محليمقالات

عقيلة دلهوم يكتب عن قناة الجماهيرية واستغلال توقف بثها

عقيلة دلهوم

عقيلة دلهوم يكتب عن قناة الجماهيرية واستغلال توقف بثها

كتب الأكاديمي والإعلامي الدكتور عقيلة دلهوم عن قناة الجماهيرية، معبرا عن تأسفه على توقف بثها الذي فتح المجال أمام “القنوات الفبرايرية”، لتكشر عن أنيابها.

وكتب دلهوم في مقال له عنونه بـ “القطة و الفئران !”:

قناة الجماهيرية، التي يجوز وصفها_ عند الاستشهاد بصفات الكائنات الحية _ بالقط أو النمر، مع أن البعض يُفضل تسميتها “القنفود”، مدحاً أو ذماً، وإن كان القنفود من أكثر الكائنات الحية التي تستطيع الدفاع عن نفسها بالتكور داخل أشواكها ضد سموم العقارب والأفاعي، وهذا أشبه بطريقة حماية قناة “الجماهيرية” لنفسها التي قاومت سموم الأفاعي من حولها في قنوات عابثة بالمصير كعبثِ “الفئران” بالشعير لأكثر من عقد من الزمان، وربما يجوز لي مع توقف بث القناة المشهورة بلقب “الخضره”، أن أستدعي ذلك  المثل الشعبي الليبي القائل: “غاب القط ألعب يا فأر !

فمنذ أن اختفى تردد بث قناة الجماهيرية عن جمهورها، كشرت بعض القنوات الفبرايرية عن أنيابها، فخرجت علينا وجوهاً بائسة و مؤذية على قنوات ليبيا:  الحدث ، المستقبل، الأحرار، فبراير، النبأ ..الخ.

– قناة الجماهيرية التي وصفوها زيفاً انها إخوانية، بينما برامجها تفضح كل ممارسات الإخوان المتأسلمين، فقد ظلت القناة كاشفة لعوراتهم، بينما خضع خصومها المزايدين إلى إرادة الإخوان المتأسلمين في تُركيا و قطر !

– قناة الجماهيرية التي وصفوها زيفاً أنها حفترية، بينما ظلت القناة تلعن حفتر عند كل آذان للصلاة، ولقد بقت هي الصامدة، بينما ذهب خصومها إلى مربع الخيانة في الرجمة صاغرين و راكعين !

– قناة الجماهيرية التي وصفوها زيفاً أنها تتلقى أمولاً طائلة من مصادر مشبوهة، قفلت هذه القناة ترددها عجزاً عن سداد ديونها، ولم تعد مساهمات البسطاء تغطي نفقاتها، بينما انحرف خصومها إلى بيع الخردة والمخدرات وحبوب الهلوسة ، و صاروا ملاكاً للعقارات في أغلى الأماكن داخل ليبيا وخارجها !

– قناة الجماهيرية التي طالما استجدى خصومها إدارتها أن تخفف من وطأة خطابها، لأنها أصبحت سبباً من أسباب فضحهم أمام الرأي العام المحلي والدولي، لكنها رفضت الاستجابة لهم أو الانحدار نحو تلبية شروطهم بغض النظر عن إغراءتهم المادية لها !

مع توقف البث عن قناة الجماهيرية انطلق في فضاء غيرها خطاب الإقصاء والاستهداف  والاستخفاف بشريحة أنصار النظام الجماهيري المخلصة لقضية الوطن، وبدأت ترتفع وتيرة محاولات الإساءة والتشويه لرمزية النظام الجماهيري الشهيد معمر القذافي، والتطاول على عائلته الكريمة، وكذلك لبطل المقاومة و رجل المصالحة الدكتور سيف الإسلام معمر القذافي، واستطاعت هذه القنوات مع اعتماد سياسة “التكرار ” للخبر عند صخ المعلومات المزيفة أن تضع المشاهد أمام حالة من الارتباك؛ بل أن بعضها نجح إلى حد ما في تزوير المواقف والأحداث التاريخية وتقديمها على أنها كانت واجبة وأنها أحداث عظيمة، فعلى سبيل الذكر لا الحصر:

أصبحت حالة التبعية للاستعمار في عهد “المملكة السنوسية” محلاً للفخر بها عند البعض الجاهل للتاريخ، بل فتحت هذه القنوات مساحة الترويج لعودتها !

وارتفعت وتيرة الدعوة إلى الانفصال البرقاوي والطرابلسي والفزاني ضمن اخفاقات العودة إلى ثلاثة رسيم خريطة الأقاليم استعمارية الثلاثة، ثم إلى دمج إقليم فزان بتوزيعه بين بين إقليمي طرابلس وبرقه، وبهذا يتمزق نسيج المجتمع الليبي و وحدة ترابه و موارده بين كتلتين (شرق ستان ليبيا و غرب ستان ليبيا)، ولكل كتلة أجندتها السياسية وتبعيتها الخارجية !

وأصبحت خيانة الجُبناء في حروب الوطن “البعيدة والقريبة” عملاً وطنياً يتباهون به بكل سُذج و سُخف ورياء، وأستطاع “اللقاقه” والمأجورين_ مع غياب الإعلام المُقاوم و الخطاب”التوعوي” بحقيقة المؤامرة على بلادنا_ أن يجيروا عبر وسائل زيفهم لبعض العُملاء و المُتاجرين بمستقبل أجيال الوطن، ليقدموا هؤلاء العاجزين على طبق مُغاير لواقعهم الملوث بالتآمر، فيتوقع البعض الغافل أنهم الأبطال المنقذين !

وعادت لغة التفاخر الوضيع بحلف الفضول الاوروبي وبرمزيته الصهيونية المتمثلة في المجرم برنارد ليفي، وكذلك بتآمر الجامعة العربية، وبقرارات مجلس الأمن الظالم و عبث أممه المتحدة المعتدية على سيادة ليبيا ومواردها وكرامة شعبها،  وأصبح التنافس على الاعتزاز بموالاة الكفار في الثورة المجيدة التي طردت “طاغية الحرية والديموقراطية والسيادة… ” كل ذلك صار متاحا بكل وقاحة !

وصار حصار المدن والقرى الصامدة وإتهام ابناءها بالمتاجرة بالممنوعات أمراً طبيعاً، بينما الحقيقة الدامغة هي أن المتاجرة بالوطن وموارده الطبيعية والبشرية صارت غاية معلنة و مبررة في زمن نكبة 17 فبراير،

وصار الفساد المالي أمراً مقبولاً، نقرأ أرقامه المُفزعة بكل برود و سكون في تقارير ديوان المحاسبة، وكأننا نقرأ اخبار السياسة والرياضة والغناء، فنحتسي معها قهوة الصباح،

وصار تهريب الموارد و تخريد إنجازات ثورة الفاتح من سبتمبر، بل ترويج تجارة المخدرات وتهريب الوقود نشاطاً اقتصادياً فرضته الضرورة، لكي يكون لنا “جيشاً وطنياً” قويا، به من القيادات التي تحمل النياشين المزخرشه والرتب المزيفة ما يُثير الشك في تراتبية و هيكلية ومصداقية هذه التنظيم الهلامي المُنقسم على نفسه، بل نظنه أحياناً أنه المُتآمر الأول على سلامة الوطن بسبب ولاءه لقيادة مُتاجرة و خسيسة !

واصبح إفشال المسار الانتخابي والذهاب إلي خلافه من سلطات عبثية تريد أن تفرض نفسها على إرادة الليبين بقوة السلاح أمراً واقعاً و مؤسفاً !

واصبح التدخل الخارجي في الشأن الليبي في صورة سفارات و منظمات ومخابرات و “عاهرات”، أمراً مسموحاً به، بل مرغوباً فيه من عملاء المؤامرة على بلادنا الذين حلوا عليها عابثين منذ يوم نكبتها!

كل هذا و غيره من الخطاب التآمري الصريح، كانت تتصدى له بقوة قناة الجماهيرية “الخضره”، وبمستويات متفاوتة منذ سنة نكبة 2011م حتى بدايات هذا العام 2022م.

ومع اختفاء قناة الجماهيرية، رأينا بعض أبواق المؤامرة يتنفسون الصٌعداء، يلقون بروث قذارة عقولهم البائسة على منابر التواطؤ الوضيعة. والأكثر تقززاً أننا شاهدنا زيارات يقوم بها بعض العُملاء والخونة لبعض المدن والقرى الصامدة مثل قرية غات العظيمة، وقد نسمع عنهم في غيرها من المدن والقرى الطاهرة!

هكذا دائما عندما يغيب (صوت الحقيقة) ينتشر بديلاً  عنه “هرطقات” ضعاف الثوابت والمنبطحين التي تُحاول تجيير و تلميع الشخصيات الفاسدة والمتآمرة، وتسعى لزرع ثقافة مؤذية غايتها التفريط فى القيم والمبادئ والثواب الوطنية الرائعة والعظيمة..

إن توقف قناة الجماهيرية (الخضره) كانت أشبه “بالشعرة التي قسمت ظهر البعير”، فكيف نكون أصحاب قضية وطنية تمر بمرحلة حرجة وحساسة، وبالمقابل نفتقد إلى الذراع الإعلامي القوي التي يدافع عن رؤسة مشروعنا الوطني ويشحذ عزائم الناس من حولها.. فهل يجوز أن ندافع عن قضيتنا عبر أذرع اعلامية أخرى تنتقي من خطابنا ما يخدم مشروعها التآمري المُستمر ، وهل يجوز أن نستكين و نستسلم في وقت يتطلب أن ننتفض ونقاوم، في وقت يستدعي أن نتصدى للعبث والفساد بكل الوسائل المتاحة، وعدم غض النظر عن كل المحاولات سلب إرادة الشعب الليبي و انتهاك سيادة بلاده ونهب موارده الطبيعية والبشرية؟

وحتى لو كانت هناك اخفاقات في خطاب قناة الجماهيرية _ كما يرى البعض_ هل الأجدى أن نُعالج مواطن الضعف، أليست وجود وسيلة واحدة ” نهابش” بها، أي نصارع بها، أفضل من عدمها ..

ملاحظة:

حتى لا يظن البعض أن لي غاية “نفعية” من وراء ما كتبته، أؤكد لكم بكل يمين مخلص؛ أنني لست من ضمن (الكادر / الملاك) الوظيفي لقناة الجماهيرية، وأنه لا تربطني معها أي صلة انتفاع إدارية أو مالية، وأن كل ما قدمته من خطاب إعلامي عبر فضائها هو في إطار النضال الوطني، وانني لست من الراغبين في الظهور الإعلامي، وأن أغلب ما قدمته من حلقات مرئية جاء للضرورة الوطنية، لكني بالمُقابل اؤكد لكم ان انقطاع بث قناة الجماهيرية هو هزيمة حقيقية لنا كأصحاب قضية وطنية يجب أن ندافع عن ثوابتها بما استطعنا من قوة.

هذه قناعتي الشخصية، جازماً أن أسباب قفل القناة هي مالية صرفة، فهي لا تمتلك موارد ذاتية أو حكومية .. !!

“استمروا في المقاومة ….”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى