بعد اعترافها الضمني بعدم شرعية “الوفاق”.. خسائر تركيا تتوالى في ليبيا .

أكدت مصادر ميدانية مُطلعة، مقتل ثلاثة جنود أتراك في ليبيا وإصابة ستة آخرين، ما يجعلها أول خسائر تركية في العملية العسكرية بليبيا التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان آواخر العام الماضي.
وقالت المصادر، في تصريحات لصحيفة “أحوال تركية”، إن جثامين الجنود الأتراك وصلت مطار مصراتة، وأن طائرة تركية خاصة ستنقلها اليوم الجمعة إلى تركيا.
ووفق الصحيفة التركية، كشفت تغريدة على حساب تويتر في حساب الثورة الليبية باللغة الإنجليزية عن وجود عدد من الجنود الأتراك الجرحى في مستشفى مدينة نالوت، فيما لم يُعرف بعد المكان الذي قتل فيه الجنود الأتراك، في وقت تستمر قوات الجيش الليبي بتضييق الخناق على الميليشيات في العاصمة طرابلس.
ورغم استمرارها حتى الآن، إلا أن الجميع يعلم أن حكومة الوفاق التي تشكلت عام 2016م، بناءً على اتفاقية الصخيرات، فإنها وبحسب هذه الإتفاقية صلاحيتها انتهت عام 2018م، وهذا ما أكده الزعيمان؛ الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، حيث اعترفا بذلك حين اتخذا موقفًا مشتركًا من هذه القضية قائم على وقف إطلاق النار.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في مؤتمر صحفي عُقد بعد انتهاء محادثات الزعيمين، إن قادة روسيا وتركيا اتخذا موقفًا مشتركًا من القضية الليبية، ودعيا إلى إيجاد حلٍ سلمي للأزمة.
وأكد مصدر دبلوماسي مُطلع، أن زعيما روسيا وتركيا دعيا لإيجاد حلٍ سلمي للأزمة الليبية يرتكز على بنود اتفاق الصخيرات، مشيرًا إلى أنه وفقًا لهذه البنود فإن حكومة الوفاق تصبح غير شرعية ومنتهية الصلاحية.
وقال المصدر، في تصريحات لـ”أوج”، إنه بعد ترحيب البعثة الأممية بالبيان الروسي التركي، فإن على الأمم المتحدة أن تعي انتباهًا، أن تلك الحكومة أصبحت غير شرعية، وأن تدعو الى تطبيق كل بنود اتفاق الصخيرات.
وأعرب الرئيسان؛ الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، عن قلقهما البالغ إزاء التطورات الأخيرة في ليبيا، وخاصة القتال المكثف حول طرابلس، مشيرين إلى أن ليبيا عانت طويلاً.
وقال الرئيسان، في بيانٍ مشترك، طالعته “أوج”: “يؤدي تدهور الوضع في ليبيا إلى تقويض أمن واستقرار الجوار الأوسع في ليبيا، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط بأسرها، وكذلك القارة الأفريقية، مما يؤدي إلى هجرة غير شرعية، وزيادة انتشار الأسلحة والإرهاب والأنشطة الإجرامية الأخرى بما في ذلك الإتجار غير المشروع بالبشر”.
وأضاف البيان: “نؤكد من جديد التزامنا القوي بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية، فلا يمكن تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في البلاد إلا من خلال عملية سياسية يقودها ليبيون ويملكونها على أساس حوار مخلص وشامل بين الليبيين”.
وتابع البيان: “إن البحث عن حل عسكري للصراع الدائر في ليبيا لا يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة، ويعمق الانقسامات بين الليبيين، ومن ثم يُمثل ضمان وقف فوري لإطلاق النار الأولوية الأولى لبدء عملية سياسية شاملة داخل ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة، وذلك بناءً على الاتفاق السياسي الليبي لعام 2015م، وقرار مجلس الأمن رقم 2259 وغيره من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
وواصل: “نحن ندعم عملية برلين المستمرة، والتي تهدف إلى تهيئة جو مواتٍ لتنشيط العملية السياسية التي تسهلها الأمم المتحدة، ونُذكّر أن العملية يمكن أن تسفر عن نتائج ملموسة، بمشاركة والتزام الليبيين والبلدان المجاورة”.
