
حذر المركز الليبي للدراسات الأمنية والسياسية من أن الاستقرار القائم في طرابلس “استقرار مستعار”، موضحًا أن ديناميكيات الجماعات المسلحة منذ تأسيس حكومة الوحدة الوطنية في 2021 لا تشير إلى تفكك، بل إلى تشكّل نظام مسلح أكثر تماسكًا وتنافسًا، قائم على تحالفات متغيرة وصراعات داخل النخبة.
وأشار المركز، في ورقة نشرها على صفحته وطالعتها “الجماهيرية”، إلى أن تفكيك جهاز دعم الاستقرار والمواجهة الأخيرة مع جهاز الردع لا تعني بالضرورة التوحيد، بل قد تعكس إعادة ترتيب تكتيكية داخل منظومة أمنية تعتمد على اشتباكات قصيرة وعنيفة يعقبها تهدئة مؤقتة بهدف إعادة التفاوض على النفوذ وتقاسم السلطة.
وأوضح التقرير، أن الجماعات المسلحة الرئيسية في طرابلس تتجنب الانزلاق إلى عنف شامل، ليس بتنسيق استراتيجي، وإنما بسبب إدراكها المشترك لمخاطر الفوضى، ونقاط ضعفها، والضغوط الخارجية. كما أن التغييرات السياسية في العاصمة تنبع أكثر من تحالفات وتنافسات الفاعلين المسلحين داخل أجهزة الدولة، وليس من اتفاقات رسمية.
وتعتمد حكومة التطبيع، في فرض سلطتها على قدرتها على التنقل في شبكة معقدة من التحالفات المسلحة، بدلاً من الاعتماد على إصلاحات مؤسسية فعلية. وقد ساهمت الترتيبات المالية وتقاسم النفوذ مع هذه الجماعات في تجنب مواجهات كبرى، إلا أن هذه الصيغة تظل هشة، وتواجه خطر الانهيار في حال تراجع عائدات النفط أو تفاقم الأزمة المالية للحكومة.
وحذر المركز، من أن أي انهيار قد يفتح الباب أمام تدخلات من قوات حفتر، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفاء محليين في الغرب، مؤكدًا في الوقت نفسه أن لتركيا دورًا حاسمًا في أي ترتيبات مستقبلية نظرًا لتغلغلها في البنية الأمنية للعاصمة وعلاقاتها المتنامية مع عائلة حفتر.
واختتم التقرير بالتنبيه، إلى أن محاولة طرابلس إعادة ضبط بنيتها الأمنية بعد تفكك بعض أجهزتها، تأتي في ظل نظام هش وعرضة للانهيار، مما يهدد بتداعيات خطيرة على توازن القوى في ليبيا ككل.