تقاريرمحلي

في ذكرى الجلاء.. ليبيا بين الفخر بالماضي والحسرة على الحاضر

في ذكرى الجلاء.. ليبيا بين الفخر بالماضي والحسرة على الحاضر 

في ذكرى الجلاء.. في مثل هذا اليوم منذ عقد مضى، كانت ليبيا تحتفل بفخر بذكرى إجلاء القواعد العسكرية الاستعمارية عن أرض الوطن، كنا نحتفل بقولنا لأمريكا صاحبة النفوذ والسيطرة لا .. هذه الأرض حرام عليك أقدام رجالك.. حيث قال القائد الشهيد الصائم معمر القذافي، صبيحة قيام ثورة سبتمبر 1969 إن “حرية ليبيا تبقي ناقصة طالما لا يزال جندي أجنبي واحد فوق ترابها”.
بالمقارنة بين الأمس واليوم.. أصبحت هذه الأرض حل لأقدام كل مستعمر وكل جندي أجنبي، فأقدام العسكر والمرتزقة الأجانب فيها أكثر من أقدام أهلها وذويها، بعد أن مكن الخونة والعملاء أولئك الذين طردناهم من أرضنا من دخولها حاملين شعارات الفتح الزائفة والحماية الكاذبة..
منذ 51 عاما عندما حاصر القائد الشهيد معمر القذافي ورفاقه قاعدة معيتيقة، وأجبر القوات الأمريكية على الرحيل، حرر الوطن من دنس المستعمر.. ولكن بعد استشهاده جاءت تلك العناصر لليبيا حاملة معها قواعد لها في كل مكان من ليبيا.
في 11 يونيو تم إجلاء خمس قواعد أمريكية “اهمها مطار معتيقة المطار الذي كان سابقا أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات المتحدة، وكانت تعرف باسم “قاعدة ويلس العسكرية أو المّلاحة الامريكية”، كانت سكن وعمل لأكثر من 4600 أمريكي ، ووصفها سفير سابق للولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا تلك القاعدة بكونها “أمريكا مصغرة على ضفاف البحر المتوسط..”
اليوم القوات التركية موجودة في المنطقة الغربية بالكامل وتسيطر سيطرة شبه كاملة على قاعدة معيتيقة، والقوات الإيطالية موجودة في مصراته وتسيطر على مطارها وأقامت قاعدة لها، وهناك العديد والعديد من القوات والقواعد الأجنبية الأخرى في ليبيا.

كلمات لا تنسى

وفي تاريخ الأمم والشعوب لحظات تاريخية ومواقف لا تنسى وتأخذنا الذاكرة إلى مساء ذلك اليوم المشهود – الاثنين الثامن من شهر الكانون« ديسمبر» 1969 حينما استمعت الجماهير إلى صوت قائد الثورة .. الشاب الثائر معمر القذافي .. ولم يمض بعد على الثورة سوى شهور وهو يفتتح مباحثات إجلاء القوات والقواعد الأجنبية عن أرض الوطن ، وكان يوجه حديثه إلى المفاوضين بلهجة واثقة وواضحة و قاطعة”: «إن ليبيا الثورة ليست المملكة المتحدة وان ليبيا الثورة ترفض الأحلاف والقواعد والشروط .. إن ليبيا الثورة تصر على نيل الحرية وترفض استبدال الاستعمار باستعمار.. إن ليبيا الثورة تعرف أهدافها وتعرف مناورات أعدائها .. ليبيا الثورة تقول لكم أيها المفاوضون لا تضيعوا الوقت فيما لا يفيد فلا بقاء لكم ولا أمان .. إن الدستور الذي كفل المعاهدات هو في سلة المهملات، والذي وقعه هو في السجن .والذي اعتمد تلك المعاهدات هو في المنفي »
بهذه الكلمات التي لن تنسى، أنهى القائد الشهيد معمر القذافي المفاوضات برحيلهم، جميعهم أذعنوا للأمر ورحلوا فانتصرت الثورة وتحققت السيادة الكاملة وتحررت الإرادة فوق الأرض الليبية إذ لم يمر وقت طويل حتى شهد شهر الربيع« مارس » 1970 مسيحي انتهاء آخر وجود عسكري بريطاني على الأراضي الليبية، وسجل تاريخ الحادي عشر من يونيو من نفس السنة مغادرة آخر جندي أمريكي لأرض الوطن.
الشهود على العصر يسجلون في روايتهم أسطورة النضال والوطنية التي مثلها القائد الشهيد معمر القذافي، حيق قال العقيد دانيال جميس آمر قاعدة ويلس والمكلف بالتفاوض ” إن أمريكا سعت حينذاك لتأخير التداول حتى سبتمبر 1970 ، لكن معمر القذافي، طالب بتصفية القواعد الأجنبية عن الأراضي الليبية، هددني وسحب علي السلاح ، وأكد أن علي الرحيل خلال شهر ، لذلك أستجبنا لأمر القذافي ، ورحلت قاعدة ويليس خلال شهر ، حيث تم إغلاق القاعدة في 11 يونيو 1970 ، إن رحيل القاعدة بالنسبة لأمريكا كان حزين جداً”.

وثيقة أمريكية تكشف حقائق

ولأن التاريخ لا يمحي حتى وإن تطمست معالمة، كشفت وثيقة مفرج عنها من قبل المخابرات المركزية الامريكية، بتاريخ 3 أغسطس 2005م، عن قبول الحكومة الامريكية الانسحاب من قاعدة ويليس الجوية بطرابلس بعد لقاء جمع مجلس قيادة ثورة الفاتح وممثلين عن الولايات المتحدة الامريكية بتاريخ 11 ديسمبر 1969م، وبينت الوثيقة أن المفاوضات الرسمية بين مجلس قيادة الثورة الجديد والأمريكان بدأت بتاريخ 15 ديسمبر 1969م.
وتضمنت الوثيقة إجبار الامريكان من قبل القيادة الليبية على سحب قواتهم وقواعدهم من ليبيا خلال 100 يوم، كما أُجبرت بريطانيا على إجلاء قواعدها، مبينة أن المملكة المتحدة قد عقدت أول جلسة تفاوض بشأن إخلاء قواعدها، طالب فيها الليبيون بانسحابها على وجه السرعة، حيث اتفق وفد المملكة المتحدة بالإجماع على أنه يجب أن يقدم إطاراً وتاريخًا محددًا للانسحاب في الاجتماع الثاني يوم 13 ديسمبر.
كما أكدت الوثيقة إلى رفض القيادة الليبية للمهلة التي طلبها الأمريكان للرحيل والمتمثلة في مدة زمنية من ستة إلى تسعة أشهر، مشيرة إلى أن الهدف من ذلك هو إمكانية استئناف التدريب الجوي، والخوف من دعوة الليبيين لعناصر معادية لإدارة القاعدة، والاعتقاد بأن التعجيل بالانسحاب سيشجع مجلس قيادة ثورة الفاتح لاتخاذ إجراءات مستعجلة تضر بالولايات المتحدة على نحو خطير، إضافة إلى الخوف على مصالحها في قطاع النفط.
الوثيقة أكدت أيضا أنه طالما أن العلاقات السياسية الليبية الأمريكية مقبولة، فإن ليبيا أقل عرضة لمضايقة المنتجين الأمريكيين، مشيرة إلى حصول ليبيا على 1.3 مليار دولار من عائدات النفط في عام 1969.
ورغم الألم والحسرة.. ستتمكن ليبيا بوطنييها ورجالها الأحرار من إجلاء القوات الأجنبية وإخراج المرتزقة وطرد القواعد العسكرية يوما ما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى