محلي

معيتيقة بين الاحتفال بإجلاء الأمريكان واستقبال الأتراك

معيتيقة بين الاحتفال بإجلاء الأمريكان واستقبال الأتراك

11 يونيو.. ذكرى كان يحتفل فيها الليبيين بعيد إجلاء القواعد والقوات الأمريكية من على أرض الوطن، في هذه الذكرى رفض القائد الشهيد معمر القذافي بقاء أي جنود أمريكان على أرض مطار معيتيقة.

وفي مثل هذا اليوم خرجوا من ليبيا، لتعلن ليبيا تحررها من دنس المحتل الأجنبي، ولكن ذلك المحتل عاد من جديد في صور كثيرة، ولم يقتصر على الأمريكان وحدهم بل الأتراك أيضا أصبح لهم وجود قوي في ليبيا، وقد يكون أكبر وأقوى من غيره على أرض الوطن.

دليل ذلك زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي آكار إلى مطار معيتيقة أمس رفقة خمسة من رجالات الدولة الثقال في أنقرة، زيارة لم يتوجهوا فيها للقاء أي مسؤولين ليبيين ، بل لم يعلم عنها من يسمون المسؤولين أي شيء، زيارة كانت عبر طائرة مجهولة قادمة من صقلية.

آكار رفقة كل من وزير الداخلية ورئيس الاستخبارات ورئيس دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية ومتحدث الرئاسة، حملوا رسائل مهمة للجنود الأتراك الذين التقوهم في القاعدة التركية على أرض ليبيا، كما لم تخلو دلالات الزيارة من الرسائل الموجهة للعالم.

لم تقتصر زيارة آكار على تجاهل المسؤولين الليبيين، الذين لم يكونوا يعلمون بها، وأن الجنود الأتراك وقادتهم في معيتيقة فقط من كانوا ينتظرونها، بل أن قوات الأمن الليبية طردت من المطار ليتولى الجنود الأتراك مهمة تأمين المطار لحين إنزال الطائرة وإتمام اللقاء.

هذه الزيارة بما فيها من انتهاك للسيادة الليبية، وتصريح علني بأن معيتيقة قاعدة تركية على أرض الوطن، أثارت موجة عارمة من الحنق والرفض على مختلف الأوساط الشعبية والحقوقية، ولكنها في الوقت نفسه قوبلت بصمت رهيب من الحكومة والمجلس الرئاسي والمسؤولين.

تجاهل الحكومة وعدم التعليق على الزيارة يبدو وكأنه رضوخ وتسليم بأن تركيا لاعب رئيسي ومتحكم مهم في الشأن الليبي.

من جانب آخر فإن اختيار آكار لهذا اليوم للقيام بعملية الإنزال هذه لم يكن اعتباطا أو دون دراسة مسبقة، فهذا التوقيت تحديدا قد يكون رسالة للولايات المتحدة التي خرجت من ليبيا في مثل هذا اليوم، كما أنها تأتي بعد لقاء جمع وزير الدفاع التركي ونظيريه الإيطالي والبريطاني في جزيرة صقلية، كما أنه يأتي قبيل ثلاثة أيام من اجتماع قادة حلف الناتو.

الرسالة التركية التي مثلتها هذه الزيارة ليست موجهة إلى ليبيا وحدها بالإصرار على بقاء قواتها وقواعدها في ليبيا، بل أنها موجهة للعالم أجمع وقد تشير إلى أن ليبيا إحدى ولاياتها ومستعمراتها وأن الأطماع فيها والاستفادة من ثرواتها يجب أن يكون بتنسيق واضح مع أنقرة.

ما يؤكد أن هذه الزيارة لها ما وراءها أن تصريحات وزير الدفاع التركي عقب الزيارة لم تتضمن أي اعتذار أو محاولة تهدئة على الرغم من الانتقادات الواسعة التي طالتها، بل على العكس، ادعى آكار أن وجود بلاده في ليبيا جاء بناء على اتفاقيات ثنائية يحميها القانون الدولي، كما نوه إلى ما أسماه العلاقة التاريخية التي تربط البلدين، وذلك في إشارة إلى حقبة الاحتلال العثماني لليبيا.

آكار جدد التأكيد أن قوات بلاده ليست قوات أجنبية في ليبيا، ما يدل على أنه يعتبر هذه الأرض ملكا لهم، أو ضمن الولايات القابعة تحت سيطرتهم، كما شدد على استمرار البقاء في ليبيا تحت عباءة تقديم التدريب والمساعدة والدعم الاستشاري للقوات الليبية، على الرغم من أن في ذلك مخالفة صريحة لاتفاق وقف اطلاق النار الذي يدعمه المجتمع الدولي بأسره.

هذه التصريحات التركيات وذلك الاستفزاز يحمل وراءه الكثير من الاحتمالات التي قد لا تكون ظاهرة للشارع الليبي اليوم، خاصة وأن الحكومة والمسؤولين لم يعلقوا على الزيارة المفاجئة التي لم تكترث لهم حتى الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى