محلي

مدير إدارة الميزانية بديوان المحاسبة رضا قرقاب: الميزانية المقترحة تدلل على اتجاه الحكومة نحو التوسع اللامعقول في الإنفاق

كشف مدير إدارة الميزانية بديوان المحاسبة رضا قرقاب أن ميزانية 2021 تختلف بشكل كبير عن سابقتها في 2020 م حيث زادت عنها بنسبة 160% تقريباً لعدة اعتبارات منها التغير في سعر الصرف واتجاه الحكومة نحو التوسع اللامعقول في الإنفاق.
واوضح في لقاء مع لصحيفة صدى الاقتصادية ان الحكومة لم تصدر بشأنها أي تفصيل لأهداف عامة أو أهداف قطاعية مخططة مسبقاً تجعلنا نقتنع بأنها أعدت على أسس علمية أو على الأقل وفق الأعراف المعمول بها في السنوات السابقة .
واضاف قرقاب إن التغير في سعر الصرف يحدث فارقاً كبيراً في الأسعار ، ويؤثر بشكل كامل على البنود التي تتعلق بالتحويلات الخارجية مثل بند الدعم والدراسات العليا والبعثات والأدوية والمحروقات وغيرها ، بالإضافة إلى بعض البنود الأخرى المتعلقة بالإعمار والتنمية ، بنسبة 70% على حد أقصى ، ولكن لا يؤثر بشكل كبير على بنود الباب الأول والبنود الأخرى بالباب الثاني ، و رغم ذلك لازالت الميزانية المعروضة مرتفعة وخالية تماماً من أي إصلاحات للسياسات الاقتصادية القائمة ، كما أن البيئة الحاضنة والقدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني لا يمكنها بأي حال استيعاب ميزانية بهذا الحجم حتى لو اعتمدت في حينها لاسيما والحكومة على أبواب النصف الثاني من السنة المالية وبالتالي ضياع فرصة خمسة أشهر سابقة في تنفيذها ، ما سوف يجعلها تتكالب في اتجاه الإنجاز واستنفاذ أكبر قدر ممكن من المخصصات دون تحقيق أي أهداف ، ولعل حجم القرارات الصادرة عن حكومة الوحدة الوطنية مؤخراً بشأن الإذن بالتعاقد بالتكليف المباشر واستثناء بعض العقود والقطاعات من لائحة العقود الإدارية والوعود العاطفية بإنشاء بعض المشروعات هنا وهناك خير شاهداً على ذلك .
واشار قرقاب الى أن هناك أسباب أخرى ساهمت في ارتفاع الميزانية منها تضمين الحكومة مصروفات الباب الأول التي كانت تصرف بالزيادة وخارج منظومة الرقم الوطني بالحكومة الليبية المؤقتة سابقاً ، بالإضافة إلى 20% من مرتبات بعض القطاعات التي تم خصمها في السنة السابقة و قيمة المرتبات المرحلة سابقاً التي لم يتم الإفراج عليها حتى هذا التاريخ ، ما أدى إلى ارتفاع مخصصات الباب الأول من 21,9 مليار إلى 34,9 مليار دينار مؤكدا انها زيادة غير مبررة حيث يتطلب الأمر فلترة المرتبات التي انضمت للمنظومة خلال الفترة الأخيرة والتحقق من سلامتها ومن عدم وجود أي ازدواجية بشأنها ، واستبعاد الزيادة الناتجة عن تضمين التزامات السنوات السابقة ، وتبني مبدأ العدالة الاجتماعية وإصلاح نظام المرتبات .
وقال قرقاب إن الباب الثاني يتأثر بالتغير في سعر الصرف ولكن ليس بذلك الحجم الذي تم انعكاسه بمشروع الميزانية وبالتالي فإن مقدار التغير من 3,8 مليار إلى نحو 16 مليار غير منطقي حتى لو أخدنا في الاعتبار التوسع في هيكلة الحكومة بزيادة عدد الوزارات والهيئات وما يترتب على ذلك من أعباء إضافية تتحملها الميزانية مقابل تحقيق أهداف سياسية على حساب الأهداف المؤسسية والتنموية .
وقال قرقاب ان ميزانية التنمية لابد ان تسبقها خطة تنموية واضحة الأهداف والبرامج يفترض أن تعدها الحكومة بشكل مسبق تم تعكسها في أرقام ومؤشرات يتم تضمينها بالميزانية في شكل مشروعات محددة يتم التركيز فيها على استكمال المشروعات القائمة لزيادة الطاقة الاستيعابية وتجنب الدخول في مشروعات جديدة لا تتطلبها المرحلة ، أما ما تم تضمينه بنحو 22 مليار وبفارق 20 مليار دينار عن السنة السابقة فما هي إلا بنود فضفاضة لا تستند على أي قواعد في اعدادها خاصة في ظل عدم توفر قاعدة بيانات كافية لدى الحكومة، ولا أعتبرها من وجهة نظري الشخصية إلا فاتحة شهية للقطاع الخاص المحلي أوالخارجي ودغدغة لمشاعر الشباب بتخصيص مبلغ 100 مليون دينار بمسمى برامج الشباب دون تخطيط مسبق لها وينطبق الأمر ذاته على المشروعات التنموية بالمحليات وبرامج إعادة الإعمار.
