبر المصالحة الوطنية بالمفهوم المحدد للمصطلح ابتداء ( بمعنى أن المصالحة الوطنية ستكون نتيجة للحل السياسي وليست سببا له ) .. وعدم اهمال او تجاهل الطبيعة التكوينية للازمة الليبية من حيث انها ازمة متعددة الوجوه ومتحركة الاطراف ومنتجة عبر تراكمات لمحطات في الزمن والتاريخ .. والذي يتضح من خلال صعوبة تحديد الموضوع الذي ينقسم حوله الليبيون إلى فريقين أو أكثر  .. ومن خلال صعوبة الرصد الدقيق لأطراف الصراع المجتمعي اللذين يجب ان يتم إجراء المصالحة الوطنية بينهم ..

(5)

على اهمية الاتفاق على توصيف دقيق للأزمة السياسية الليبية في لحظتها الحالية من حيث انها :

‏‎(( صراع حول شرعية السلطة )) ..

يجعل من توصيف الصراع من حيث انه :

(( صراع بين من يحتكرون السلطة دون شرعية .. وهم قلة ” الاطراف السياسية التى تتصارع عليها” وتعتبر ان لها حق في الحصول عليها والاستمرار فيها بشرعيات واسانيد مختلفة ))

‏‎وبين ..

‏‎(( من هم خارجها وهم بقية الشعب الذي حدد عدده 2.8 مليون ناخب ( وهم الأغلبية الشعبية ) الذين اعلنوا عن رغبتهم في ممارسة حقهم ومنعوا من ذلك )) ..

‏‎(6)

على الأزمات السياسية ‎التى يدور الصراع فيها بشكل أساسي حول السلطة والثروة والمنافع والمطالب والمظالم والتى لاتحل الا باحد طريقتين :

1- بقيام أحد الأطراف باحتكار السلطة وفرضها على الجميع  ..

او ..

2- بتسوية سياسية عادلة .. تسوية تكون بين اطراف الصراع الرئيسية وليس على حسابهم ..

‏‎(7)

‏‎على اهمية ان تتجه “المصالحات السياسية ” الى الإتفاق على :

1 – رؤية للمصالحة السياسية انطلق من مشروع “اعادة بناء الدولة” واستعادة السيادة وتحقيق العدالة وسلطة القانون ورفع المظالم واستيفاء الحقوق من خلال العدالة والقانون .. ‎رؤية بمضمون ومفهوم يحقق الاهداف المرجوة منها في معالجة اسباب وآثار الأزمة .. ورفض ثقافة الاقصاء .. ومصالحة الذاكرة الوطنية .. والعدالة التصالحية التى تضمن حالة الرضا وجبر الضرر والتعويض ..

2 – مقترح بميثاق وطني يمكن ان يكون بمثابة اساس جديد للتعايش والوئام .. يعالج كافة نقاط الضعف في مشروع الدولة ويكون الإطار المرجعي المحدد لكل وثائقها القانونية ..

3 – مقترح بمشروعات قوانين يمكن ان تجعل من هذه الاهداف تتحول الى صيغ اجماعية ملزمة ..

4 – مقترح بصيغة ادارية عصرية تعالج التهميش والافقار والمركزية والفساد ..

5 – خارطة طريق مجدولة زمنيا تحتوي المعالجات والقرارات والاجراءات اللازمة للوصول الى تحقيق الاهداف النهائية لها ..

Exit mobile version