وأردف: “في ظل الظروف الحرجة الحالية وفي ضوء الأهداف المحددة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، قررنا أن نأخذ زمام المبادرة، وكوسيط، ندعو جميع الأطراف في ليبيا إلى وقف الأعمال العدائية اعتبارًا من الساعة 00.00 يوم 12 آي النار/يناير، بإعلان وقف دائم لإطلاق النار، مدعوم بالتدابير اللازمة الواجب اتخاذها لاستقرار الوضع على الأرض وتطبيع الحياة اليومية في طرابلس وغيرها من المدن، والتجمع على الفور حول طاولة المفاوضات بهدف وضع حد لمعاناة الليبيين الناس وإعادة السلام والازدهار في البلاد.
واختتم: “نحن على ثقة من أن الليبيين يمكنهم أن يقرروا بشكل مستقل، مستقبل وطنهم في إطار حوار على مستوى الدولة مع مراعاة مصالح جميع مواطنيها دون استثناء”.
ومن المقرر أن تستضيف ألمانيا مؤتمرًا دوليًا سيعقد في برلين حول ليبيا، في محاولة التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة الليبية.
يُذكر أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن في نبأ نقله موقع “الحرة” الأمريكي، طالعته “أوج”، انطلاق قوات من الجيش التركي في التحرك إلى ليبيا، مشيرًا إلى أن ذلك من أجل “التعاون وحفظ الاستقرار”، على حد زعمه.
وصوّت مجلس النواب المُنعقد في طبرق، خلال جلسة طارئة، بالإجماع على رفض مذكرتي التفاهم، الموقعتان بين الحكومة التركية، وحكومة الوفاق غير الشرعية.
وتضمنت الجلسة أيضًا التصويت على سحب الاعتراف بحكومة الوفاق، وإحالة الموقعين على الاتفاقيتين الأمنية والبحرية مع تركيا للقضاء بتهمة الخيانة العظمى.
ووافق البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا بأغلبية 325 صوتا، مقابل معارضة 184 عضوا، وفقًا لمذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين حكومة الوفاق غير الشرعية، برئاسة فائز السراج وتركيا بقيادة رجب طيب أردوغان.
وجاءت مواقفة البرلمان التركي خلال الجلسة التي انعقدت يوم 2 آي النار/يناير الجاري، والتي استمعت لكل الكتل البرلمانية المؤيدة والمعارضة، بناء على دعوة رئيس البرلمان التركي، الجمعية العامة للبرلمان، إلى اجتماع لمناقشة مذكرة رئاسية حول تفويض إرسال جنود إلى ليبيا.
وجدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في وقت سابق، تأكيده على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، بعدما تقدمت حكومة الوفاق غير الشرعية، بطلب ذلك رسميا.
وقال أردوغان، في كلمة له، تابعتها “أوج”، إنه سيعرض مشروع قانون لنشر القوات في ليبيا على البرلمان التركي للحصول على الموافقة، عندما يستأنف عمله في آي النار/ يناير الجاري، تلبية للوفاق، مشددا على أن بلاده ستواصل دعمها بكل الأشكال لحكومة الوفاق التي تقاتل ضد “حفتر الانقلابي” الذي تدعمه دول كثيرة بينها دول عربية.
وتتمحور مذكرتي التفاهم الأمني والبحري بين حكومة الوفاق غير الشرعية، برئاسة فائز السراج، والنظام التركي بقيادة رجب طيب أردوغان، حول السيطرة على الموارد الليبية، وبالتحديد النفط، خصوصا أن أنقرة تشهد حالة من الضعف الاقتصادي، لاسيما بعد العقوبات الأمريكية، فتحاول تعويض خسائرها من البوابة الليبية.
وفي الوقت الذي تحاول تركيا إنعاش اقتصادها المتداعى بتحقيق أقصى استفادة من الاتفاق المزعوم، يعيش الليبيون حالة صعبة بسبب الحرب الدائرة التي تشعلها حكومة الوفاق وتُفرغ خزائنها على رواتب المرتزقة والميليشيات التي تستخدمها في إذكاء الصراع كمحاولة بائسة للحفاظ على كراسيها التي أصبحت تتهاوى وتذروها الرياح.
الأوضاع الاقتصادية الليبية البائسة لم تتوقف عند نار الحرب الدائرة، بل ترتب عليها أوضاع قاسية مثل غياب السيولة في المصارف والبنوك، فضلا عن تراكم القمامة، وبالتالي انتشار الأمراض المعدية، على رأسها الليشمانيا، التي تنتشر بين الليبيين كالنار في الهشيم، بالإضافة إلى ظاهرة التسول كزائر جديد على ليبيا التي كانت تشهد حالة من الانتعاش الاقتصادي أيام النظام الجماهيري، لكن يبدو أن الطموح العثماني له رأي آخر بالتعويل على جهود فائز السراج، ذراعهم في ليبيا.