وبين ان ارتفاع مخصصات الدعم بين السنة السابقة والسنة الحالية من 5,6 مليار إلى 23 مليار باحتساب معادلة سعر الصرف يعتبر مبرر في بعض البنود كدعم الأدوية والمحروقات إذا أُخد في الاعتبار زيادة مخصصات القطاعات المقابلة لها إلا أن هذه الزيادة لاتعكس وجود رغبة لدى الحكومة في تحسين سياستها في إدارة تلك الملفات.
واوضح ان ارتفاع مخصص علاوة الزوجة والأبناء الذي قدر بنحو 6,2 مليار دينار يعد ارتفاعا غير منطقي إذا ما قورن بمخصصات الميزانية العامة للدولة عن العام 2013 م حيث لم تتجاوز مخصصات العلاوة كاملة 2.4 مليار دينار وهو فارق لا يتناسب مع زيادة عدد السكان.
وقال ان استحداث باب خامس بالميزانية العامة فهو استمرار لبدعة لا مبرر لها بالقانون وقد قدر بواقع 3.5 مليار دينار كمخصصات طواري في حين كانت بنحو 5 مليار دينار في السنة السابقة وأن هذا التغير لا يعد تخفيضاً حقيقياً في مخصصات البند إذا ما أخد في الاعتبار تخصيص مبلغ 2 مليار دينار لبند المتفرقات الذي لم يتجاوز 71 مليون دينار في السنة السابقة خاصة في ظل اشتراك البندين في عدم وجود مواد حاكمة لهما ما كان ولا زال مدعاة للفساد والتصرف في تلك المخصصات بدون ضوابط ، ناهيك على أن هذه البنود جاءت مخالفة لقواعد إعداد الموازنة العامة التي تقوم على نظرية الأموال المخصصة.
واضاف أن جانب الإيرادات وخاصة النفطية يتأثر بشكل مباشر بالتغير في سعر الصرف وعلى هذا الأساس تم احتساب الإيرادات النفطية بقيمة 94 مليار وقد اعتمدت في ذلك على سعر 4.48 دينار مقابل الدولار الواحد بدل اعتمادها على السعر التوازني ، ما يعني بأن الحكومة أصدرت حكماً مسبقاً بعدم التعديل في سعر الصرف على الأقل خلال العام الجاري ، كما أن القيمة احتسبت على أساس معدل انتاج 1.100 برميل بسعر 50 دولار للبرميل دون الأخد في الاعتبار التغيرات المحتملة في أسعار السوق أو اختلال معدلات الإنتاج لا سيما وأن البيئة غير مستقرة ولدينا تجارب سابقة في هذا المجال كان على الحكومة أخدها في الاعتبار ، أما باقي الإيرادات كالجمارك والضرائب مثلاً رغم تأثرها بشكل غير مباشر بالتغير في سعر الصرف إلا أن هذا الأثر لم ينعكس على بنود الميزانية حيث تم ادراجها بمعدل منخفض عن السنة السابقة دون الأخذ في الاعتبار الزيادة الكبيرة في الإنفاق العام وهذا يعكس إما نية الحكومة بشكل مسبق إخفاء إخفاقها في نظم الجباية ومحاولة الظهور بمظهر حسن أو عدم نيتها عقد أي إصلاحات بالخصوص ، أو ربما عدم درايتها بتأثر البنود ببعضها وتلك طامة كبرى ، وينطبق الحال نسبياً على البنود الأخرى في جانب الإيرادات.
واكد قرقاب إن حجم الموازنة في هذه السنة كبير جداً بغض النظر عن التغيرات التي يفرضها سعر الصرف حيث لم تتجاوز التحويلات الخارجية للحكومة في السنة السابقة وفق تقارير مصرف ليبيا المركزي 6 مليار دولار أي ما يعادل 8.4 مليار دينار بسعر صرف 1.4 للدولار وبذلك فإن الزيادة المبررة عند سعر صرف 4.48 دولار لن تتجاوز 27 مليار دينار بالإضافة إلى الزيادة المقررة في مخصصات الباب الأول أو في بعض البنود الإضافية بالباب الثالث إذا ما افترضنا تحويل ما يقارب 70 % منها بالنقد الأجنبي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى