محلي

موقع قطري يكشف أسباب تدخل فرنسا لإسقاط النظام في ليبيا 2011

أوج – القاهرة

بعد أن جمعتهما آلة الخراب والدمار، ها قد فرقتهما المكاسب والمصالح، فرنسا وقطر اللتان قادتا التدخل العسكري في ليبيا إبان أحداث 2011م، وكانتا شريكتين في الدمار أينما حل في ليبيا، قبل أن يقع الخلاف بينهما بسبب دعم كل دولة لمعسكر من معسكرات فبراير، وانقلبت الدوحة على باريس، لتكشف الأسباب الحقيقية وراء تدخل الأخيرة في ليبيا البلد الغنية بالنفط.

وعدد موقع العربي الجديد، الممول من قطر، في تقرير له بعنوان “خريطة الأهداف والمصالح.. ماذا تريد فرنسا من ليبيا” طالعته “أوج”، الأسباب الحقيقة وراء التدخل الفرنسي في ليبيا في ظل تصاعد الحرب الكلامية بين باريس وأنقرة.

وقال التقرير إن فرنسا التي قادت عمليات التدخل التي شنها حلف شمال الأطلسي “الناتو” لإسقاط القائد الشهيد، معمر القذافي في الربيع/ مارس 2011م، تمدد دورها خلال السنوات التسع الماضية، إلى درجة تعارض هذا الدور مع دول أعضاء في حلف الناتو، مثل إيطاليا وتالياً تركيا.

وأضاف أن هناك ثلاثة مستويات أساسية، وراء التدخل الفرنسي في ليبيا، يأتي على رأسها النفط والغاز الليبي، حيث لا تقف الأهداف الفرنسية في النفط والغاز الليبي عند الحصول على النسبة الأعظم من صادرات النفط الليبي، حيث كانت تحصل قبل 2011م على 17% من هذه الصادرات، ارتفعت بعدها إلى نحو 33% منها، وتستهلك المحروقات في فرنسا نحو 99% من واراداتها من النفط الليبي.

واستدرك: “ولكن أيضاً يبرز هدف آخر، وهو الاستثمارات الضخمة للشركات الفرنسية في قطاعي النفط والغاز في ليبيا، فعلى سبيل المثال تستحوذ شركة توتال من حقوق التنقيب عن النفط على 75% من حقل الجرف، 30% من حقل الشرارة، 24% من حقل قاع مرزوق، 16% من حقل الواحة، كما حصلت توتال على 16.33% من شركة الواحة، وهي أهم شركة نفطية في ليبيا”.

وتابع: “سعي فرنسا نحو أن تكون لها حصة من عمليات إعادة الإعمار التي يمكن أن تشهدها ليبيا بعد استقرار الأوضاع الأمنية فيها، والتي قدّرت الحكومة الفرنسية في عام 2011م أن ليبيا تحتاج نحو 200 مليار دولار لإعادة الإعمار، بينما قدّرتها الحكومة البريطانية بنحو 320 مليار دولار، وهي أرقام تضاعفت بعد عمليات التخريب والتدمير الشامل التي تعرّضت لها الدولة الليبية خلال السنوات التسع الماضية، ويزيد من أهمية هذا الهدف التنافس الفرنسي مع تركيا في مشروعات إعادة الإعمار، وخصوصا أن تركيا لها نحو 18 مليار دولار عالقة في ليبيا، فقد كانت قد وقعت مع النظام السابق استثمارات مشتركة في البنية التحتية بنحو 24 ملياراً، ومع توتر العلاقات الفرنسية التركية على المسرح الليبي، ستكون فرنسا أكثر حرصاً على تعظيم حصتها في عمليات إعادة الإعمار.

وعن استحواذ شركة توتال الفرنسية في ليبيا، قال “وتستحوذ شركة توتال الفرنسية على 75% من حقل الجرف، 30% من حقل الشرارة، 24% من حقل قاع مرزوق، 16% من حقل الواحة، كأهم شركة نفطية في ليبيا”.

ورأى أن من بين الأهداف الفرنسية تأمين مصالحها الاقتصادية في دول الساحل والصحراء، والتي تقع على الحدود الجغرافية الليبية، مثل تشاد والنيجر ومالي والجزائر، ففرنسا تسيطر على النسبة الأعظم من عمليات التبادل التجاري مع هذه الدول، كما تهيمن على ثرواتها الطبيعية، مثل اليورانيوم في النيجر والذهب في مالي، بجانب استثماراتها الضخمة في قطاعي النفط والغاز في جنوب الجزائر على الحدود المشتركة بين ليبيا والجزائر.

وأردف: “كان من أهداف التدخل العسكري المباشر لقوات حلف الناتو في ليبيا في 2011م، بقيادة فرنسا، وقف التمدّد الاقتصادي الصيني في منطقة شمال أفريقيا، والساحل والصحراء، وخاصة في قطاع الإنشاءات والصادرات الرخيصة، وكذلك البنى التحتية، والنفط، حيث كانت الصين من أهم الشركاء الاستراتيجيين لنظام القذافي”.

وذكر عدد من الأهداف والمصالح العسكرية والأمنية وراء التدخل الفرنسي، على رأسها التوسع في إنشاء القواعد العسكرية الفرنسية على الأراضي الليبية، لحماية الثروات النفطية وتأمينها، وتعزيز الأبعاد الأمنية في دولة تتمتع بأطول شواطئ جنوب المتوسط (1850 كم)، وخصوصا أن لفرنسا خبرة تاريخية سابقة في ذلك، من خلال وجودها العسكري في ولاية فزان الليبية من عام 1943م إلى عام 1951م، وترى أن لها حقاً تاريخياً، بجانب إيطاليا التي كانت تستعمر ليبيا من 1911م حتى الاستقلال.

واستكمل: “يرتبط بهذا الهدف تأمين فرنسا قواعدها العسكرية في منطقة الساحل والصحراء، حيث توجد لها في دول جوار ليبيا: ثلاث قواعد عسكرية في تشاد، من بينها إنجامينا، وقاعدتان في النيجر، ماداما ونيامي، وقاعدتان في مالي، غاو في الشمال، وتيساليت في الجنوب، بجانب قاعدة للقوات الخاصة الفرنسية في بوركينا فاسو، تضم نحو أربعة آلاف جندي فرنسي، وعشرات الطائرات والمدرعات، وتأتي أهمية هذه القواعد في الحفاظ على الدور والنفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية، على خلفية استعمارها التاريخي لمعظم دول القارة، وعملها على استمرار استغلال ثروات هذه الدول ومقدّراتها، والتحكم في نظمها السياسية”.

بالإضافة إلى ذلك، السعي الفرنسي نحو استمرار تدفق سلاحها إلى دول المنطقة، وخصوصا ليبيا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد تعدّدت التقارير الرسمية التي تفيد بأن فرنسا وقعت في عام 2018م، على سبيل المثال، صفقات سلاح إلى مصر بقيمة 14.1 مليار يورو، وبقيمة 9.5 مليارات للإمارات، كان الجزء الأعظم منها يتجه إلى مليشيات خليفة حفتر وقواته، عبر بوابة نظام عبد الفتاح السيسي والقواعد العسكرية المصرية في الصحراء الغربية، كما أن فرنسا صدّرت سلاحاً إلى حفتر بشكل مباشر بما قيمته 295 مليون يورو”.

وتتضمن الأهداف الأمنية والعسكرية أيضاً للسياسة الفرنسية في ليبيا، دعم التدخل العسكري الفرنسي المباشر في مالي، كما حدث في العام م2013، وكذلك عملية برخان لما تسميه فرنسا مواجهة التمرّد، وانطلقت في هانيبال/ أغسطس/ 2014م، ومقرّها مدينة إنجامينا، عاصمة تشاد، وتشمل خمس دول تعرف باسم (جي 5 الساحل)، تشاد، النيجر، مالي، بوركينا فاسو، وموريتانيا، ومن أهدافها المعلنة مقاومة الجماعات الجهادية، والجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية”.

بينما تتركز الأهداف والمصالح السياسية على ما تعتبره فرنسا حقاً لها في دور فاعل في ليبيا، استناداً إلى قيادتها لعمليات حلف الناتو في العام 2011م، وتريد الحصول على ثمن دورها في أحداث 2011م، وقد ذكر وزير الدفاع الفرنسي، جيرار لونجيه، آنذاك، أن بلاده تكلفت 450 مليون دولار، بين الصيف/ يونيو الفاتح/ سبتمبر 2011م، وفي الصيف/ يونيو 2020 يتحدث الرئيس ماكرون عن أضعاف هذا الرقم، حسب التقرير.

كما تهدف فرنسا إلى العمل على تولي دور قيادي في السياسة الخارجية الأوروبية، استناداً إلى خبرتها الاستعمارية في شمال أفريقيا، لذلك جاءت المبادرة الفرنسية بشأن ليبيا، والتي جمعت بين رئيس حكومة الوفاق غير الشرعية، فايز السراج وخليفة حفتر في الماء/ مايو 2018م، ورؤساء مجلس النواب والمجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، ولكن إيطاليا رفضت، وهي التي تنافس فرنسا على هذا الدور، مخرجات تلك المبادرة، ونظمت مؤتمر باليرمو حول ليبيا في الحرث/ نوفمبر 2018م.

وتناول التقرير الموقف الفرنسي من تيارات الإسلام السياسي، والعمل على منع بروز دورها في دول شمال أفريقيا وغربها، حتى لو كان صعودها وفق آليات توافقية سلمية، أو وفق أدوات ديمقراطية، كالانتخابات أو غيرها، لأن فرنسا ترى في صعود هذه التيارات واستقرار أوضاعها تهديداً لمصالحها ونفوذها، ولا تنفصل عن هذا الهدف الرغبة الفرنسية في تحجيم النفوذ التركي في المنطقة، والتي ترى فيه داعماً لمثل هذه التيارات.

وزاد: “من بين الأهداف السياسية كذلك ما يمكن تسميته تصدير الأزمات إلى الخارج، فالرئيس ماكرون يواجه تحديات وانتقادات عديدة لسياسته الداخلية التي انعكست على نتائج الانتخابات البلدية التي شهدتها فرنسا على جولتين في الربيع/ مارس، والصيف/ يونيو 2020م، وكشفت عن نجاحات كبيرة لحزب الخضر الفرنسي وحلفائه من اليسار على حساب حزب الجمهورية إلى الأمام الذي يقوده ماكرون، ولذا يسعى ماكرون إلى تشتيت انتباه المواطنين الفرنسيين عن التحدّيات الداخلية، عبر التصعيد مع تركيا على المسرح الليبي”.

وشدد على أنه من الصعوبة أن تتراجع فرنسا في ليبيا، حتى لو دفعها ذلك إلى التنسيق مع روسيا، على حساب علاقتها بحلفائها في حلف الناتو، إلا إذا كان للولايات المتحدة رأي آخر من شأنه إعادة الأمور إلى نصابها داخل منظومة “الناتو” في مواجهة التهديد الروسي المتنامي في شرق المتوسط وجنوبه، إلا أن الدور الفرنسي في الملف الليبي محكومٌ باعتبارات أساسية، يمكن أن تشكل عائقاً كبيراً للطموحات الفرنسية، حال عدم التعاطي مع هذه الاعتبارات بكفاءة وفاعلية، أولها الصورة الذهنية السلبية لفرنسا في ليبيا ودول المغرب العربي، وكذلك في الغرب الأفريقي ودول الساحل والصحراء، نتيجة خلفيتها الاستعمارية وسياساتها التخريبية في هذه الدول، ويمكن أن تفرز هذه الصورة أعمالا انتقامية عديدة ضد المصالح الفرنسية، ليس فقط في هذه الدول، ولكنها قد تمتد إلى الداخل الفرنسي في شكل عمليات إرهابية أو عنفية.

وقبل تسع سنوات نفذت فرنسا مخططها مع دويلة قطر، للتخلص من القائد الشهيد معمر القذافي، وأظهرت الأدلة والوثائق تورط تنظيم الحمدين في تمويل ودعم المليشيات الإرهابية وجماعة الإسلام السياسي، لنشر الفوضى في البلاد.

وبدأ سيناريو التدخل القطري الفرنسي لتدمير ليبيا، ليس فقط بإثارة الفتن في البلاد، بل أيضا بدعم التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، وصولا إلى القصف العنيف والعشوائي على سرت واغتيال القائد في الـ20 من شهر التمور/أكتوبر 2011م.

وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق غير الشرعية، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، الحكومة المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى