اقتصادمحليمقالات

حرق الغاز الطبيعي في ليبيا

بقلم// محمد أحمد

حرق الغاز الطبيعي في ليبيا

يثير الكثير من المهتمين مسألة حرق الغاز الطبيعي في ليبيا من عدة زاويا.

الزاوية الأولى: تتمثل في محاولتهم التنبيه عن هدر وخسارة مورد مالي، وهم بذلك يعبرون عن انتقادهم لعملية إدارة قطاع النفط في ليبيا، وهم أغلبية

الزاوية الثانية: تتمثل في الأثر على البيئة فيما يتعلق بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والصحة العامة وللأسف فأن هذا يثار من قلة

الزاوية الثالثة: تتمثل في التشغيليين الذين يبررون الحرق من ناحية تجارية 

السؤال هنا: هو هل يمكن وقف حرق الغاز والوصول إلى هدف “الحرق صفر، Zero Flaring” كما هو مطالب به

يتحكم في الحرق أربعة عوامل:

العامل الأول: نوعية وحجم الممكن من ناحية كونه مكمن منفصل للغاز أو مصاحب لإنتاج النفط الخام

العامل الثاني: كمية ونوعية الغاز الخارج من ناحية جودته وسهولة فصله واحتواءه على كميات من سوائل الغاز

العامل الثالث: قرب الممكن الغازي من تسهيلات نقل الغاز إلى مواقع الاستهلاك أو التصدير، وسعر بيعه إلى المستعمل النهائي المتاح

العامل الرابع: وجود شبكة أنابيب تسمح بعودة الغاز في حال عدم القدرة على استلامه في نقطة الاستهلاك

وبينما يتواجد في ليبيا مكامن منفصلة للغاز الطبيعي والتي يمكن انتاجه منها أما مباشرة أم قفلها في حالة عدم تجاريتها، ألا أن معظم الغاز الخارج يعتبر من نوعية الغاز المصاحب، عليه ينبغي الانتقال إلى الخطوة الثانية التي تحتم تجميعه، فصله ومعالجته وتصريفه تجاريا أو حرقه إذا كانت هذه التكاليف أعلى من سعر بيعه.

جزء كبير من الغاز الطبيعي في حقول شرق ليبيا تم بالفعل تجميعه في شبكة نقل ومعالجة ولا يزال جزء يتم حرقه لعوامل عدة.  في غرب ليبيا يتم حرق الغاز فيما عدا الغاز المنتج من مكامن الغاز الطبيعي المنفصلة في منظومة حقول الوفاء وبحر السلام المغذية لمجمع مليثة فأن الغاز المصاحب. 

يمكن تتبع عمليات حرق الغاز بالتفصيل في العالم وليبيا بموقع: https://flareintel.com/flareintel-t34gh8271

يوضح الموقع مجموعة من الحقائق الهامة، منها:

أولا: الانبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون من كل حقل انتاجي

ثانيا: الكميات المحترقة من الغاز يوميا بالقدم المكعب وسنويا بالمتر المكعب

ثالثا: قيمة الغاز المحترق دولار/امريكي سنويا

رابعا: بعد المسافة بين موقع الحرق وأقرب خط أنابيب لتجميع الغاز

النتائج المهمة من عدة متابعات على الاحصائيات في الصفحة هي:

أولا: مقارنة ببعض الدول المنتجة للنفط (قيمة الغاز المحروق في سنة 2021 هي كما يلي:

………السعودية…….. 311 مليون دولار

………الجزائر………1,016 مليون دولار

………الكويت………92 مليون دولار

………ليبيا………….700 مليون دولار

…….قطر……..171 مليون دولار

وبينما يبدو الرقم مرتفعا بالنسبة إلى ليبيا، ولكن انخفاض الحرق في السعودية يرجع إلى تركز الإنتاج في منطقة جغرافية (شرق المملكة) مما يسهل تجميع الغاز، انخفاض كميات الغاز المصاحب في الكويت وقطر وتركزهما في مناطق صغيرة.

ثانيا:

تحتاج ليبيا إلى استثمار مبالغ مالية كبيرة لتجميع الغاز خصوصا في منطقة الجنوب الغربي مقارنة بالقيمة المستردة منه في حالة عدم الحرق.  وحسب الجدول المرفق المستمد من البيانات المعروضة في الصفحة فأن ليبيا تحتاج إلى استثمار ما يعادل 3.8 مليار دولار لتجميع الغاز المحروق من أهم الحقول، هذا يقارن باسترداد سنوي يقدر بمعدل 326 مليون دولار أي ما يصل إلى 12 سنة تقريبا.

هذا في ظل بيئة الاعمال الحالية في ليبيا لن يكون مجدي اقتصاديا خصوصا إذا ما تم تسويق الغاز في السوق المحلي حيث الأسعار ضعيفة جدا.  وبينما يشير الامر بوضوح إلى عدم جدوى الاقتصاديات ألا أن الاثار البيئية والصحية خصوصا على المدن القريبة من الإنتاج النفطي ستستمر سلبية جدا. 

هناك أمكانية أن يتم تجميع الغاز ونقله بوتيرة أكبر في حقول النافورة وانتصار باسترداد سنوي يصل إلى 55 مليون دولار وباستثمارات بسيطة نتيجة لقرب الحقلين من شبكة تجميع الغاز. 

الكميات المنبعثة الأخرى والتي لم تدخل في الحسابات أعلاه وتصل إلى ما يقارب 350 مليون دولار سيكون من الصعب جدا توفير أي استثمارات لجمعها ونقلها للأسواق نتيجة تبعثرها وبعدها عن شبكة الانابيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى