
تقوم طبيعة العلاقات بين الدول على أسس واضحة من التعامل تجسد أهمية ورغبة الدول في بناء علاقات تخدم المصالح العليا لكل دولة، وفق قاعدة الاحترام المتبادل، طبقاً للمواثيق والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات الدولية.
إلا أنّ بعض الدول مثل تركيا دأبت على ممارسة الانتهازية السياسية، واستخدمت شعارات مختلفة، ففي ليبيا استغلت الصراعات الداخلية لإيجاد موطئ قدم لها، وعملت على توظيف التوترات مستغلة هوس ما يسمى آنذاك حكومة الوفاق بطرابلس في جلب قوات جيشها وميليشيات المرتزقة لليبيا، بغية تعظيم نفوذها في المنطقة، وبالتالي مقايضة المجتمع الدولي في المواقف والمصالح السياسية والاقتصادية.
في المقابل، وفي ظل الحالة الليبية الراهنة، زار خلال اليومين الماضيين الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، على رأس وفد وزاري رفيع المستوى العاصمة الليبية طرابلس، في خطوة جريئة أثارت استغراب المراقبين، ذلك أن الحكومة المصرية ما فتئت تكرر على مدى الأشهر الطويلة الماضية أن غرب ليبيا وخاصة العاصمة طرابلس يقبع تحت الحماية والوصاية التركية، وطالما نادت مشكورة القيادة والحكومة المصرية في المحافل العربية والدولية بضرورة اجلاء الوجود العسكري والميليشياوي التركي من غرب ليبيا. نعم هذه حقيقة لا يمكن إنكارها؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما الذي تغيّر في ليبيا بين الأمس واليوم؟ خاصة أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن رئيس الحكومة الليبية الجديدة المؤقتة عبدالحميد الدبيبة، المقرب من جماعة الإخوان المسلمين، يسير بخطى ثابتة على نفس نهج سلفه التركماني فائز السرّاج، رئيس حكومة وفاق الميليشيات المنتهية ولايتها.